بددت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية جهود الحكومة المصرية في استباق «الضربة» التي وجهتها لها لجنة صندوق النقد الدولي، التي أكدت تحفظاتها عن الموازنة المصرية والخطط الاقتصادية التي وضعتها الحكومة.

Ad

وقبل ان يصرح وزير التخطيط المصري أشرف العربي بأن «نيل قرض سريع من صندوق النقد الدولي ليس أمرا مطروحا، بل نحتاج إلى إجراءات هيكلية واسعة، لا إلى إعانات عاجلة من الصندوق»، نشرت الصحيفة تقريرا استند إلى تحفظات لجنة صندوق النقد أكدت فيه أن جهود السلطات المصرية التي كانت على مدار السبعة أشهر الماضية لإقناع صندوق النقد الدولي أن مصر جديرة بالقرض البالغة قيمته 4.8 مليارات دولار، قد «تبخرت».

وأبرزت الصحيفة أن مصر الآن تعيش أصعب فتراتها على مدار التاريخ، وأن صندوق النقد الدولي يرى ويدرك تماما تردي الأوضاع في مصر في الفترة الأخيرة، وما يزيد الأمر سوءا أن الحكومة المصرية الحالية بقيادة الرئيس مرسي لا تقدم أي حلول أو خطط مستقبلية للخروج من الأزمة الاقتصادية، وهذا ما أوردته لجنة صندوق النقد.

إخفاقات الحكومة

وذكرت أن الاحتياطي الأجنبي في مصر يبلغ 13.5 مليار دولار، مشيرة إلى أن هذا الرقم خير دليل على تردي الوضع الاقتصادي، والذي أصيب عن طريق إخفاقات الحكومة سياسيا واقتصاديا.

وزادت ان فرصة مصر في الحصول على قرض صندوق النقد الدولي قد تكون ضعيفة جدا، خاصة بسبب قرار المحكمة الدستورية تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى يونيو المقبل، إضافة إلى الانفلات الأمني في الشارع الذي يلقى خروج تظاهرات واحتجاجات يوميا، والتي كان آخرها حرق مقر اتحاد الكرة المصري ونادي الضباط، على خلفية تداعيات قضية مذبحة التراس أهلاوي في بورسعيد.

ويبدو أن الحكومة المصرية أرادت استباق نشر قرار لجنة الصندوق، عبر وزير تخطيطها، الذي رد على سؤال عن تقارير إخبارية ذكرت أن القاهرة ربما تحصل على قرض سريع من الصندوق، بأنه «ليس من المطروح لنا في مصر الحصول على قرض سريع، ولكن هذا الكلام يطرحه الصندوق في مفاوضاته مع العديد من الدول، وفي حالتنا لا نحتاج إلى قروض سريعة».

وكانت مصر قد دعت -قبل أيام- صندوق النقد الدولي إلى استئناف المفاوضات حول قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار، بعد توقف تلك المفاوضات منذ نهاية ديسمبر الماضي، ولم ترد المؤسسة المالية الدولية رسميا -حتى الآن- على دعوة القاهرة، التي جاءت بعدما قدمت حكومة هشام قنديل برنامجا معدلا، بهدف خفض عجز الميزانية إلى أقل من 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام المالي 2013-2014.

تردد الصندوق

وذكر محللون أن الصندوق يبدو مترددا في التفاوض حول اتفاق شامل بشأن القرض، في ظل الاضطرابات السياسية الحالية التي تشهدها البلاد، مضيفين أن الصندوق قد يعرض على القاهرة تمويلا قصير الأجل يكون حجمه صغيرا وغير مقرون بشروط تقتضي تنفيذ إصلاحات مؤلمة. ويرى هؤلاء أن الدعم المالي الطارئ من الصندوق من شأنه -إذا ما حصل- أن يساعد مصر على اجتياز فترة الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة في 22 المقبل قبل أن تتأجل، كما أن من شأنه بعث رسالة إلى الأسواق المالية حول التزام مصر بالإصلاحات الاقتصادية. وتواجه مصر مشكلات اقتصادية متفاقمة، فقد تقلصت احتياطاتها من العملات الأجنبية بنسبة تزيد على الثلث مقارنة بالمستوى المسجل قبل اندلاع ثورة 25 يناير، وذكر جهاز الإحصاء المركزي أمس الأول أن معدل التضخم تفاقم الشهر الماضي، حيث ارتفعت الأسعار في المدن بنسبة 8.2 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2012، ما يشكل زيادة كبيرة مقارنة بيناير الماضي الذي بلغت النسبة فيه 6.3 في المئة.

منحة أميركية

وأبرمت مصر والولايات المتحدة أمس بالقاهرة اتفاقية منحة بقيمة 190 مليون دولار، بحضور رئيس مجلس الوزراء المصري هشام قنديل والسفيرة الأميركية آن باترسون، ووقع عن الجانب المصري وزير التخطيط أشرف العربي، وعن الجانب الأميركي مديرة بعثة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ماري آوت.

وبعد التوقيع قال العربي إن الرئيس الأميركي باراك أوباما أعلن منحة بقيمة مليار دولار لمصر، منها 450 مليونا على شريحتين، الأولى بقيمة 190 مليونا والثانية بـ260 مليونا، مضيفا أن الاتفاقية التي تم توقيعها اليوم ستذهب لدعم الموازنة وأغلبها لمشروعات استثمارية، إضافة إلى 60 مليون دولار حصلت عليها مصر من خلال مجلس الأعمال المصري الأميركي.

وأوضح أن التوقيع جاء بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري  للقاهرة الأسبوع الماضي، في إطار دعم واشنطن للبرنامج الاقتصادي والاجتماعي الذي أعدته الحكومة بمشاركة كل فئات المجتمع، والذي تم طرحه على صندوق النقد الدولي.

وأكد أن المشاورات بين الجانبين مستمرة حول عناصر حزمة المساعدات الاقتصادية الأميركية، والتي تشمل إضافة إلى التحويلات النقدية إنشاء صندوق أعمال مصري أميركي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك استكمال التمويل للمشروعات الجاري تنفيذها في برنامج المساعدات الاقتصادية الأميركية. وعن الدفعة الثانية من المنحة، بين العربي أن مصر ستحصل عليها قبل نهاية العام، وستعرض على مجلس الشورى لإجازتها.

من جانبها، أبدت السفيرة الأميركية ترحيب بلادها بدعم مصر وتقديم الدعم اللازم لمشروعاتها الاقتصادية والاستثمارات الجديدة بها، موضحة أن هذه المنحة تأتي في إطار الحزمة التي أعلنها أوباما.

وقال قنديل، في صفحته على «فيسبوك» إن الاتفاقية تأتي في إطار حزمة المساعدات الاقتصادية الأميركية لمصر، ومن المنتظر أن يقدم الجانب الأميركي تحويلات نقدية أخرى قدرها 260 مليون دولار.