المال السياسي يفسد الانتخابات مبكراً
• التحالف الوطني: نستنكر التهاون الحكومي في حمايتها• «الخريجين»: التدخل فيها ليس غريباً على المتنافسين في السلطة
• النيباري: حملات لتخريب النظام الديمقراطي • باقر: شراء الأصوات فساد ودمار للوطنفي وقت استمر "الصندوق المليوني" في دعم مرشحين وشراء مفاتيح انتخابية وناخبين، ما يعني فساد الانتخابات مبكراً، عبر سياسيون عن رفضهم التدخل في سير العملية الانتخابية وتوجيه نتائجها لمصلحة فئة محددة.واستنكر أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي عادل الفوزان التهاون الحكومي في حماية العملية الانتخابية من تدخلات المال السياسي، ورعاية عدد من أقطاب الأسرة الحاكمة للانتخابات الفرعية، في محاولة منهم لاختطاف مجلس الأمة والحكومة، والسيطرة على القرار السياسي.وقال الفوزان، في تصريح أمس، إن ما ينشر من معلومات خطيرة حول "صندوق مليوني"، بالإضافة إلى تصريحات عدد كبير من المرشحين في جميع الدوائر عن وجود عمليات شراء أصوات منظمة، يؤكدان بوضوح أن برنامج التخلص من مجلس الأمة عبر السيطرة عليه هدف استراتيجي للمتنفذين من الشيوخ والسياسيين وغيرهم.وأضاف أن "مناشدة الحكومة لوقف هذا العبث لن تسمع لها أي صدى كونها هي الراعية لهذا السلوك"، داعيا في الوقت ذاته الناخبين الى التصدي لمثل هذه التحركات التي يراد منها تفريغ مجلس الأمة من مهامه الرقابية والتشريعية وجعله أداة تخدم مصالح فئة محددة من قوى الفساد، مؤكداً أن المرحلة المقبلة تتطلب حسن اختيار المرشح بناء على برنامجه الانتخابي وطرحه الوطني بعيداً عن انتمائه الطائفي أو القبلي.ومن جهته، أكد النائب السابق عبدالله النيباري أن دخول صندوق "مليوني" في غمار السباق الانتخابي هدفه دعم عدد من المرشحين لتشكيل كتلة أغلبية في مجلس الأمة المقبل، تكون طيعة بيد الحكومة، وتضمن من خلالها تمرير كل القوانين التي تريد إقرارها دون أي معارضة. وقال النيباري لـ"الجريدة" إن "استخدام المال السياسي خلال الانتخابات ليس بالأمر الغريب أو الجديد على السياسة الكويتية، غير أنه في السابق كان يأخذ طابعاً فردياً، إنما الآن بات منظماً، وبرعاية شيوخ وسياسيين ومتنفذين بهدف رسم خريطة جديدة للعمل السياسي"، لافتاً إلى أن "مثل هذا الأمر لا أعتقد أنه خاف على السلطة الحاكمة، أو يتم دون علمها، إن لم تكن شريكاً أساسياً في رعايته".وأوضح أن "المؤشرات والدلالات كافة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أننا ذاهبون حتماً إلى طريق إجهاض النظام الديمقراطي"، لافتاً إلى أن "مرسوم الصوت والواحد وتدخلات السلطة في الانتخابات دليل صارخ على ذلك، ناهيك عن عودة ظهور العديد من النواب الذين طالتهم الشبهات في قضايا الإيداعات المليونية، والنواب المحكوم عليهم في قضايا جزائية على الساحة السياسية".وأضاف أن "اللجنة العليا للانتخابات رفعت كتاباً إلى المحكمة بأسماء النواب المشطوبين، إلا أن المحكمة أجلت بت الأمر، ما يتيح لهؤلاء خوض المعترك الانتخابي والوصول إلى سدة البرلمان"، مؤكداً أن الصندوق "المليوني" يجعل كل ما يقال عن بناء الدولة وعمليات التنمية ومحاربة الفساد ومكافحة الرشوة مجرد حبر على ورق لا قيمة له، وشعارات رنانة تهدف إلى ذر الرماد في العيون دون أي إجراء على أرض الواقع.بدوره، قال النائب السابق مسلم البراك إن "التفاصيل التي نشرتها (الجريدة) بشأن تخصيص صندوق مليوني لشراء الأصوات في الانتخابات البرلمانية المقبلة، والطريقة التي تم بها عرض الموضوع، والتفاصيل الواردة، تدل دلالة واضحة على معلومات دقيقة"، مضيفاً: "وما يعزز الاعتقاد رسوخاً حول هذه المعلومات أن الحكومة عندما جاءت بالمرسوم بقانون 20/2012 بشأن الصوت الواحد لم تتطرق في مذكرته الإيضاحية، ولو بإشارة واحدة، إلى المال السياسي وشراء الأصوات، ما يدل على أن هذا العمل المظلم يتم تحت رعاية حكومية كاملة".وأوضح البراك، في تصريح أمس، أن "الصندوق المالي العامل في الدوائر الانتخابية له مجلس إدارة، ويرأسه ابن أحد سراق المال العام، وقد لوحظ تردده شبه اليومي على أحد المواقع الحساسة في اتخاذ القرار".من جهته، قال نائب رئيس جمعية الخريجين إبراهيم المليفي إن "التدخل في الانتخابات سواء كان بالمال السياسي أو عن طريق فتح الباب على مصراعيه لمعاملات المرشحين المقربين من السلطة ليس بالأمر الجديد، خاصة من جانب المتنافسين في أسرة الحكم، بل هو منذ قديم الأزل، ما ساهم في تخريب العملية الانتخابية في كثير من الانتخابات"، داعياً كل مواطن لديه معلومات حقيقية ودلائل على وجود مال سياسي أو صندوق انتخابي إلى الإبلاغ فوراً.وأكد المليفي لـ"الجريدة" أن "تدخل السلطة والمتنفذين وأصحاب المصالح السياسية الدائمة والمؤقتة أصبح أمراً شائعاً نلمسه في كل انتخابات منذ بداية الحياة السياسية والديمقراطية في الكويت عدا انتخابات 63، التي تعتبر أكثر الانتخابات نزاهة في مسيرة الحياة السياسية بالكويت بشهادة الرمز أحمد الخطيب".وتعليقاً على ما نشرته "الجريدة" بشأن وجود صندوق انتخابي لدعم مرشحين، قال المليفي: "لا يوجد دخان من دون نار"، مشيراً إلى أن "المال السياسي يطرح في كل انتخابات ولابد من العمل الجاد والمصداقية الكبيرة من أجل مكافحة هذه الظاهرة التي باتت تشوه سمعة الديمقراطية الكويتية". وأوضح أن "نزاهة الانتخابات أمر ملح ومهم جداً، لأننا من خلاله سنصل إلى مشروعية العملية السياسية"، لافتاً إلى أن "ذلك يدخل فيه أيضاً قضية ترتيب بيت الأسرة مستقبلاً، الأمر الذي يتطلب من أفرادها التدخل في الانتخابات بشتى الطرق، وهذه هي طبيعة المعركة السياسية حالياً، إذ تجاوزت العملية تأمين الرقم المريح من النواب الخاص بأغلبية الحكومة لما هو أبعد من جانب هؤلاء المتنافسين في أسرة الحكم".أما الوزير الأسبق أحمد باقر فأكد حرمة شراء الأصوات والتعامل بها من قبل المرشحين أو الناخبين، مشيراً إلى أن ذلك يعتبر دماراً للوطن وعواقبه السلبية على البلد كبيرة لما تشكله هذه الظاهرة من فساد كبير إذا تم السكوت عنها. وطالب باقر في تصريح لـ"الجريدة" السلطات المعنية والمواطنين بالإبلاغ عن شراء الأصوات، مؤكداً أن هذا الفعل جريمة يعاقب عليها القانون طبقاً لما نصت عليه المادة 14 من قانون الإجراءات.وطالب أيضاً وزارة الداخلية بشن حمله أمنية كبرى والقيام بتحرياتها واستخدام جميع الوسائل الكفيلة بالكشف عن الراشين والمرتشين المتعاملين في شراء الأصوات من مرشحين وناخبين، ليكونوا عبرة لغيرهم، موضحاً أنه متى ما تم ضبط المتعاملين بهذه الظاهرة فإنها ستنحسر كثيراً بسبب الخشية من الضبط والعقاب.