«الدعم الحكومي يناهز 400 مليون دينار سنوياً... وغياب النتائج المرجوة ينذر بتداعيات عكسية مستقبلاً»

Ad

حذر المجلس الأعلى للتخطيط من أن مبلغ الـ400 مليون دينار، الذي تنفقه الحكومة سنويا لدعم العمالة الوطنية، لا يحقق النتائج المرجوة منه، داعيا إلى إجراءات أعمق للحد من التوظيفات الوهمية وارتفاع معدلات البطالة الفعلية.

انتقد تقرير صادر عن المجلس الاعلى للتخطيط المشروع الحكومي لدعم العمالة الوطنية، مشيرا الى ان استمرار منظومة دعم العمالة بالقطاع الخاص الهادفة إلى تقليل فجوة الأجور بين القطاعين الحكومي والخاص بوضعها الحالي سيمثل مشكلة مالية كبرى، حيث وصلت قيمة الدعم المقدم من الدولة للعمالة الوطنية بالقطاع الخاص الى 400 مليون دينار سنويا، الأمر الذي يمثل تحديا آنيا ومستقبليا، إضافة إلى سوء استغلال نظام دعم العمالة وضعف الجهاز الرقابي عليه.

وقال التقرير، الذي رفع الى مجلس الوزراء، والذي حصلت "الجريدة" على نسخة منه، إن قانون دعم العمالة الوطنية بشكله الحالي قاصر، وأدى إلى ظهور الوظائف الوهمية في القطاع الخاص، ما يشير إلى أن المطلوب في مرحلة تطبيق الخطة أعمق بكثير من قانون دعم العمالة الوطنية وفاعليته في القطاع الخاص.

فجوة الأجور

واكد التقرير ان التحدي الأكبر في الاختلالات الهيكلية التي يعانيها سوق العمل بالكويت، إضافة إلى ما سبق، هو الاتساع في الفجوة بين أجور القطاعين العام والخاص، وتركز العمالة الوافدة وهيمنتها على القطاع الخاص، كما أن النسب المفروضة من العمالة الوطنية حسب القانون في القطاع الخاص لم يتم الامتثال لها في بعض القطاعات، إضافة إلى الالتفاف على هذه النسب من بعض المؤسسات والشركات، الأمر الذي أدى إلى الإخفاق في تحقيق أهداف السياسات المتعلقة بسوق العمل.

ولفت الى ان معالجة تشوهات سوق العمل تعتبر من اهم التحديات التي يمكن ان تعزز استدامة النمو الاقتصادي، وفي آن واحد تحسن جودة قوة العمل في القطاعين العام والخاص، ما يساهم في تحقيق الاستخدام الامثل للموارد البشرية الوطنية، باعتبارها الركيزة الاساس في عملية التنمية، حيث طالب "التخطيط" بالتعاون البناء بين السلطة التشريعية والحكومة لمواجهة تلك التحديات، وابرزها التباين في الاجور والرواتب بين القطاعين العام والخاص.

تضخم الرواتب

واوضح التقرير ان تطبيق سياسات سوق العمل في الدولة، اعتمادا على توظيف العمالة الوطنية في القطاع الحكومي، وفقا لمفهوم دولة الرفاهية والرخاء التي تلتزم بتوفير فرص العمل لمواطنيها، ترتبت عليه زيادة رواتب وأجور الموظفين في القطاع الحكومي، وتضخم الحوافز والمنافع المرتبطة بالعمل في القطاع نفسه من مميزات وعلاوات وظروف عمل ميسرة وعدم الاعتماد على الأداء الإنتاجي كمقياس لكفاءتها، حيث أدى ذلك إلى تضخم كبير في أعداد العمالة بالقطاع، حيث إن اتباع الدولة سياسة الضمان الوظيفي للمواطن ترتب عليه تكريس متزايد لممارسة الاعتماد على الحكومة في مجال التشغيل.

واشار الى ان نمط التوظيف الهيكلي ادى الى خلق بطالة طوعية بين منتظري الوظيفة الحكومية، وساهم في وضع لا يسمح للقطاع الخاص باجتذاب العمالة الوطنية، وخلق سوق عمالة متجزئا، فضلا عن ثنائية الأجور واختلال التركيبة السكانية، كما أدى إلى تضخم كبير في بند الأجور والرواتب، وما في حكمها.

اختلالات مالية

وكشف التقرير ان ارتفاع كلفة وحجم الانفاق المالي على مختلف انواع برامج الرعاية والتنمية الاجتماعية يشكل عبئا كبيرا على العوائد النفطية للمحافظة على مستوى الرفاهية الاجتماعية واستدامتها، ويعمق هذا التوجه استمرار النهج المالي المخل لموازنة الدولة، الذي يغلب عليه اتخاذ قرارات ذات طابع سياسي بعيدة كل البعد عن الحقائق الاقتصادية المتعارف عليها، وتساهم هذه الاختلالات الهيكلية في تفاقم الكفاءة الاقتصادية واستدامتها وتشوهات في العدل الاجتماعي.

واستعرض اسباب تعطل المسار الإنمائي، واهمها اختلال الاستدامة الاقتصادية والتأخر في التحول الهيكلي لتعزيز القطاع الخاص واختلال سوق العمل والتركيبة السكانية وضعف الإدارة العام، مشيرا الى ان نتائج التحليل وهذه المرجعيات والاختلالات الهيكلية التي يعانيها الاقتصاد الكويتي تشكل تحديا اقتصاديا هائلا يعوق أداءه التنموي، ويحد قدرته التنافسية وإمكاناته الكامنة.

وفي مقدمة هذه الاختلالات تلك المرتبطة بمرتكز الاستدامة الاقتصادية، خاصة الاختلالات المالية العامة للدولة، والمتمثلة في محدودية إيرادات الدولة من مصادر غير نفطية، والنمو غير المستدام في الإنفاق الجاري، والإفراط في العجز غير النفطي، ما يؤثر في اختلالات المكونات القطاعية للناتج المحلي الإجمالي، خصوصا في القطاع الخاص والفرص المطلوبة لتشجيعه كموجه أساسي للتغلب على هذه الاختلالات، وبالتالي استدامة النمو الاقتصادي، والبطء في التحول الهيكلي للاقتصاد لتعظيم دور القطاع الخاص وريادته في النشاط الاقتصادي، واختلالات في سوق العمل والتركيبة السكانية ومحدودية فرص العمل وظهور البطالة المتعلمة والبطالة الطوعية، إضافة إلى اتساع الفجوة بين أجور القطاعين العام والخاص.

واكد تعطل مسيرة التميز المؤسسي بسبب ضعف الإدارة العامة وما شابهها من تعقيدات إجرائية وترهل بيروقراطي وبطالة مقنعة وعدم كفاءة في الأداء الاقتصادي، حيث اثرت هذه العوامل مجتمعة تأثيرا سلبيا ع‍لى الأداء الانمائي للدولة وتعطيل مسارها التنموي.