انتقدت مصادر صحية مطلعة «عدم وجود قاعدة بيانات صحية شاملة في إدارة الصحة العامة، ما أدى إلى ضعف الرؤية وغياب التخطيط لضرورة دراسة المشكلات الصحية التي يعانيها المجتمع للتمكن من حلها، كانتشار مشكلة التدخين مثلا أو تفشي مرض السكر بين الأفراد، حيث لا تتوافر حاليا أية إحصائيات دقيقة عن هذه المشاكل الصحية وغيرها».

Ad

وأوضحت المصادر أن «غياب الأبحاث في هذه الإدارة بالغ الأثر في عدم دراسة المشكلات الصحية والعمل على حلها والتي غالبا ما يطلب استشارة خارجية للمساعدة على حلها، والتي تنتهي بتسلم توصيات الخبير الزائر ثم ركنها في الأدراج». وأكدت أن «وضع إدارة الصحة العامة في وزارة الصحة يحتاج إلى تفكير قيادات الوزارة تفكيرا جذريا في إعادة إحيائه»، مشيرة إلى أنه «يفترض أن يكون قطاع الصحة العامة العمود الفقري لأي إدارة صحية ناجحة، لأنه ببساطة القطاع الذي يؤثر تأثيرا بالغا على صحة الفرد والمجتمع لارتباطه الوثيق بالصحة العامة للإنسان».

وأضافت أن «وضع أساس أي مجتمع صحي يبدأ بإرساء عمل الطب الوقائي للمحافظة على صحة الأفراد والمجتمع، أما اقتصار مفهوم الخدمات الصحية على  تقديم خدمة العلاج للمرضى فقط فيعتبر قصورا واضحا وتقصيرا شديدا في فهم أسس الرعاية الصحية، وضياعا للرؤية الحديثة في مفهوم الصحة بشكل عام».

فحص الأغذية

وأشارت إلى أن هذا القطاع يعاني «مشكلات وصعوبات حيث سجلت العديد من الملاحظات على أداء هذا القطاع، والتي كان من أهمها سلامة الأغذية المفحوصة في مختبرات الصحة العامة والتي شاب سلامتها الكثير من اللغط، مما أدى إلى ضياع الثقة في نتائج هذه الفحوصات على مستوى الرأي العام، والذي أكد عدم الثقة في سلامة تقارير مختبرات الأغذية في وزارة الصحة، والتوجه الآن هو سحب هذه الصلاحية من وزارة الصحة وإسنادها إلى الهيئة العامة للغذاء والمقرر إنشاؤها قريبا، على أن يتبعها مختبر حديث ومتطور لفحص الأغذية مستقل تماماً عن وزارة الصحة».

وكان  لمياه الشرب نصيب أيضاً من التشكيك في صحة التقارير التي تفيد بسلامة المياه المعبأة من بعض الشركات التجارية المحلية حاليا، والتي أخذت نصيبا أيضاً من العرض في الوسائل الإعلامية، وخصوصا عند تداول أنباء عن احتواء هذه المياه على مادة البروميد المسرطنة.

وكان لتصريح رئيس قسم مكافحة الحشرات والقوارض في إدارة الصحة العامة د. سامية الطبيخ عن انتشار بعض القوارض، وخصوصا الفأر النرويجي بمعدلات عالية لقصور الوسائل المتاحة للمكافحة دور أيضاً في ترويع الرأي العام وانتشار الذعر بين العامة.

وأخيرا وليس آخراً انتشار فيروس كورونا في دول مجاورة والصمت المطلق الذي تمارسه إدارة الصحة العامة في نشر الوعي بطرق الوقاية من هذا الخطر الداهم، وتقصيرها في إعطاء بعض التوصيات الكفيلة بمكافحة هذا المرض للمختصين والعامة».

كما أثار إقصاء قسم الأمراض المزمنة في إدارة الصحة العامة من تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الأمراض المزمنة تساؤلات عن أسباب تهميش هذا القطاع وتجاهله حتى أن القسم المعنى بمكافحة الأمراض المزمنة لا يحضر الاجتماعات الخاصة بهذا الموضوع، والذي هو جزء أصيل من عمله ولا يكلف أيضاً بحضور الاجتماع الإقليمي لدول شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية لمكافحة الأمراض المزمنة، والذي عقد في أبريل الماضي في الكويت، والذي تم بغياب شامل لجميع أقسام ووحدات الصحة العامة باستثناء حضور الوكيل المساعد لهذا القطاع، وبحضور أيضاً العديد من ممثلي الإدارات المركزية الأخرى، وتكرر هذا الأمر عند تشكيل وفد وزارة الصحة لحضور الاجتماع السنوي الخاص بمنظمة الصحة العالمية، الذي نوقشت فيه الأهداف الإنمائية للمنظمة والتي هي جزء أساسي من عمل إدارة الصحة العامة بغياب ممثليه عن الوفد المشكل. والملاحظ أيضاً تعدد مديري هذه الإدارة المركزية، حيث أدارها ثلاثة مديرين في ثلاث سنوات، وتكاد تكون أكثر إدارة مركزية غير مستقرة من ناحية استمرار من يعمل بها باستثناء إدارة العلاج في الخارج، ومن شأن عدم وجود استقرار وظيفي لمدير الإدارة خلق حالة من فقدان الرؤية والامتناع عن التفكير في خطط طويلة الأمد لتحقيق الأهداف المرجوة من هذه الإدارة.

«شبرات»

والزائر لأقسام ووحدات هذه الإدارة يدرك لأول وهلة مدى إهمال الوزارة لهذا القطاع المهم، حيث إن اغلب المباني التابعة هي عبارة عن «شبرات» أو مبان متهالكة لا تصلح لتقديم أي نوع من أنواع الخدمات الصحية، فضلا عن الزحام الشديد والفوضى التي تصيب أي مراجع بكثير من الإحباط والامتعاض لاضطراره إلى تعاطي هذه الخدمات الوقائية، التي لا تتوفر في القطاع الخاص بأجواء تتسم بالزحام والتدافع، إضافة الى افتقارها إلى ابسط قواعد منع العدوى والأساليب اليدوية البدائية.

وكان لافتقار الإدارة إلى نظم المعلومات الحديثة شديد الأثر في تردي هذه الخدمات وزيادة سوئها، في حين أن الأمن الصحي للبلاد يعتمد على وجود قاعدة بيانات صحية في إدارة الصحة العامة لارتباطها الوثيق بنتائج فحص العمالة الوافدة تضاهي قاعدة البيانات الأمنية التي تملكها وزارة الداخلية عن الوضع الأمني للوافدين.