المشاهد البوليسية التي واكبت قصة ملاحقة النائب مسلم البراك على خلفية صدور حكم قضائي بحبسه تعكس كم هو مسكين الشعب الكويتي، وكيف أنه "عايش الدور" في مسرحية تحول فيها إلى "كومبارس" لا أكثر ولا أقل!
فهناك شعار جميل ومهيب ينادي به الصغير والكبير عنوانه هيبة القانون، ولكن عملياً لا أحد من الكبار والصغار يريد تطبيقه على أرض الواقع، لسبب بسيط هو أننا نعيش في بلد اسمها الكويت، والكويت والقانون متناقضان لا يجتمعان ولا يلتقيان كما يقول علم المنطق، ولعل ما يدعو إلى الأسى أكثر هو ألا أحد يعرف كيف يتم تطبيق القانون!وزارة الداخلية، وعلى رأسها السيد الوزير، تعيش وضعية غريبة وحالة يرثى لها، في جهة يبدو أنها لا تفقه فن تطبيق القانون سواء في التعاطي مع المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات ومدى قانونيتها ومستوى ردعها أو احتوائها أو قمعها، ومن ناحية ثانية يعيش وزير الداخلية بين "المايتين" أي في آتون استقطاب شعبي حاد لا يعرف أي طرف يرضي فيحاول أن يسجل نقاطاً من التشفي والانتصار على الطرف الآخر.وحتى التهديدات باستجواب الوزير ليست سوى غطاء وهمي الغرض منها دفع الوزير إلى تبريد "كبد" بعض نواب المجلس الحالي بقبر المحتجين في مكانهم، وبهدلة مسلم البراك ومعه نواب المجلس المبطل، ومثل هذه الممارسات هي بمنزلة اللعب بالنار من أوسع أبوابه، ولهذا لجأت "الداخلية" إلى تكتيك يرضي الطرفين، فالقوات الخاصة ورجالها المقنعون ومعهم الكاميرات يداهمون ديوان البراك في وقت متأكدين فيه من عدم وجوده، ويعتقلون ثلاثة شباب ليقيدوهم في حديقة المنزل حتى يتم تصويرهم وتنشر في "الواتس آب"، أما الأوقات التي يعلن مسلم البراك وجوده وإلقاء خطبه النارية فلا تتجرأ قوات الأمن من الاقتراب من مكانه!وتعجز في الوقت نفسه وزارة الداخلية عن جلب ورقة الاعتقال الأصلية لدرء أي حجج قانونية أو إجرائية في آلية القبض على النائب السابق أو قيامه بتسليم نفسه طواعية، وهذه دلالة أخرى على ورطة وزير الداخلية في مطالبته بجرجرة مسلم البراك بأسلوب مهين ليصفق له مستجوبوه، وعدم الجرأة بالإقدام على مجازفة من هذا النوع.لذلك، فالسيناريو الواقعي الحقيقي هو إتاحة الفرصة لكل جانب في استغلال هذا النوع من "الأكشن" وإشباع ما يختلج صدره من مشاعر، إما للتشفي وإما للتعليق كرد فعل نفسي على هكذا إجراءات، وهذا استمرارٌ للمشهد العام الذي كنا نعيشه خلال السنوات الخمس الماضية.إن تجسيد مبدأ القانون وسيادته أبسط بكثير وأقل كلفة من مثل هذه الأفلام المصطنعة، ولا يتحقق إلا بخلق سوابق جديدة نرى من خلالها النائب المسيء والشيخ المسيء والتاجر المسيء وأي مسيء آخر بغض النظر عن قبيلته أو طائفته أو عائلته في دورية واحدة وخلف قضبان موحدة، وهذه بداية الدرب للإصلاح الحقيقي وإن دفع الوزير كرسيه ثمناً له!
مقالات
هيبة القانون المفترى عليه!
26-04-2013