«والدي محمود نعناع (90 عاماً) يعاني مرض الزهايمر من أكثر من 11 سنة،  خطفه الجيش السوري الحر انتقاماً من مواقفي المناهضة للثورة السورية وتأييدي المطلق للرئيس بشار الأسد». هذه الرواية أطلقتها أخيراً رغدة العائدة إلى سورية، بعدما أقامت في مصر أكثر من ثلاثين عاماً، للمشاركة في مهرجانات مؤيدة لبشار الأسد، فلقبها المناصرون للثورة السورية بـ «الشبيحة « ونعتتهم بدورها بأبشع الالفاظ. وأضافت تعليقاً على خطف والدها: «إذا أرادوا أن يقتلوه فليفعلوا لأنه سيرتاح منهم».

Ad

كانت مواقع تابعة للمعارضة السورية نشرت تصريحاً منسوباً إلى فتاة قيل إنها هبة نعناع، ابنة أخ رغدة، تكذب رواية عمتها بالقول: «أنا المدعوة هبة نعناع ابنة أخ المدعوة رغدة نعناع، وبمحض إرادتي، أود تكذيب الخبر الصادر من «الشبيحة» رغدة نعناع وتدّعي فيه اختطاف السيد محمود نعناع (جدي) من قبل أولاده وأقربائه واحتجازه في منطقة حريتان. أنا بدوري أوجه رسالة إلى هذه «الشبيحة» وأؤكد لها أن آل نعناع لن يسمحوا بتلفيق الأكاذيب لأغراض شخصية وتصفية حسابات قديمة، وبأننا سنفضح ممارسات هذه الإنسانة وأسباب تطاولها على ذويها وعلى مصداقية الثورة السورية».

بدورها ردّت رغدة عبر صفحتها على الـ «فيسبوك»: «أولا ليس لي أبناء أخ بهذا الاسم، ثانياً: لا أعرف أحداً من آل نعناع هؤلاء الذين ينضوون تحت جناح ما يسمى «الجحش الكر» في إشارة إلى الجيش الحر». وتابعت متحدية ادعاء أقاربها بأن والدها بأمان معهم: «ليخرجوا به وليتحدث صوتاً وصورة لمدة دقيقتين على الأقل»، كذلك سخرت من إعلانهم أنه انضم إلى الجيش الحر وقالت: «موجوع قلبي ويعجز عن الضحك»، وتساءلت: «هل يمكنهم إفادتي إذا كانوا قد انشأوا «كتيبة عجائز فاقدين للذاكرة» مثل هذا الحبيب «الختيار» وأي اسم سيطلقون عليها؟».

ثمن غالٍ

رغدة واحدة من فانين كثر دفعوا ثمن مواقفهم السياسية من بينهم: الممثل الصاعد محمد رافع الذي قتل بسبب مساندته العمياء للنظام السوري، الممثلة مي سكاف التي اعتقلت لمشاركتها في تظاهرة ضد بشار الأسد، الممثل جمال سليمان الذي تلقى تهديدات بحرق منزله لأنه يناهض النظام فاضطر إلى السفر إلى مصر والبقاء فيها، الفنانة أصالة التي تتلقى تهديدات باستمرار لتأييدها الثوار، سلاف فواخرجي التي تتلقى تهديدات بدورها لتأييدها النظام السوري، الفنان دريد لحام الذي تعرض خلال تصوير مسلسله الجديد في لبنان إلى الطرد أكثر من مرة من المناطق المؤيدة للثورة السورية.

هكذا أصبحت السياسة أقوى من الفن ولم يعد التاريخ الفني للنجم أو سلسلة عطاءاته تشفع به تجاه الجمهور، وكل ما يتذكره الأخير هو مواقفه السياسية تجاه هذا البلد أو ذاك أو هذه الثورة أو تلك.

 ثمة فنانون يعتمدون سياسة النأي بالنفس حول ما يحدث في بلادهم مثل مكسيم خليل الذي يعيش في لبنان ويبتعد عن وسائل الإعلام كي لا يحسب عليه موقف سواء ضد النظام أو معه، تيم حسن الذي يلتزم الصمت ولا يقول سوى عبارة واحدة: «أدعو الله أن يحمي سورية ويترحم على الشهداء»، قصي خولي، سلمى المصري، ديما بياعة، باسل الخطيب. كذلك الأمر بالنسبة إلى جورج وسوف الذي، رغم شعبيته الجارفة إلا أنه يلتزم الصمت في الآونة الاخيرة ولم يعد يعلن تأييده للنظام السوري كما كان يحصل في بداية الثورة.

كذلك ثمة فنانون أصدروا بيانات نفوا فيها تصريحات نسبت إليهم حول تأييدهم الثورة السورية أو النظام، مؤكدين أنها عارية عن الصحة جملة وتفصيلا وأن المقصود منها إلحاق الضرر بهذا الفنان أو ذاك.

دهاليز الانقسامات

 

توضح الممثلة كنده علوش أن سورية تهمها في الدرجة الأولى وسلامتها، ولا تدخل في متاهات ودهاليز انقسام الفنانين بين مؤيد للثورة السورية ومعارض لها، وترفض قوائم العار.

بدوره يشير الناقد الأردني باسل العبيدات إلى أن الممثلين السوريين الذين أتوا إلى الأردن لا يجاهرون بمواقفهم مع أنهم ينقسمون بين مؤيد للنظام ويرى أن ما يحصل في سورية مؤامرة كبرى، ومعارض له ويتمنى نهايته اليوم قبل الغد...

يضيف: «في الأحوال كافة يسيطر على الفنانين السوريين عموماً قلق كبير وخوف، ففي حال انتصار الثورة السورية سيكون الفنانون المؤيدون للنظام من أمثال رغدة وسلاف فواخرجي وغيرها من ضحاياها، وفي حال بقي الأسد في الحكم سينتقم من مناهضيه شرّ انتقام، من بينهم: جمال سليمان ومي سكاف واصالة نصري الذين  لن يروا سورية بعد اليوم وقد يتعرضون للأذى الشخصي.

في المقابل يشير يوسف عبيدات متعهد حفلات أردني إلى أن الفنان السوري يعيش حالة تمزق لا يحسد عليها، خلافاً للفنانين في مصر وسورية ولبنان وتونس الذين يعبرون عن أرائهم السياسية من دون التعرض لأذى جسدي، ولكن الوعي السياسي لدى الجمهور العربي قد يجعلهم يدفعون الثمن غالياً على الصعيد المعنوي على الأقلّ.