الذهب... عمليات تصفية دراماتيكية «نشهدها مرة واحدة»

نشر في 22-04-2013 | 00:01
آخر تحديث 22-04-2013 | 00:01
No Image Caption
«ساكسو بنك»: أسعار السلع تستقر بعد حالة تراجع فوضوية... والمعدن الأصفر في الطليعة

تعرضت معظم القطاعات للأذى نتيجة سعي المستثمرين إلى الهروب من المخاطر، وهو سعي امتد أيضاً إلى فئات أصول أخرى

خصوصاً الأسهم. في إحدى المراحل انخفض مؤشر "داكس" بمقدار (2.7) في المئة خلال دقائق يوم الأربعاء، وهي الحركة التي مازال يتوجب عليه أن يتعافى منها.

استحوذت عمليات بيع التصفية للذهب التي تمت بشكل دراماتيكي على معظم الاهتمام على مدار الأسبوع، وهي عمليات البيع التي يمكن وصفها بأنها حدث يشهده المرء مرة واحدة خلال حياته. كما تعرضت سلع أخرى لبعض النكسات الكبيرة تحت تأثير ظهور المخاوف بشأن الطلب على الكثير من السلع الرئيسية، وهي مخاوف أثارها ما يصدر من إشارات تدل على تباطؤ النمو في الصين

والولايات المتحدة الأميركية والكساد في أوروبا، في وقت تشهد فيه الأسواق معروضاً وافراً إن لم يكن متزايداً.

حتى مع اقتراب نهاية الأسبوع عاد نوع من استقرار الأسعار، لكن عمليات البيع نتيجة التوتر والقلق ستستمر على امتداد الأسابيع القادمة خلال ربع السنة، الذي أثبت أنه كان فترة صعبة عموماً وبالأخص على قطاع الطاقة خلال السنوات الأخيرة.

وقال تقرير صادر عن "ساكسو بنك" إن معظم القطاعات تعرضت للأذى نتيجة سعي المستثمرين للهروب من المخاطر، وهو سعي امتد أيضاً إلى فئات أصول أخرى خصوصاً الأسهم. في إحدى المراحل انخفض مؤشر "داكس" بمقدار (2.7) في المئة خلال دقائق يوم الأربعاء، وهي الحركة التي مازال يتوجب عليه أن يتعافى منها. شكل الذهب طليعة هذه التراجع الفوضوي بعد إخفاقه في المحافظة على المكاسب التي حققها عند مستوى (1.525) دولار أميركي للأونصة. أصبح المتاجرون والمستثمرون منقسمين حالياً على نحو كبير حول تصورهم لوضع المعدن الثمين على المدى القريب، في ضوء التحليل الفني الذي يشير إلى أنه سيكون هنالك انخفاض محتمل ليصل سعره إلى (1.150) دولار أميركي للأونصة، في حين يتطلع آخرون إلى الانخراط في عمليات الاتجار بالمعدن الثمين عند مستويات الأسعار هذه التي شهدها السوق آخر مرة قبل عامين تقريباً.

بيانات اقتصادية

شهد مؤشر يو بي إس- داو جونز، الذي يحوي استثمارات بقيمة مليارات الدولارات، انخفاضاً بمقدار (14) في المئة منذ الذروة التي شهدها في شهر سبتمبر من السنة الفائتة. وقد تسارع هذا الانخفاض خلال شهر أبريل مع تدهور أرقام البيانات الاقتصادية ودور التوقعات بمحاصيل وفيرة هذا الصيف في تخفيض مكاسب أسعار المحاصيل الرئيسية.

انتهى المطاف بالنمو الصيني في الربع الأول من السنة منخفضاً إلى ما دون المستوى المتوقع له، الأمر الذي ساعد على وضع ضغوط إضافية على المعادن المستخدمة في الصناعة وعلى النفط الخام. وسعر النحاس منخفض حالياً بأكثر من (20) في المئة عن مستوى الذروة التي وصل إليها في عام 2012، وهو مستوى يؤشر بشكل عام إلى أنه سيدخل في مرحلة سوق انخفاضية (متدهورة)، علماً بأنه من الناحية التاريخية شكل سعر النحاس مقياساً جيداً يدل على النمو والطلب العالميين، ولكن جودة هذا المقياس تشوهت نوعاً ما في السنوات الأخيرة في ضوء الاعتماد المفرط على الطلب الصيني.

أما بالنسبة للغاز الطبيعي فقد قفز سعره إلى أعلى مستوى له خلال (21) شهراً يوم الخميس، بعد نشر بيانات المخزون الأسبوعية التي أظهرت زيادة في المخزون السلعي أقل من المتوقع. لقد أدى الطقس الذي كان أبرد من المعتاد لهذا الوقت من السنة، بالإضافة إلى طلب عام أعلى، إلى أن تكون أول دفعة من الغاز التي تم ضخها في الخزانات لهذه السنة والتي تأتي بعد فترة استهلاك مخزون الغاز خلال الشتاء أقل من المتوقع.

هذا الأمر جعل المخزونات تقف عند مستوى (1.7) تريليون قدم مكعبة وهو مقدار أقل بمقدار الثلث من مستواه في نفس الوقت من السنة الماضية. لقد ساعد هذا الأمر سعر الغاز الطبيعي على أن يتعافى بقوة في الأشهر الأخيرة، ما جعله الأفضل أداءً من بين السلع الرئيسية من خلال تحقيقه مكاسب تفوق (30) في المئة خلال فترة سنة من تاريخه.

تراجع في أسعار مجموعات المعادن كلها

تنتمي السلع الخمسة ذات الأداء الأسوأ إلى قطاع المعادن، حيث تتعرض المعادن المستخدمة في الصناعة والمعادن الثمينة ومعادن مجموعة البلاتين لضغط شديد. انخفض سعر النحاس إلى ما دون مستوى (7000) دولار أميركي للطن الواحد في بورصة لندن للمعادن، وتعرض لأسوأ انخفاض خلال أسبوع منذ عام 2011

وذلك نتيجة فقد المكاسب الناجمة عن المخاوف بشأن النمو العالمي

وعمليات بيع التصفية للمعادن القريبة منه. لقد كانت صناديق التحوط، قبل الجولة الأخيرة من عمليات البيع، تحتفظ من قبل بأكبر مركز قصير الأجل صاف منذ عام 2006 على الأقل، ومما لاشك فيه أن قيمة ذلك المركز ستكون قد ازدادت أكثر خلال الأسبوع.

أما الفضة التي تلقت ضربة مضاعفة نتيجة كونها معدناً مستخدماً في الصناعة ومعدناً استثمارياً فقد انخفض سعرها إلى أضعف مستوى لها منسوبة إلى الذهب منذ شهر سبتمبر 2010. في ضوء السعر الحالي فإن أونصة واحدة من الذهب تشتري (60) أونصة من الفضة، في حين كانت أونصة الذهب تشتري (50) أونصة فضة في نهاية عام 2012، عندما كان تصور النمو يدعو للتفاؤل كثيراً.

بعد يومي بيع التصفية التاريخيين، اللذين خفضا قيمة أونصة الذهب بمقدار (213) دولاراً أميركياً، أمضى الذهب بقية الأسبوع يقوم بمحاولات تجريبية ليتعافى، ولكن الآن ومع كون مرحلة سباق ارتفاع الأسعار الممتد على سنوات قد أصبح خلفنا، فإن بعض العصبية الناجمة عن ضغط السوق ستصر على أن الأسوأ ربما لم ينته بعد. ستكون الأيام والأسابيع القادمة مهمة جداً، لكون الأمر أصبح الآن حرب أعصاب.

هل سيستمر المستثمرون الذين يتعاملون في الأوراق المالية المتداولة في البورصات في تخفيض حجم استثماراتهم، علماً بأنهم قد بدأوا لتوهم فقط في تخفيضها في شهر فبراير، في حين أن صناديق التحوط بدأت في الانسحاب منها في شهر أكتوبر؟ أم هل سيثير المناخ الاقتصادي الحالي المتباطئ إلى جانب استئناف الطلب المادي بعض المكاسب وفي النهاية سيحفز صناديق التحوط على أن تخفض المراكز القصيرة الأجل؟ في حين ان تقارير تحليل المشهد الفني تشير إلى سعر مستهدف قدره (1.150) دولار أميركي للأونصة، فإننا نتطلع إلى مكاسب تجعله يصعد في النهاية إلى سعر (1.300) دولار أميركي للأونصة، في حين أن أي تعافي من النقطة الحالية سيواجه بمقاومة شرسة على أساس السعر القديم البالغ (1.525) دولار أميركي للأونصة.

النفط الخام يحافظ على سعر 100 دولار

لقد شكل ضعف النفط الخام معلماً مميزاً خلال شهر أبريل، وحصل أبكر بشهر واحد مما كان عليه السنتين الماضيتين، ومرة أخرى نشطت عمليات البيع بفعل متعاملين مضاربين أسسوا مراكز طويلة الأجل غير مستدامة، متوقعين طلباً متزايداً ناتجاً عن توقعات نمو عالية. مع صدور البيانات الأخيرة خصوصاً تلك القادمة من الصين التي أظهرت إشارات ضعف، فقد انخفضت أسعار النفط مع عدم وجود أي وضع جيوسياسي حالياً يفرض أي خطر على المعروض. بالنظر إلى التاريخ القريب فقد كان الربع الثاني يفرض تحدياً على أسعار النفط في عامي 2011 و2012، ولم يشكل عام 2013 استثناءً لذلك. هنالك اعتقاد عام أن الطلب الفصلي سيزداد خلال الشهر القادم وحيث إن منظمة «أوبك» تشاهد سعر سلة نفطها الخام تهبط ما دون مستوى 100 دولار أميركي للبرميل للمرة الثالثة فقط خلال ثلاث سنوات، فإن بعض التدخلات الكلامية قد لا تكون بعيدة.

أسواق النفط متوازنة بشكل جيد حالياً ولكن فقط وفقاً لمنظمة «أوبك» التي تستمر في إنتاج كميات تفوق إنتاجها اليومي المستهدف المقرر البالغ 30 مليون برميل يومياً. مع نجاح المملكة العربية السعودية في تخفيض سعر برميل النفط إلى 100 دولار أميركي، فإنها ستحول تركيزها الآن نحو تجنب أي ضعف إضافي انطلاقاً من هذا السعر. مرة أخرى فإن التدخلات الكلامية يمكن وفي حال عدم نجاحها أن يتلوها تخفيض على الإنتاج، والذي يجب أن يمضي بعيداً في هذا المضمار ليحافظ على سعر برميل النفط قريباً من مستوى 100 دولار أميركي. تم التخلص تقريباً من الخطر الجيوسياسي الذي كان يترافق في الغالب مع أسعار النفط، ورغم عدم وجود تهديدات حالية فإن نقاطاً ساخنة محتملة عديدة يمكن أن تغير بسرعة هذا المفهوم. تستمر المفاوضات مع إيران حول نوايا مشروعها النووي دون التوصل إلى نتائج، كما أن حالة عدم الاستقرار المستمرة في سورية تفرض تهديداً آخر.

ما لم يحصل أي حدث جيوسياسي فإن هنالك احتمالات صعود في سعر خام برنت على امتداد الأسابيع المقبلة مع كون السعر الحالي من المحتمل جداً أن يستقر ضمن مجال الـ100 دولار أميركي للبرميل، قبل أن يعاود الارتفاع إلى المعدل الذي كان عليه قبل سنتين البالغ 111 دولارا أميركيا في وقت لاحق، ولكن من المحتمل أن ذلك لن يحدث قبل شهر يوليو. يجب أن يساعد الطلب المتصاعد من الشرق الأوسط خلال فترة حرق النفط الصيفية على تأمين الطلب المتزايد على الكهرباء، بالإضافة إلى الطلب الصحي العام من أماكن مثل أميركا اللاتينية في تعافي سعر برميل النفط الخام مع قدوم النصف الثاني من عام 2013.

back to top