الثالثة بائنة... عنوان آخر خطة لإنقاذ اليونان
الترويكا الداعمة توجه آخر تحذير إلى أثينا
يعود فريق الترويكا، المؤلف من ثلاث جهات إقراض عالمية، هذا الأسبوع إلى أثينا للقيام بأول مراجعة لأداء اليونان، من عدة مراجعات يُتوقع أن تكون مؤلمة وتفسح الطريق لعقد اتفاق نهائي في وقت ما من السنة المقبلة.
ربما فقدت اليونان القدرة على إحداث فزع في الأسواق المالية العالمية، ولكن أحداث الصيف أثبتت أنها لاتزال تمتلك القدرة على هز السياسات الأوروبية.لاتزال حكومة الائتلاف في اليونان التي يرأسها أنتونيس ساماراس، رئيس الوزراء المنتمي ليمين الوسط، تتعلق بيأس بأغلبيتها بعد أن واجهت سلسلة من الانشقاقات في صفوفها، بسبب طريقة تعاملها مع عمليات تسريح الموظفين الفائضين عن الحاجة في القطاع العام، التي اشتملت على إغلاق محطة البث العامة في يونيو الماضي.استعادة عافية اليونانولكن النقاش حول استعادة عافية اليونان المالية أشعل توترات غير متوقعة في الخارج. في الشهر الماضي عمل هذا النقاش على تعكير أجواء الانتخابات في ألمانيا التي توفر 27 في المئة من موارد إنقاذ منطقة اليورو. وقد أعلن وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله، في العلن، ما كان يقوله كثيرون في الأوساط الخاصة، أن اليونان ستحتاج إلى خطة إنقاذ مالي ثالثة.أقرض برنامج الإنقاذ المالي الأول اليونان مبلغ 73 مليار يورو على شكل مساعدات من الاتحاد الأوروبي ومن صندوق النقد الدولي، ويُتوقع أن يوفر برنامج الإنقاذ الثاني مبلغ 173 مليار يورو.أما حجم ومدى برنامج الإنقاذ الثالث، فيُتوقع له أن يأخذ سنة لإتمامه. هذا يعني أن من المرجح أن المناوشات السياسية عبر القارة الأوروبية، التي ميزت برنامج إنقاذ اليونان منذ البدء فيه في مايو من عام 2010، ستُستأنف مع نهاية اقتراع الألمان في نهاية عطلة الأسبوع.مراجعة أخيرةوسيعود فريق المراقبين الذي يُسمى بالترويكا، المؤلف من ثلاث جهات إقراض عالمية، وهي: صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، هذا الأسبوع إلى أثينا للقيام بأول مراجعة لأداء اليونان، من عدة مراجعات يُتوقع أن تكون مؤلمة وتفسح الطريق لعقد اتفاق نهائي في وقت ما من السنة القادمة.ويلجأ أحد كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي للتقليل من ذلك عند وصف التحدي الثقيل الماثل في الأمام. وهو يقول: «ربما كانت المراجعة الأخيرة أكثر إملالاً مما ستكون عليه المراجعة القادمة، وذلك لعدة أسباب».أثناء حملة الانتخابات الألمانية، أعطى كل من الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم والمعارضين من الحزب الديمقراطي الاجتماعي تقديرات لتكلفة البرنامج الثالث. يقول شويبله إن التقدير الأخير لصندوق النقد الدولي لتقديم مبلغ آخر قدره 11 مليار دولار ليستخدم حتى عام 2016، «يبدو معقولاً»، بينما يدعي كارستين شنايدر، المتحدث باسم الميزانية في الحزب الديمقراطي الاجتماعي، أن الرقم الحقيقي سيكون أقرب إلى 77 مليار يورو بحلول عام 2020.في الحقيقة، سيكون المجموع بين هذا وذاك. ويقر المسؤولون في صندوق النقد الدولي بأن سوء الأداء في برنامج الخصخصة المعتل أصلاً سوف يزداد سوءاً على الأرجح. ولذلك فإن التقديرات الحالية هي على الأقل ناقصة بمقدار خمسة مليارات يورو.لكن تقدير شنايدر لا يأخذ بالحساب حقيقة أن أثينا يمكن أن تبدأ قريباً بسداد بعض ديونها بنفسها، إذا أخذنا في الاعتبار ما يجب أن تسدده اليونان من ديون بنهاية هذا العقد.تعزيز برنامج الخصخصةفي الأسبوع الماضي أعلنت الحكومة اليونانية، في مسعى منها لتعزيز برنامج الخصخصة الذي يدر عائدات قليلة جداً، أنها حققت فائضاً أولياً في ميزانيتها في ستة أشهر- الأمر الذي يعني أنها حصلت على أكثر مما أنفقت، عند عدم حساب دفعات الديون المتوجبة عليها. يعني هذا النقد الفائض، أن اليونان تستطيع لأول مرة، منذ نشوب الأزمة المالية، أن تستخدم ميزانيتها الخاصة لسداد ديونها.ومع ذلك، سيكون الصراع القادم حول برنامج اليونان الثالث أكثر تعقيداً، لأن البحث عن نقد جديد لإقراض أثينا، سيكون فقط نصف المعركة. يصر صندوق النقد الدولي على أن أي برنامج جديد يجب أن يتعامل في النهاية مع كومة ديون اليونان الهائلة، وهي الكومة المستمرة في التزايد، على الرغم من التقشف غير المسبوق، وأكبر إعسار في التاريخ لم يكن مصيره إلا التصاعد.ويعتقد بعض المسؤولين أنه يجب التعامل مع كل هذه القضايا دفعة واحدة، وهي المتمثلة بالعجز المتوقع في عام 2014، والأموال الجديدة الواجب توفيرها في عام 2015، والوعود التي طال انتظارها في التخفيف من الديون. ومع هذا يقول بعض المشاركين في ملحمة إنقاذ اليونان من ديونها، بأن من المرجح أن تتم عملية الإنقاذ في خطوات صغيرة، الأمر الذي يطيل عمر الألم، لكنهم يأملون بأن هذا الألم سيكون أقل حدة بعد كل خطوة من هذه الخطوات.موافقات برلمانيةيقول مجتبى الرحمان، رئيس قسم التحليل الأوروبي في المجموعة الاستشارية الخاصة بالمخاطر في بنك يوراسيا جروب: «اقتسام الفاتورة ربما يجعل من الأرقام أمراً ممكناً، ولكن ذلك لن يكون أمراً ترتاح له البرلمانات». وهو يشير أثناء ذلك إلى أن أي تغيير في البرنامج سيحتاج إلى موافقات برلمانية في عدة دول في منطقة اليورو.وأضاف: «لكن مناقشة ذلك في كل البرلمانات بدفعة واحدة، سيكون أمراً مخيفاً لألمانيا. لأنهم سيخافون من أن يُدفَعوا إلى عرض المزيد من تخفيف الديون». ولكن كيف ستمضي لعبة الإنقاذ المالي الثالثة التالية في الأشهر القادمة؟ في ما يلي بعض السيناريوهات المحتملة.عودة الترويكاحالما يعود مراقبو الترويكا من بعثتهم إلى أثينا التي تبدأ هذا الأسبوع، سيكون من المتوقع أن يناقش القادة السياسيون أكثر المشاكل إلحاحاً في برنامج الإنقاذ المالي الحالي، وهي العجز النقدي البالغ 11 مليار يورو، وذلك حسب تقديرات صندوق النقد الدولي.في عام 2014 وحده، ستحتاج اليونان إلى مبلغ إضافي مقداره 4.4 مليارات يورو على رأس المبلغ الأصلي في البرنامج ومقداره 173 مليار يورو – وهو رقم يعتقد بعض مسؤولي الترويكا أنه يمكن أن يرتفع ليصبح ستة مليارات يورو.لا بد من سد هذه الفجوة بنهاية العام وإلا سيتعين على صندوق النقد الدولي تعليق مساهماته في البرنامج. تقضي قواعد الصندوق بوجود مبالغ للتمويل تكفي لمدة 12 شهراً كاملاً قبل أن يقدم أي مبالغ من المساعدات، وستنفد أموال الإنقاذ الآن من اليونان في منتصف السنة المقبلة.سد الفجوةورغم أن المسؤولين في صندوق النقد يضغطون في سبيل سد كامل الفجوة البالغة 11 مليار يورو خلال هذه المراجعة، فإن وزراء مالية منطقة اليورو على الأرجح سيتعاملون فقط مع فجوة 2014 قبل نهاية العام.إذا لم يعمل وزراء مالية منطقة اليورو على إغلاق فجوة 2015 هذا العام، سيتعين عليهم العودة إليها مرة ثانية في مطلع السنة المقبلة. وعلى الأرجح سيحرك هذا الأمور لبرنامج ثالث، على اعتبار أن منطقة اليورو – على خلاف صندوق النقد – لم تقدم أي أموال خلال السنتين السابقتين لإنقاذ اليونان، الذي سيستمر الآن إلى 2016 بعد أن وافق المسؤولون في السنة الماضية على تمديده.يقول بعض المسؤولين إنه إضافة إلى مبلغ 6.5 مليارات يورو اللازم في 2015، ربما هناك حاجة إلى مبلغ إضافي مقداره ستة مليارات يورو في 2016. بصورة إجمالية، من المرجح أن التمويل الجديد سيكون بحدود 15 مليار يورو.توازن الميزانيةهناك أمر ربما غاب عن الكثيرين خارج أثينا وبروكسل، وهو أن اليونان تمر الآن في واحدة من أهم نقاط التحول في عملية إنقاذها. بنهاية العام الحالي، من المتوقع أن توازن أثينا ميزانيتها الأولية، أو حتى تتمتع بفائض أولي يسير – مما يعني أنها ستأتي بإيرادات أكثر مما ستنفق، طالما لا تحتسب دفعات الفوائد على دينها القومي.(فايننشال تايمز)الفائض والمقترضونفي الأسبوع الماضي قال وزير المالية اليوناني إنه في النصف الأول من العام سجل الفائض الأولي لليونان ثلاثة مليارات يورو تقريباً، وهو رقم يزيد بصورة مريحة على رقم العجز الأصلي البالغ 2.5 مليار يورو.ورغم أن هذا يمكن أن يكون بشرى سارة لليونان، فإنه يضع المقرضين من منطقة اليورو في وضع محرج. فحينما يتم الوصول إلى الفائض الأولي، اتفق وزراء المالية مع صندوق النقد الدولي على إعادة النظر في تقديم المزيد من تخفيف الديون لأثينا، التي مازال معظم المراقبين يعتبرون أن مستويات الديون فيها غير قابلة للاستدامة.ربما لا يعود من الممكن تكرار هذا العرض القوي. فهناك جزء مقداره 1.5 مليار يورو من الإيرادات غير المتوقعة، على سبيل المثال، جاءت من الأرباح التي سجلها البنك المركزي الأوروبي على مقتنياته من السندات اليونانية، والتي وافقت بلدان منطقة اليورو على تحويلها إلى أثينا.تقديرات صندوق النقديشير آخر تقديرات صندوق النقد إلى أن الميزانية الأولية لليونان تكاد تكون متوازنة تماماً، وهي علامة واضحة على أن الأمور يمكن أن تذهب في أي الاتجاهين.لكن سلسلة الأنباء الاقتصادية الطيبة نسبياً القادمة من أثينا في الأشهر الأخيرة – بما في ذلك الأنباء التي كشفت هذا الشهر عن أن الاقتصاد اليوناني تقلص بنسبة 3.8 في المئة «فقط» في الربع الثاني، وهو أدنى مستوى منذ بداية الأزمة، ويعتبر تعديلاً حاداً إلى الأعلى من التقديرات الأولية – وهو ما يعني أن الفائض الأولي ضمن المتناول.