يرى عدد من خبراء سوق العقار الكويتي ومتابعي الشأن العقاري ان قيام الدولة بشراء شقق سكنية وتوزيعها على اصحاب طلبات الاسكان يعتبر جزءا من حل المشكلة الاسكانية التي اضحت مزمنة على مر السنين.

Ad

ويؤكد هؤلاء لـ«الجريدة» ان الدولة تستطيع تحويل بدل الايجار الشهري المقدر بنحو 150  دينارا الذي تدفعه للمواطن المستحق، ليصبح قسطا من ثمن البيت مشيرين الى ان المواطن على استعداد لدفع اكثر من 150 دينارا ويؤول المنزل في نهاية المطاف في ملكيته له.

وقال عدد منهم ان الجهات المعنية بحل المشكلة الاسكانية تستطيع ايضا اللجوء الى طرق للحل لجأت اليها دول اخرى وحلت مشكلات مواطنيها السكنية بعام واحد مثل كوريا الجنوبية.

وفي المقابل، اكد الجميع ممن تحدثنا اليهم ان كل خطوة تخطوها الجهات المعنية لحل المشكلة الاسكانية في البلاد ستبوء بالفشل ان لم يتوافر عاملان اساسيان للحل الجذري للمشكلة، اولهما الافراج عن الاراضي التي لاتزال تحتكرها الدولة منذ عشرات السنين.

واضافوا ان العامل الآخر هو اشراك القطاع الخاص في عمليات التنمية والحل كلها، وعدم النظر اليه بعقلية حكومية تجارية، اضافة الى تقديم التسهيلات لهذا القطاع الفاعل اسوة بما تقدمه له دول اخرى عربية وخليجية وعالمية.

آراء كثيرة وقفنا عندها في جولتنا كانت محصلتها استطلاعنا التالي:

الهاجري: فكرة غير قابلة للنجاح

دون تحرير الأراضي

 

وصف مدير عام شركة اوتاد العقارية محمد الهاجري ان فكرة قيام الدولة بشراء وتوزيع الشقق السكنية على المواطنين واعتبار بدل الايجار المقدم من قبلها والبالغ 150 دينارا كويتيا قسطا من ثمنها بأنها فكرة غير قابلة للنجاح.

واكد الهاجري ان حل مشكلة السكن في الكويت لن تجد طريقا الى النور الا في حالة افرجت الدولة نسبة ولو ضئيلة من الارض حتى يتسنى ان تبدأ رحلة حل المشكلة الاسكانية بيد القطاع الخاص.

وقال ان الدولة قادرة على شراء تلك الابراج وهي قادرة على تحويل بدل الايجار الى قسط من ثمن المنزل بعد تسليمه اياه، الا ان المتوفر ايضا من الابراج السكنية او العمارات السكنية لا يزيد على 800 شقة سكنية فقط مما يجعل من المتعذر ان يغطي المتوفر عدد الطلبات الذي وصل الى نحو 105 آلاف طلب.

وبين انه ليس من العدل في نظر البعض ان يتم منح قرض اسكاني وقطعة ارض لبعض المواطنين بينما يعطى البعض الآخر شقة سكنية محصورة ضمن مساحة معينة وبتصميم محدد.

ولفت الى ان الامر قد يكون مقبولا من قبل البعض غير ان كثيرين سيرفضون هذه الفكرة.

وقال ان مشكلة السكن في الكويت تجاوزت فيها الحكومة ومجلس الامة والقطاع الخاص ايضا، مرحلة التشخيص فعرف الداء بل وعرف الدواء ولم يبق الا مرحلة العلاج التي تأخرت كثيرا، مبينا ان مشكلة الكويت هي مشكلة صرف الدواء من قبل صيدلية الحكومة لمرض السكن الذي اضحى مزمنا.

ولفت الى ان التجربة التي تتحدث عنها الفكرة لن تتجاوز تجربة الصوابر التي باءت بالفشل في نهاية المطاف، مؤكدا ان كل خطوة لم تقرن بجهد ومساندة القطاع الخاص سيكون مآلها الفشل.

وذكر ان كل خطوة لا تتزامن مع تحرير مزيد من الارض وطرحها امام القطاع الخاص سيكون مآلها الفشل ايضا.

واردف بالقول ان كل خطوة ستعبر الدورة المستندية الحالية التي تعبرها اجراءات الحصول على ترخيص لمشروع مهما كان حجمه هي ايضا مآلها الفشل.

واضاف ان كل خطوة لا تعطي غطاء تشريعيا للقطاع الخاص المنجز لاي مشروع يحفظ له حقوقه هي ايضا خطوة مصيرها الفشل.

من جانب آخر لفت الهاجري الى ان مبلغ  بدل الايجار الذي تقدمه الدولة للمواطن والبالغة قيمته 150 دينار كويتي بالامكان تحويله الى قسط من ثمن البيت الذي تعطيه اياه.

ولفت الى ان المواطن يستأجر الشقة بما يزيد على 150 دينارا كويتيا وقد يصل الى اكثر من 500 دينار كويتي شهريا، وهو لا يحصل في نهاية المطاف على البيت او الشقة التي يدفع ايجارها شهريا، مؤكدا ان المواطن سيجد ان من الافضل ان يدفع المبلغ ثم تكون الشقة التي يستأجرها ملكا له في نهاية الامر.

 

الجراح: فكرة جيدة مع تعذر توفر الطلب

 

اكد رئيس اتحاد العقاريين الكويتيين توفيق الجراح ان الفكر جيدة جدا ولكن المعروض من الشقق السكنية لا يفي بالغرض اذ لا يتجاوز عدد الوحدات السكنية الـ800 وحده امام 105 آلاف طلب سكني متزايدة مسجلة في «الرعاية السكنية».

واضاف الجراح ان الكويت تعاني من شح المنتج العقاري عموما وهذا ما يدفع الى القول ان خطوة اتخاذ اجراء شراء الشقق وتوزيعها على المواطنين من اصحاب طلبات الاسكان هي خطوة منقوصة طالما ان المعروض لا يمكن ان يفي بالغرض ولا يسد الحاجة الكبيرة للشقق السكنية.

ولفت الى ان هناك عدم مبالاة في مسيرة البحث عن حلول، مؤكدا في الوقت ذاته ان اي خطوة تجاه حل المشكلة الاسكانية في الكويت سيكون مصيرها الارفف الى ان يتم الافراج عن مزيد من الاراضي ليأتي بعدها اطلاق العنان للقطاع الخاص كي يدلي بدلوه لحل المشكلة الاسكانية وفق رؤية عصرية ناجحة.

وقال ان هناك امرا يجب ان يراعى حين البحث عن حل للمشكلة الاسكانية مفاده الوقوف على حاجات الناس الضرورية في السكن مع ايجاد نماذج متاحة امام احتياجات الناس المتباينة.

ولفت ايضا الى ان هذا مدعاة للقول ان هناك احجاما من عائلات كويتية يجب النظر اليها من خلال احتياجاتها العمرية وبقية الاحتياجات بحيث يكون مطروحا امامهم عدد من الاختيارات تفي بالغرض المنشود من الحصول على السكن.

ولفت الى ان شح الاراضي سيظل عائقا لمسيرة البحث عن حلول، اضافة الى تهميش القطاع الخاص والنظرة الحكومية التجارية للمشاريع العقارية الخاصة بحل مشكلة الاسكان للمواطنين.

ولفت الى ان هناك اهمالا وسوء تخطيط حكوميين يعملان على تقويض اركان مسيرة التطوير لاي مشروع يطرحه القطاع الخاص بالنسبة للمشاريع الاسكانية، ولهذا فإن حجم الطلبات في ازدياد عاما بعد عام بمعدل بين 8 و10 آلاف طلب سنويا بينما خطوات الجهات المعنية تسير كالسلحفاة في مشوار حل المشكلات وتلبية تلك الطلبات.

واشار الجراح الى ان الحل بيد الجهات الرسمية ومشوار الالف ميل يبدأ بخطوة، والخطوة هي عدم احتكار الارض او في اقل تقدير الافراج عن نسبة تلبي حاجة السوق وتعيد عجلة الاقتصاد والتطوير بشكل خاص الى الدوران بعد ان توقفت شبه نهائيا خصوصا في مجال العقار.

وبين ان هذا لن يتم دون شراكة القطاع الخاص، وهو الذي اثبت وجوده على مر الزمن على المستويات كافة، المحلية والخليجة والعربية والاقليمية والعالمية.

واوضح ان شركات القطاع الخاص الكويتي اثمرت جهودها افكارا تجسدت مشاريع عملاقة خارج السوق المحلي وخارجها، مضيفا ان على الجهات المعنية ان تمنح الثقة الى القطاع الخاص بشكل كاف كي يبدأ دوره في انجاز مشاريع تسهم في تحريك دفة الاقتصاد.

 

المطوع: فكرة جيدة ولكنها تحتاج إلى التنفيذ

 

أكد مدير عام وصاحب مؤسسة عبدالكريم المطوع العقارية بدر المطوع ان الفكرة ممتازة ولكنها تحتاج الى تنفيذ ثم الى دراسة واقعية لحاجة الناس ومدى تقبلهم للفكرة قبل ان يتم اتخاذ أي اجراء بخصوصها.

واضاف المطوع ان الفكرة مطروحة على اساس منازل منخفضة التكاليف وهي حسب الدول التي دخلت عرض التجربة تحتاج فقط الى ستة شهور حتى تسلم المنازل الى اصحابها.

ولفت الى ان هناك شركات كبرى تقدمت الى الجهات الرسمية بذات العرض والفكرة على ان تنجز تلك الشركات مساكن قليلة التكاليف للمواطنين اصحاب الطلبات الاسكانية ويتم تسليمها خلال فترة ستة شهور غير ان جهود تلك الشركات باءت بالفشل ولم تلق فكرتها ادنى اهتمام من الجهات المعنية.

واكد ان تلك الشركات طلبت من الجهات المعنية تخصيص الارض وترك ما تبقى عليها ومع هذا رفضت طلباته وطويت الفكرة.

ولفت الى ان كوريا الشمالية رائدة في التجربة هذه فقد سلمت خلال سنة واحدة 100 الف وحده سكنية الى مواطنيها، والكويت فيها نحو 105 آلاف طلب اسكاني يعني ان المشكلة الاسكانية كلها برمتها تحتاج الى حل جذري خلال عام واحد.

وتوقع المطوع ان المجلس الحالي الذي يعقد عليه الامل في ان ينظر الى المشكلة الاسكانية بعين الاهتمام وان يتم التوصل الى حل جذري لها خلال فترة بسيطة.

ولفت الى ان عقلية الحكومية عقلية تجارية ولا تبحث عن حل لاي مشكلة الا من خلال هذه العقلية.

واكد المطوع ان القطاع الخاص جزء من الاقتصاد الكويتي ويجب ان يؤخذ بعين الاعتبار حين التفكير باي خطوة نحو ايجاد حل للمشكلة الاسكانية وعدم النظر اليه بتلك العقلية الحكومية التجارية.

واضاف ان القطاع الخاص اثمر مشاريع اسهمت في حل مشكلات اسكانية في دول خليجية وعربية متعددة، مضيفا ان تلك الشركات لو وجدت ذاك الاهتمام من قبل الجهات الرسمية في السوق المحلي لكانت ابلت بلاء حسنا في ايجاد حلول وليس حلا واحدا للمشكلة الاسكانية التي باتت مزمنة ومؤرقة للمواطن الكويتي.

ولفت الى ان المواطن الكويتي صار يؤثر الاستئجار لشقق مختلفة الاحجام على ان ينتظر 15 سنة للحصول على قسيمة ارض ثم قرض اسكاني ثم يبدأ رحلة تشييد بيته، مما يعني ان ثلث عمره ينفقه في الانتظار.

واوضح ان هناك افكارا كثيرة لدى القطاع الخاص لا شك كلها تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني عموما ومصلحة السوق العقاري خصوصا، وتسهم كلها في ايجاد حلول ناجحة للمشكلة الاسكانية التي يقول البعض انها اضحت معضلة مستحيلة الحل.

وقال ان المتابع للحلول الاسكانية التي تلجأ اليها بعض الدول يعلم علم اليقين ان الحكومة هنا لو كانت جادة في حل المشكلة الاسكانية لما توانت في ان تحلها في عام واحد مثلما يحدث في دول لديها امكانات مادية وخبرة اقل في العمل بهذا القطاع من القطاع الخاص الكويتي ذي الباع الطويل في المشاريع العقارية.

وقال ان التجربة الكورية خير مثال على هذا فكل مشكلات الكويت الاسكانية تحل وفق الطريقة الكورية التي انجزت مئة الف وحدة في عام واحد فقط.

 

حيدر جمعة: خطوة لتشجيع القطاع

الخاص على العطاء

 

قال مستشار الشركة العربية العقارية حيدر جمعة ان هذه الخطوة المتمثلة في تحويل القسط الذي تدفعه الحكومة للمواطن الذي لا يملك سكنا والبالغ 150 دينارا كويتيا شهريا هي خطوة تشجع القطاع الخاص على مزيد من النشاط والبذل والعطاء، بعكس خطوة السماح بزيادة نسبة البناء في المناطق السكنية التي هي بالضرورة زيادة في الضغط على البنية التحتية والخدمات التي تم انشاؤها لتحمل كثافة سكانية معينة.

وبين جمعة ان مثل هذا الخطوة لن تحقق النتائج المرجوة من حل المشكلة الاسكانية بل تخلق مشكلات سوف تعكف الدولة من جديد على حلها وترصد لها الميزانيات الكبرى وخصوصا مشكلات الضغط على الخدمات من الكهرباء والماء ومواقف السيارات التي تمت اقامة تلك المناطق السكنية لتحمل كثافة معينة اضيفت اليها كثافة فوق الطاقة المحددة لها.

وقال جمعة ان اكبر مشكلة تعاني منها الكويت عند التفكير بالمشكلة الاسكانية هي مشكلة ندرة الاراضي، اي ان مشوار الحل يبدأ بالافراج عن الاراضي.

وذكر ان المشكلة يجب ان تنطلق الدولة لحلها من فكرة طرح اراض امام القطاع الخاص وعند توفيرها الاراضي فإن بقية الحلول سوف تتداعى خلفها ولكن ستبقى الخطوة الاولى هي توفير الارض.