عصر الأسواق الناشئة يوشك على الانتهاء

نشر في 03-07-2013 | 00:01
آخر تحديث 03-07-2013 | 00:01
No Image Caption
ابتداءً من 2002 أصبحت الأسواق الناشئة نسخة مضخمة عن العالم المتقدم، وفي كل مرة كان فيها مؤشر MSCI العالمي يعطي أداءً جيداً، كان أداء الأسواق الناشئة أفضل حتى من ذلك، والعكس صحيح.
تحول المد من الأسواق الناشئة. هذا أمر واضح الآن بعد شهر مليء بالجيشان تراجعت فيه أسهم الأسواق الناشئة بنسبة 12.7 في المئة قبل أن تستعيد 6.4 في المئة في الأيام الأربعة الأخيرة من الأسبوع الماضي، في حين أن السندات في تلك الأسواق هبطت بقوة بأكثر من 8 في المئة قبل أن تتمتع بارتداد مقداره 3 في المئة في الأسبوع الأخير.

وأحداث يونيو جعلت هذا التغير واضحاً، لكن المد بدأ بالتغير أصلاً منذ السنة الماضية. والسؤال المهم هو إلى أي مدى سيستمر الخروج؟

للجواب على ذلك، دعونا نلقي نظرة على عصر الأسواق الناشئة الذي يوشك على الانتهاء. بدأ ذلك في 2002 حين وصلت إلى نهايتها سلسلة وحشية من أزمات العملات والإعسار التي انتقلت من المكسيك في 1994 عبر جنوب شرقي آسيا إلى البرازيل والأرجنتين. وتزامنت مع تدفق المال من الاحتياطي الفدرالي حتى يتجنب خطر الركود في أعقاب انفجار فقاعة الدوت كوم، وبفترة من النمو الاقتصادي المذهل في الصين.

ارتباط بالعالم المتقدم

وحتى 2002 كانت أسهم الأسواق الناشئة مرتبطة بصورة ضعيفة بالعالم المتقدم. ولم تمنع كوارثها في التسعينيات من القرن الماضي الولايات المتحدة وأوروبا من التمتع بأعظم سوق صاعدة في التاريخ. لكن ابتداءً من 2002 أصبحت الأسواق الناشئة نسخة مضخمة عن العالم المتقدم، وفي كل مرة كان فيها مؤشر MSCI العالمي يعطي أداءً جيداً، كان أداء الأسواق الناشئة أفضل حتى من ذلك، والعكس صحيح.

وخلال تلك الفترة شكلت معظم النمو الاقتصادي العالمي، وجمَّعت احتياطيات من العملات الأجنبية حتى تضمن عدم الوقوع في أزمة أخرى، واستفادت كذلك من ارتفاع أسعار السلع، وتراجُع التضخم، وأسعار الفائدة المتدنية في الولايات المتحدة وأوروبا. ومن عام 2003 إلى عام 2011 كانت عملات الأسواق الناشئة ترتفع بمعدل 7 في المئة سنوياً، في حين ازداد الائتمان بنسبة 11 في المئة سنوياً، وفقاً لجولدمان ساكس.

كذلك كانت هناك عملية إعادة تقييم هائلة للأسهم. ففي 2000 كانت أسهم البلدان المتقدمة تباع مقابل 3.9 مرات من قيمتها الدفترية، مقارنة بمعدل 1.8 مرة لأسهم الأسواق الناشئة. وبحلول 2007 كان يتم تداول أسهم الأسواق الناشئة مقابل علاوة على هذا الأساس، واستمرت على هذا النحو حتى فبراير من السنة الماضية. والآن تباع بأعلى حسم لها منذ 2005.

هذا التحول إلى التراجع في الأسعار – مع تراجع أسعار السلع – أعطى علامة على تغير المد. لكن لعل أكبر عامل هو أن مراكمة الأسواق الناشئة لاحتياطيات العملات الأجنبية، الذي هو ناتج ثانوي من الأموال المصبوبة من الغرب، تراجع إلى بضع قطرات. وارتفع احتياطي الصين من العملات الأجنبية بنسبة 4.1 في المئة فقط في 2012 – وهي أول مرة تشهد فيها ارتفاعا برقم من خانة واحدة منذ عام 2000.

علاوة على الأسهم

لماذا لم تعد هناك علاوة على الأسهم؟ العوامل الرئيسة المحركة للعقد العظيم في الأسواق الناشئة كانت غير قابلة للتكرار واستهلكت نفسها. وخلال الأسابيع القليلة الماضية أدركت العملات الأجنبية والسندات في الأسواق النامية هذه الحقيقة كذلك.

وهناك مناسبتان أدتا إلى تسريع هذا الإدراك. الأولى هي الموقف المتشدد للاحتياطي الفدرالي حول تشديد السياسة النقدية، ما أخاف المستثمرين ودفعهم إلى سحب أموالهم من الأسواق الناشئة. والثانية هي أن أسعار الفائدة التي تدفعها البنوك الصينية لإقراض بعضها لليلة ارتفعت بصورة حادة. وكانت هذه علامة من بنك الشعب الصيني على أنه يريد كبح الائتمان. وكثير من المؤسسات المالية الصينية تحت سيطرة الحكومة؛ لكن تشديد الائتمان سيعمل حُكماً على إبطاء النمو، ويزيد من خطر وقوع أمور أسوأ.

إذاً، ليس هناك خطأ محتمل والظروف الحميدة التي سادت في العقد الماضي لم تعد تنطبق الآن، فما هو التقييم الجديد العادل؟ الحسم الذي كان قبل 15 سنة كان علامة على خطر الأزمات، التي اشتملت على عملات ثابتة مقيمة فوق قيمتها الحقيقية ثم انخفضت بصورة مفاجئة، ما جعل من المستحيل على الحكومات أو الشركات تسديد الديون المفرطة التي اقتُرِضت بالعملات الأجنبية.

والآن احتياطيات العملات الأجنبية أعلى والعملات لا بأس بها، في حين أن معظم الاقتراض كان بالعملات المحلية. ولا تحتاج الأسهم إلى أن يتم تسعيرها للدخول في مخاطر أزمة مكسيكية أخرى على غرار ما حدث عام 1994.

لكن ربما تكون هناك حجة قوية لصالح حسم العملات التي تعتبر دون قيمتها الحقيقية.

عمليات بيع مكثفة

وإلى حد ما، هذا الحسم لازم لبيان وجود خطر من نوع مختلف من الأزمات، يزداد فيه هروب رأس المال ويتعمق استجابة للأوضاع المتردية في الغرب – وأكبر احتمال لذلك هو حدوث عمليات بيع مكثفة بصورة فوضوية في سندات الخزانة الأميركية، أو فصل جديد في أزمة منطقة اليورو.

وكثير من البلدان لديها قضايا خاصة بها. وفي السنوات الأخيرة تحول كثير منها نحو ضمان أن يتم توزيع الثروة بصورة أكثر عدلاً. وعلى المدى الطويل هذه فكرة جيدة، لكن ليست في مصلحة المستثمرين الدوليين في المدى القريب. وحين تنقلب الأسواق، لا بد للحكومات من أن تستجيب. والبلدان التي تستطيع أن تثبت أنها تعزز النمو ستتمتع بالعلاوة. فقد ازدهرت المكسيك التي انتعشت على آمال بالإصلاح، في حين أن تركيا والبرازيل تعانيان الوهن في الوقت الذي يشاهد فيه العالم الاضطربات في شوارعهما.

وليست هناك حجة قوية للشراء من الأسواق الناشئة بكميات كبيرة بصفتها فئة موجودات. هذه هي الطريقة التي اندفع بها القطاع خلال العقد الماضي، حين تدافع المستثمرون لصب المال في الصناديق السلبية التي كانت تتبع مؤشرات الأسواق الناشئة.

لكن ليست جميع البلدان، أو الشركات تستحق أن يتم التداول فيها بأكبر حسم في القطاع منذ ثماني سنوات. ومهمتنا هي معرفتها وتحديدها.

*فايننشيال تايمز

back to top