أيام التحولات التاريخية
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
• في سنة ١٩١٩ أصدر الكاتب الأميركي اليساري جون ريد كتابه الأشهر "عشرة أيام هزت العالم" واصفاً معايشته لما عُرِف لاحقاً باسم "الثورة البلشفية" في روسيا. " الثورة" كانت قد بدأت بقيام خلية ثورية عسكرية باحتلال "قصر الشتاء"، سمّه انقلاباً إن شئت، لتتحول روسيا المتعبة إلى "الاتحاد السوفياتي"، ومن ثم يصبح ذلك الاتحاد قوة عظمى، لتشكل محوراً منافساً على كل الصُّعُد للمعسكر الغربي. هل كان جون ريد مثلاً، قادراً أن يتخيل ماذا كان سيحدث للاتحاد السوفياتي بعد سبعة عقود؟! • في ٢٦ ديسمبر ١٩٩١ تم الإعلان رسمياً عن نهاية الاتحاد السوفياتي بعد بلوغه عمر ٧٢ عاماً، واستقال حينئذ الرئيس غورباتشوف، واعتمد استقلال الجمهوريات الجديدة التي بلغ عددها ١٥ جمهورية، كلها خرجت من رحم دولة عظمى دون عنف يُذكَر، وقام بتسليم شفرة إطلاق الصواريخ النووية لرئيس كيان جديد، سيُعرَف منذ الآن باسم روسيا الاتحادية، بوريس يلتسن. حاولتْ وحدات عسكرية من الجيش السوفياتي إيقاف عجلة أكبر عملية تفكيك لدولة عظمى دون حرب في تاريخ البشرية، ولكن "الانقلاب العسكري" لم ينجح. • لم تتوقف تلك التحولات التاريخية وتقتصر على المحيط الروسي/ السوفياتي فحسب، بل تدحرجت إلى أوروبا الشرقية، وفعلت العاصفة بها ما فعلته، فما هو الوصف المناسب أو المصطلح الملائم الذي يمكن أن يعبر عما جرى؟ ثورة، انقلاب، تفكيك، إصلاح؟ كانت أكبر عملية تحوّل جماعي في التاريخ من نظام إلى نظام، مع اختلاف التفاصيل من دولة لدولة، ومازال علماء السياسة غير متفقين، حائرين في المصطلح، فهل نستكثر على التحولات العصية عربياً الحيرة والضبابية؟! وللحديث بقية.