أمر البيت الأبيض قبيل منتصف ليل الاثنين/ الثلاثاء الوكالات الفدرالية الأميركية ببدء تنفيذ آلية لوقف نشاطاتها بعدما فشل الكونغرس الأميركي في إقرار ميزانية العام المالي الجديد، الذي بدأ أمس، في ضوء التباعد الكبير في مواقف الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلس النواب والديمقراطيين المسيطرين على مجلس الشيوخ.

Ad

لأول مرة منذ 17 عاماً، أوقفت الدولة الفدرالية الأميركية صباح أمس نشاطاتها وفق آلية تعطيل ستشمل أجور مئات آلاف الموظفين وتقضي بوقف الأبحاث العلمية وإغلاق الساحات العامة، بعدما عجز «الكونغرس» عن تخطي الخلاف المحتدم حول الميزانية.

وبالرغم من مفاوضات مكثفة وليلة كاملة شهدت تبادل نصوص بين مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون ومجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، لم يتم إقرار أي مشروع ميزانية قبل حلول استحقاق السنة المالية الجديدة 2014 التي بدأت في منتصف ليل الاثنين- الثلاثاء (4،00 تغ).

ويدور المأزق الحقيقي حول نظام «أوباماكير» الصحي، وهو التسمية التي تطلق على إصلاح النظام الصحي الذي أقره الرئيس الأميركي باراك أوباما عام 2010 وكان أبرز انجازات ولايته الرئاسية الأولى. ويسعى الجمهوريون لربط أي اتفاق على ميزانية بتأخير بدء تطبيق إصلاح الضمان الصحي أو تفكيكه أو إلغاء تمويله.

وعلى خلفية هذه العرقلة القائمة، أمر البيت الأبيض قبيل منتصف ليل الاثنين/ الثلاثاء الوكالات الفدرالية ببدء تنفيذ آلية وقف نشاطاتها جزئياً وفق إجراءات كانت تهيأت لها.

وأعلنت مديرة مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض سيلفيا ماثيوز بورويل، في مذكرة، أنه «ليس لدينا للأسف مؤشر واضح بأن الكونغرس سيتحرك في الوقت المناسب حتى يوقع الرئيس على ميزانية قبل انتهاء مهلة الغد (أمس) في الأول من أكتوبر 2013». وتابعت: «على الوكالات الآن تنفيذ الخطط لتعطيل نشاطاتها بشكل منتظم في غياب الأموال».

 

شل الدولة 

 

وحاول الرئيس أوباما، الذي أصدر قانوناً فورياً يضمن دفع رواتب العسكريين في الوقت المحدد مهما حصل، القيام بمبادرة أخيرة أمس الأول، إذ حذر من أن شلل الدولة الفدرالية ستترتب عليه «عواقب اقتصادية فعلية على الناس في الحياة الحقيقية وبشكل آني».

وبعيد منتصف الليل كتب الرئيس، في تغريدة على موقع تويتر: «أقدموا فعلاً على ذلك. مجموعة من الجمهوريين في مجلس النواب فرضوا للتو تعطيلاً حكومياً حول أوباماكير بدل إقرار ميزانية حقيقية».

وكان أوباما اتهم في وقت سابق الجمهوريين باحتجاز أميركا رهينة لمطالبهم السياسية «المتطرفة»، بينما رد خصومه باتهام حلفائه الديمقراطيين بالغطرسة.

وقال الرئيس الأميركي، في كلمة تلفزيونية وجهها من البيت الأبيض: «لا يمكنكم الحصول على فدية من أجل القيام بعملكم، القيام بما يفترض بكم القيام به في مطلق الأحوال»، مضيفاً: «إن فصيلاً واحداً من حزب واحد في مجلس واحد من الكونغرس في فرع واحد من الحكومة لا يمكنه تعطيل الحكومة برمتها لمجرد شن معركة جديدة على نتائج انتخابات»، في إشارة إلى إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية.

وقال رئيس مجلس النواب جون باينر، في كلمة ألقاها في المجلس: «لم آت إلى هنا لتعطيل الحكومة. الشعب الأميركي لا يريد تعطيلاً، وأنا أيضاً لا أريده».

ويشكل فشل الكونغرس في التوافق ذروة صراع متواصل منذ 33 شهراً حول الميزانية بين الديمقراطيين والجمهوريين الذين استعادوا السيطرة على مجلس النواب في يناير 2011 مع انتخاب عشرات من أعضاء حركة حزب «الشاي» المحافظة المتطرفة.

 

لا تسوية

 

ولا تظهر أي بوادر تشير إلى تسوية سريعة لهذا المأزق، بينما يحذر خبراء الاقتصاد من انعكاس العرقلة على الانتعاش الاقتصادي الهش في حال استمر تعطيل الجهاز الفدرالي عدة أسابيع.

وستضطر جميع الوكالات الفدرالية من وزارة الدفاع إلى وكالة حماية البيئة، إلى تخفيض موظفيها بشكل فوري إلى الحد الأدنى الأساسي، وفي بعض الأحيان إلى نسبة 5%، مع استثناء الأمن القومي والخدمات الأساسية من آلية التعطيل، الأمر الذي سيضع نحو 800 ألف موظف يعتبرون غير أساسيين من أصل أكثر من مليونين في عطلة غير مدفوعة الأجر إلى أن يتفق الكونغرس على تخصيص ميزانية لتمويل عمل الدولة الفدرالية.

وقال رئيس الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد: «من العار أن ينتهي الأمر بهؤلاء الأشخاص الذين انتخبوا لتمثيل البلاد، أن يمثلوا حزب الشاي والفوضويين»، معتبراً أن «هذه ضربة غير ضرورية لأميركا».

وفي المقابل، كتب الجمهوري تيد بو في حسابه على «تويتر»: «وصلنا إلى هنا لأن الرئيس والديمقراطيين في مجلس الشيوخ أرادوا هذه النتيجة منذ البداية».

(واشنطن، لندن- أ ف ب،

يو بي أي، رويترز)