تضفي الحديقة أو أحواض النباتات والأزهار جوّاً يبعث على التفاؤل في الصدور، ومسحة من الجمال تزيّن المنزل من الخارج والداخل. ولا يخلو عالم النبات من سحر وغرابة إن في أشكاله أو ألوانه أو رائحته، وقد أولى العلماء جلّ اهتمامهم لهذا العالم الذي يحتوي الجمال والقبح والروائح الطيبة والخبيثة والعناصر الشافية والقاتلة في آن.

Ad

ومن غرائب هذا العالم المدهش ثمة نباتات فتاكة وظيفتها استدراج الحشرات والقضاء عليها. والاهتمام بزراعة هذه النباتات ليس صعباً لكنه يحتاج إلى توافر بعض المعلومات الخاصة حول احتياجات هذه الأعشاب من التربة والماء والضوء والعناصر المعدنية.

نباتات لاحمة

تسمّى النباتات آكلة الحشرات {نباتات لاحمة} لأنها تستمدّ عناصرها الغذائية من استهلاك الحشرات وامتصاص أجسامها، لكنّ هذا الأمر لا يعفيها عن إنتاج غذائها الذاتي من طريق تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كيماوية، وهي تنمو في تربة رقيقة لا قيمة غذائية لها وتفتقر بخاصة إلى النيتروجين.

لا تقلّ النباتات المفترسة عن 120 نوعاً تجمعها ثمانية أجناس تنتمي إلى خمس فصائل، ويعمّ انتشارها معظم أصقاع العالم باستثناء المناطق القطبية. وأشهر هذه النباتات خانق الذباب والنيدمان والسلوس والبوقية وحشيشة الدهن. أما اقتناصها للحشرات فيختلف بين جنس وآخر حسبما هو مفصل في ما يلي:

خانق الذّباب Dionaea

يدعى أيضًا {مصيدة فينوس} وينمو على شكل تجمعات تتألف من سبع نباتات أو أكثر، تحيط بساق رئيسة يصل ارتفاعها إلى 30 سنتمترًا، وتعيش في مستنقعات ولاية كارولينا.

يشبه هذا النبات مصيدة حقيقية ذات فم بأسنان طويلة على الجهتين، ويتميز بسرعة حركة فائقة خلافاً للنباتات الأخرى ذات الحركة البطيئة أو تلك التي لا تتحرك، وهو يتكوّن من ورقتين لونهما أخضر، توجد في داخلهما شعيرات حمراء أو صفراء على شكل أشواك.

تجذب ألوان النبتة الطرائد إليها، وعندما تلمس الطريدة الورقة تنطبق الفلقتان عليها وتحتجزانها ثم تبدأ عملية الهضم بفرز عصارات الأسيد ليسهل امتصاصها شيئًا فشيئاً وتحويلها إلى غذاء.

بوقيّة Sarracenia

تدعى أيضاً {عشبة الأبواق} وهي نبتة معمّرة تنتصب على شكل أبواق يعود أصلها إلى جنوب الولايات المتحدة وكندا. صفحاتها الخارجية مزخرفة متراكبة، أما الداخلية فمتكاثفة وشديدة التوتر عند لمسها.

تتجمع مياه الشتاء داخل البوق الذي تفرز غدده رائحة تثير الذباب والفراش والهوام، وعندما يدخل البوق لارتشاف إفرازه يغرق في المياه ولا يتمكن من الانفلات.

سَلوَس Nepenthes

نبات معمّر يدعى أيضاً بـ{الجرة} ويشبه الجراب المعلّق يعلوه غطاء يفتح وينغلق عند الاقتضاء.

يجتمع في جراب النبتة رحيق لزج تفرزه غدد خاصّة لاجتذاب الحشرات. فإذا ما دخلت الحشرة لارتشاف الرحيق انزلقت في السائل وانطبق عليها الغطاء، فتغرق وتنحلّ وتتحوّل إلى غذاء يمتصه النبات. ولا ينفتح غطاء الجرة أو الجراب إلاّ بعد مرور بضع ساعات.

ينمو نبات السلوس بكثرة في جنوب الصين وأندونيسيا وماليزيا والفيليبين وأستراليا والهند وسريلانكا.

نَيْدَمان Drosera

لهذه العشبة اسمان آخران هما: نديان وورد الشمس وهي عشبة معمّرة تنبت في المناقع والمواقع الشديدة الرطوبة، خصوصاً في جنوب غربي القارة الأسترالية.

أوراق النيدمان قرصيّة ونصالها مستديرة، وهي مدروزة باللوامس الدابقة التي تلتقط كل حشرة تقترب منها ثم تقضي عليها وتمتصها بعدما تفرز لوامسها العصارة الحامضية الهاضمة والمطلوبة. وعند نهاية عملية الامتصاص، تعود النصال إلى ما كانت عليه وتعود اللوامس إلى الانتصاب وفرز المواد الدابقة بانتظار فريسة جديدة.

حشيشة الدّهن

Pinguicula vulgaris

عشبة نجمية معمّرة منبتها المناقع وضفاف مجاري الماء. أوراقها قرصية ونصالها متراكبة وشكلها إهليلجيّ. تفرز نصالها مادة لزجة تجتذب الحشرات حيث يقضى عليها وتتحوّل إلى مادة غذائية.

يسمّي البعض هذه العشبة بحشيشة النجارين لأن أوراقها وأزهارها تدمل الجروح بسرعة، وهي تعيش في الأماكن الرطبة وتنمو بين الصخور الكلسية في أميركا الشمالية والوسطى والجنوبية وأوروبا، ولكنها غير متوافرة في أفريقيا وآسيا وأستراليا.

في المخيلة الجماعية

لاقت النباتات المفترسة إقبالاً كبيراً في مخيلة الناس، فكتب الرواة عنها قصصاً خيالية، ووصفها المكتشفون الأول بأسلوب يدعو إلى الدهشة، واعتمدها أرباب صناعة السينما والتلفزيون مادة جذابة للجمهور، وأشهر ما صدر في هذا المجال أسطورة {الشجرة آكلة لحوم البشر} في مدغشقر والتي تعود إلى القرن التاسع عشر.

أما إذا أردت أن تزرع في حديقتك نوعًا من هذه النباتات فما عليك سوى شراء إحداها وغرسها فتتخلص من الحشرات والهوام وأنواع الحلزون الصغير.