وسط أوضاع سياسية مشتعلة، بسبب الانسداد في الأفق السياسي، الذي تسبب فيه إصرار الرئيس المصري محمد مرسي على تجنب تلبية مطالب المعارضة المصرية، تفاقمت أمس أزمة توفير الوقود، ما أصاب شوارع القاهرة وعدة محافظات في دلتا مصر بالشلل، ليحمل المواطن المصري أعباء إضافية.

Ad

ووسط مناخ من الاعتصامات والعصيان المدني والغضب، الذي يجتاح عدة مدن لأسباب سياسية، أضرب عدد كبير من سائقي النقل الجماعي عن العمل أمس، نتيجة النقص الحاد في السولار، ووقعت اشتباكات بين مواطنين أمام المحطات.

وقطع سائقو النقل التجاري والميكروباص عدة طرق محورية ما أصاب العاصمة بالشلل التام، بينها الطريق الدائري وطريق العبور في القاهرة، فضلا عن كورنيش النيل في الجيزة، بينما قطع السائقون طريق القاهرة- القليوبية لعدة ساعات، ما أدى إلى عزل العاصمة عن الدلتا.

وبسبب تكدس عشرات السيارات أمام محطات التزود بالوقود، انتقل الشلل المروري إلى محافظات الدلتا، منها الغربية والشرقية والمنوفية، نتيجة إغلاق السائقين الطرق، ووقعت اشتباكات متفرقة بين المواطنين أمام المحطات، ما أسفر عن مقتل 3 مواطنين، في اشتباكات دموية وقعت بمحافظتي الشرقية والغربية بين سائقين وعمال في المحطات.

وزاد عنف الأزمة إعلان الحكومة المصرية، برئاسة الدكتور هشام قنديل، نيتها رفع الدعم عن الوقود، تنفيذا لمطالب صندوق النقد الدولي، كأحد شروط إقرار قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار، في حين تأمل الحكومة أن تنعش به اقتصادها المتداعي.

وتلقت الحكومة المصرية ما اعتبر "قبلة حياة"، بعد أن وقع وزير التخطيط والتعاون الدولي أشرف العربي أمس الاتفاقية الخاصة بحصول مصر على 190 مليون دولار، مقدمة من الإدارة الأميركية، سبق أن وعد بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أثناء زيارته للقاهرة الأسبوع الماضي.

اشتباكات التحرير    

ميدانيا تواصلت الاشتباكات العنيفة في محيط ميدان التحرير، بين متظاهرين وقوات أمن مكلفة بحماية السفارة الأميركية بالقاهرة، احتجاجا على احتكار جماعة الإخوان المسلمين للسلطة، ودعم واشنطن لها، في ظل استمرار اشتباكات منذ أمس الأول، ما أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى فجر أمس.

ورغم تزايد عناصر الشرطة المطالبة بإقالة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، المتهم بـ"أخونة الوزارة" نفى إبراهيم، الذي استدعته النيابة العامة لسماع أقواله في قتل متظاهرين مدينة بورسعيد الأسبوع الماضي، وجود مطالب شرطية بإقالته، راجيا القوى السياسية إمهاله 30 يوماً دون مظاهرات لإعادة الأمن للشارع، مؤكداً، في مؤتمر صحافي عقده أمس، أن جهاز الشرطة قادر على حماية البلاد، حال إخراجها من معترك السياسة.

سياسياً، وفي ظل غياب ملحوظ للرئيس محمد مرسي، اكتفت مساعدته للشؤون السياسية باكينام الشرقاوي بالتشديد على تمسك الرئاسة بالحكومة الحالية، مؤكدة تمسك مرسي بالحوار الوطني، في ظل أنباء عن توجيهه دعوة جديدة للقوى السياسية للمشاركة في الحوار الوطني.

في السياق، وبينما حمّل نواب مجلس الشورى، الذي يهيمن عليه تيار الإسلام السياسي، وزارة الداخلية مسؤولية أحداث العنف التي تشهدها البلاد، وجّه أعضاء المجلس، في جلسة أمس، أصابع الاتهام إلى رموز نظام الرئيس السابق حسني مبارك بالوقوف خلف كل العنف الذي تشهده البلاد.

وواصلت قيادات حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، حديثها عن نظرية مؤامرة، ما لخصه لـ"الجريدة" القيادي بالجماعة جمال حشمت قائلاً: "ما يحدث لا يعد انتفاضة ضد الرئيس أو الحزب، بل أعمال عنف يقف خلفها مأجورون وبلطجية"، ملقيا باللائمة على جبهة الإنقاذ الوطني، التي تضم أغلب الأحزاب المدنية المعارضة.

تمدد الجيش

ووسط تأييد شعبي متزايد لعودة المؤسسة العسكرية إلى إدارة الحياة السياسية، بدأ قائد الجيش الثاني الميداني اللواء أحمد وصفي، أمس، تهدئة الأوضاع في مدينة بورسعيد، التي قتل فيها العشرات وأصيب أكثر من ألف في مواجهات مع الشرطة، عقب إعلانها العصيان المدني قبل أكثر من ثلاثة أسابيع.

وأكد وصفي خلال تفقده قوات الجيش، المكلفة تأمين وحماية مبنى محافظة بورسعيد ومديرية الأمن، أن الشعب البورسعيدي الباسل، على قدر المسؤولية الوطنية، ويحترم دور الجيش ويعاونه في تأمين المنشآت الحيوية.

وتلقى المؤسسة العسكرية، التي استطاعت إعادة الهدوء إلى بورسعيد خلال ساعات، تأييدا شعبيا لمطالبات بعودتها إلى الحكم، وأعلن حزب الحركة الوطنية، تحت التأسيس، في بيان له أمس الأول، أنه سلم إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة 19 ألف تفويض شعبي لإدارة البلاد، حررها مصريون في أكثر من 20 محافظة.