لا تسعى السعودية من خلال مشروع "مترو الرياض" الذي تعتزم تنفيذه بتكلفة 22.5 مليار دولار لوضع حد للاختناقات المرورية التي تزعج ملايين القاطنين في الرياض، وتغيير وجه العاصمة وتحويلها إلى مركز تجاري إقليمي فحسب، وإنما الى تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط أيضاً.

Ad

ودشنت الحكومة السعودية المشروع العملاق، مساء الأحد الماضي، بمنح عقود لثلاثة ائتلافات تقودها شركات أجنبية من أكبر مصنعي ومنفذي شبكات القطارات في العالم لتصميم وإقامة أول شبكة مترو في الرياض في مشروع عملاق سيستغرق تنفيذه خمس سنوات.

ومترو الرياض هو باكورة تلك المشروعات العملاقة، وتتبنى الحكومة مشروعات مثيلة للنقل العام، أحدها في مكة بقيمة 16.5 مليار دولار، ويشمل خططاً للمترو، ومشروعاً آخر في جدة ربما تبلغ تكلفته 9.3 مليارات دولار.

 

تنويع الاقتصاد

 

وتأمل المملكة على المدى الطويل في تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط للحد من حساسية الاقتصاد إزاء تقلب أسعار الخام العالمية.

ومشروعات المترو جزء رئيسي من تلك الجهود، إذ قد تغير الطريقة التي تعمل بها المدن السعودية الكبرى وتساعدها على تطوير مناطق للصناعات التجارية وإنشاء شركات للصناعات الخفيفة غير النفطية، بينما تنشئ كذلك مشروعات عقارية واستثمارات أخرى بامتداد شبكة القطارات.

ويقول مسؤولون حكوميون إن مترو الرياض هو أكبر مشروع لشبكات النقل العام في العالم يجري تطويره حالياً، وسيشمل ستة خطوط للسكك الحديدية تمتد 176 كيلومتراً، وتعمل عليها قطارات كهربائية من دون سائقين.

 

عوائد غير مباشرة

 

وقال إبراهيم بن محمد السلطان، رئيس هيئة تطوير الرياض ان الجدوى الاقتصادية للمشروع تكمن في العوائد غير المباشرة. كل ريال ننفقه على مشروع النقل العام سيحقق عائداً بثلاثة ريالات ينعكس على البيئة والعمران واستهلاك الوقود.

ومن شأن عربات القطار المكيفة والمزودة بخدمة الواي فاي أن تغير أسلوب التنقل، وأن تخفف من اعتماد الكثيرين على التنقل بالسيارات ليرفع في نهاية الأمر نسبة مستخدمي وسائل النقل العام فوق النسبة البالغة 2 في المئة فقط من ستة ملايين نسمة يعيشون في الرياض.

ويقول جون سفاكياناكيس، رئيس قسم استراتيجيات الاستثمار بمجموعة ماسك: "سيكون لمشروع المترو آثار إيجابية عديدة على الاقتصاد السعودي، إذ لن يحد فقط من أزمة المرور في العاصمة التي من المتوقع أن يبلغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة خلال السنوات العشر المقبلة، ولكنه سيكون أيضاً حافزاً للحكومة لتطبيق معالجة أكثر جدية لمسألة دعم الوقود، وتكون وسائل النقل العام ناجحة اقتصادياً فقط عندما تكون أسعار وقود النقل أعلى كلفة من وسائل النقل العام".

ويضيف: "كما سيحد المشروع من متطلبات الطاقة لقطاع النقل وذلك في حال قامت الدولة بتقديم حوافز لمشروع المترو كبديل عن المركبات".

ومن المتوقع أن تبلغ الطاقة الاستيعابية للمشروع 1.16 مليون راكب يومياً عند بداية تشغيله، وأن ترتفع إلى 3.6 ملايين راكب يومياً خلال عشر سنوات.

ويقول أبو أنس وهو مهندس سعودي: "المسافة بين بيتي ومكان عملي في جنوب الرياض غير كبيرة إطلاقاً، لكن يستغرق الأمر مني نحو 50 دقيقة بالسيارة ذهاباً ومثلها إياباً. أعتقد بالمترو قد يستغرق الأمر مجرد ست دقائق".

ويقول محمد، وهو مدرس مصري يعمل بالعاصمة: "سأنتظر وأرى الأسعار قبل أن أقرر استخدام المترو أم لا، لو كانت أسعار التذاكر مرتفعة. أكيد سيكون ركوب السيارة أوفر لي".

وأضاف: "لتر البنزين بيكلفني 50 هللة (0.13 دولار)، فلو هانزل الشغل واوصل ولادي للمدرسة بالمترو هايكون الأمر مكلف اكتر من العربية. الزحام هو المشكلة الوحيدة، لكن الواحد خلاص اتعود".

ولا يوجد بالسعودية، أكبر اقتصاد عربي وأكبر مصدر للنفط في العالم، سوى عدد محدود من وسائل النقل العام، وتعاني شوارع الرياض من الاختناق والتكدس المروري معظم ساعات النهار وحتى وقت متأخر من الليل.

 

حافلات حديثة

 

ومن المقرر أن يضم مشروع النقل العام بالعاصمة شبكة حافلات حديثة تغطي المدينة وتشمل حافلات تحت الطلب مزودة بخدمة الهاتف الجوال.

وفي حي البطحاء جنوب الرياض حيث يقطن الكثير من العمال الوافدين، لاسيما ذوو الدخل المنخفض، التقى تلفزيون "رويترز" بأحد سائقي خطوط "البلدة" وهي حافلات نقل متهالكة غير مكيفة وتعود طرز بعضها إلى ثمانينيات القرن الماضي يستخدمها العمال في الأساس.

(رويترز)