أحداث نهاية الأسبوع الماضي  كانت تمثل صورة قاتمة وموحشة للوضع في الديرة ، فقد كانت بداية يوم الخميس الماضي بتدفق أخبار إعلان وزير الأشغال العامة ووزير الكهرباء والماء  عبدالعزيز الأبراهيم خلال زيارة وفد مجلس الأمة لمشروع مستشفى جابر الأحمد عن تأخر المشروع لمدة عامين كاملين وحتى مطلع عام 2016 ، كما تصدر الصحف  في نفس النهار تصريحا لذات الوزير عن إلغاء بناء 4 مستشفيات جديدة ، وفي ظهيرة نفس اليوم توالت تقارير إعلامية عن فشل الخطة المرورية فشلا كاملا في التعامل مع حالة السير في أول أسبوع يكتمل فيه عودة دوام كافة المراحل التعليمية والجامعات والمعاهد التطبيقية ومعاناة البلد  نتيجة لذلك من ازدحامات خانقة ، ولم ينتهي ذاك الخميس الطويل إلا بحالة قتل مروعة مساءا لشاب كويتي هي الثانية في أقل من عام تقع في "المولات" التجارية.

Ad

أحداث ذلك الخميس تختصر أوضاعنا في الكويت ، فنحن في حالة نكبة وطنية ، وهو وصف غير مبالغ فيه على الأطلاق، فحالة مشاريعنا التنموية والخدماتية المستباحة والمباحة للعبث والتعطيل تعكس "فلتان" وتداعي النظام الأداري والرقابي في الدولة وبطلان القوانين "الداثرة" المتعلقة بالمناقصات وخلافه التي تصر الحكومة على عدم تغييرها وكانت هي الأولى بمراسيم الضرورة  لتطويرها، وكذلك بقاء مسئولين  في أجهزة حكومية تنفيذية في مواقعهم الرفيعة رغم كل المشاكل التي يعيشها قطاع المشاريع من استاد جابر حتى محطة مشرف وأخيرا مستشفى جابر .

أما مشكلة المرور فهي إنعكاس لتسيب في الشارع الذي ساد لسنوات ، وكذلك لصراع المصالح الذي يعطل مشاريع ثورية للنقل الجماعي مثل المترو وخلافه وأنشاء مدن جديدة خارج المنطقة الحضرية الحالية لنقل كثافات سكانية لها، وهي مشاريع مجمدة في الدراسات اللامنتهية ،وكتبنا عنها عشرات المرات ولكن لا حياة لمن تنادي، ولا أحد يعرف سر تجميدها ولعبة " الساحر والعصا" التي تستخدمها الحكومة منذ 2003 مع هذه المشاريع .

أما مقتل الشاب الكويتي في أحد مجمعات السالمية بنفس الأسلوب وبالسلاح الأبيض الذي أستخدم في جريمة "الأفنيوز" دليل على تسيب أمني لم ننجح أو بالأحرى لم يحاول أحد  في الدولة أن يواجهه بجدية، رغم أن هناك مؤشرات مزمنة وواضحة على تسيب أمني خطير في الأماكن العامة والأسواق يهدد حياة المواطنين أفرادا وأسرا،وهو ما يتطلب من الدولة اقرار قانون بصفة الأستعجال بتغليظ العقوبة على الشغب والتسكع وحمل السلاح في الأماكن العامة ووسائل النقل والطرق ، وأن تنشأ دوريات راجلة من الشرطة بمعدات وأفراد ذو بنية جسمانية مناسبة وتدريب كفؤ لحفظ أرواح الناس في الأماكن العامة، وعدم الأستجابة لأي صاحب "مول" ذو نفوذ يمنع دخول رجال تطبيق القانون الى مجمعه التجاري أو أي موقع عام ، ومنح رجال الأمن حرية تفتيش المشتبه فيهم في أعمال شغب أو ترويع الناس وحمل أي أسلحة بيضاء وهي أجراءات معمول بها في أعظم الدول في الحريات والديمقراطية.

بالتأكيد أن الحلول موجودة لكل مشاكل الديرة ذات الأمكانيات المالية الضخمة و البشرية المناسبة ، والتي تمكن مجلس الوزراء أن يتحول من قرارات التنظير الى حكومة أنقاذ وطني، فما عاد الوضع يحتمل التأخير وبرامج عمل ورقية ،بل يحتاج الى القرار القوي والحازم، ويستطيع مجلس الأمة كذلك أن يتحول الى غرفة انعاش للبلد عبر أقرار قوانين تعالج مشاكل المناقصات وبيروقراطية الدورة المستندية للمشاريع التنموية ، وتغليظ عقوبات التسيب الأمني وإلزام وزارة الداخلية بواجبات أمنية لأنقاذ الكويت من الغوص في الرمال المتحركة التي تبتلعها الى حالة أسوأ وأشد سوداوية من أحداث الخميس الماضي إذا أستمرت في حالة الجمود الحالية.