فجر يوم جديد: وقيدت ضد «معلوم»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
المفارقة المثيرة أن شبهة التواطؤ والإهمال العمدي الذي تسبب في «حرق الأوبرا» لم يكن بعيداً عن إهمال آخر تمثل في بناء «كاراج» بدلاً من الأوبرا القديمة، وهو ما كان سبباً في إصابة كثيرين بصدمة عنيفة، ومن بينهم د. رتيبة الحفني التي قالت إنها كانت تُحبذ بناء صرح ثقافي كبير، بينما قارن العازف الشهير عبد الحميد جاد بين ما فعلته مصر وما قامت به فرنسا عندما أزالت «سجن الباستيل» لتبني أوبرا مكانه. وأظنها الرسالة الحقيقية للفيلم الذي كشف طغيان القبح وتراجع الجمال في حياتنا، وانهيار الثقافة، وانسحاب دور ومكانة وقيمة الفن؛ فالخسارة الفادحة لم يتم تعويضها، بعد بناء أوبرا جديدة قبيحة الشكل، والمحاولات اليائسة لاستعادة الدور الثقافي لم تنجح، نتيجة التغيير الجذري في السياسة الثقافية للدولة، حسبما قالت د. ماجدة صالح باليرينا مصر الأولى سابقاً.نجح كمال عبد العزيز في حشد كثير من الوثائق التاريخية النادرة والمهمة؛ على رأسها فيلم بالألوان صور لحظة حرق الأوبرا، وملصق دعاية يُشير إلى بنوار رقم (1) المخصص لـ «حضرة الرئيس الجليل صاحب الدولة سعد باشا زغلول المعظم»، وملصق آخر لحفل أقيم في 16 يناير من عام 1927 يتوقف دخوله «على قيمة ماتجود به أريحية المحسنين»؛ حيث إن ريعه يعود إلى منكوبي الكارثة السورية، بالإضافة إلى صور فوتوغرافية تسجل لحظة زيارة الملك فاروق والرئيس محمد نجيب، وجمال عبد الناصر مع محمد ظاهر شاه ملك أفغانستان للأوبرا القديمة، التي كانت تتسم بطراز معماري ساحر، وموقع جغرافي متميز للغاية.الشكل الوثائقي للفيلم لم يمنع مخرجه من الخروج بالكاميرا ليصور «الكاراج»، الذي حل مكان الأوبرا المحترقة، ورصد السيارات المتراصة بدلاً من التماثيل الثمينة والمقتنيات النادرة، وتوظيف الوثائق الفيلمية والفوتوغرافية لدعم شهادات مصادره، واختيار عبارة «أن تكون جاهلاً بما حدث قبل أن تولد يعني أن تظل جاهلاً إلى الأبد»، ففي العبارة دعوة إلى البحث عن الحقيقة، ورفض التسليم بما اعتبرناه تاريخاً. لكنني أعتب على كمال عبد العزيز تخاذله عن التقدم ببلاغ رسمي إلى الأجهزة المختصة، مصحوباً بالفيلم، للتحقيق في ما تضمنه من شهادات واتهامات، تمهيداً للكشف عن الجناة والمتورطين في «حرق أوبرا القاهرة»!