من أروع المصادفات أن تكون في إمارة دبي وفي نفس الوقت تشاهد الفيلم السينمائي عن حياة أسطورة الثورة المعلوماتية "ستيف جوبز"، وهو بالمناسبة من أصل عربي تخلى عنه أبواه بعد ولادته لتتبناه عائلة أميركية.

Ad

وثمة قاسم مشترك جميل بين ستيف جوبز والشيخ محمد بن راشد، فالأول اختزل العالم برمته بالصوت والصورة وبكل ما تعني كلمة عالم بتاريخه وحاضره ومستقبله وشخصياته وأحداثه وحضارته من معنى، في جهاز لا يتعدى كف اليد لينقلك حيثما تشاء ومتى تشاء إلى ما تشاء من معلومة أو موقع، وذلك في ثورة معلوماتية غير مسبوقة.

أما إمارة دبي بقيادة محمد بن راشد فقد حولت هذه البقعة القاحلة من أطراف الجزيرة العربية إلى ما يشبه جهاز الـIPHONE ولكن بحجم كبير تستطيع أن تتنقل فيه وكأنك تتجول في العالم بكل ما فيه.

ومثلما تدرج ستيف جوبز في اختزال المعلوماتية عبر مراحل ومن خلال أجيال متعاقبة من التكنولوجيا بدأها بكمبيوتر الـAPPLE المشهور، ثم جهاز الماكنتوش أو "الماك"، ثم الـIPOD وأخيراً الـIPHONE، كذلك تدرجت دبي في مراحل وكل مرحلة تتفوق على ما سبقتها بالفن المعماري والتقنية الحديثة وجمال الصنعة.

والمرحلة الجديدة في دبي تتمثل بمشروع مدينة محمد بن راشد الضخم وغير المسبوق على مساحة قدرها 4 ملايين متر مربع وفق برنامج زمني مدته عشر سنوات، واستثمارات مالية تبلغ 21 مليار درهم، أي ما يعادل ملياري دينار كويتي، وسوف تكون باكورة هذا المشروع بناء مدينة الواجهة الترفيهية أو ما يعرف بـ"دبي أدفانشر ستيديوز" الذي سوف يجهز بالكامل عام 2020 وبكلفة قدرها 10 مليارات درهم.

وهذا المشروع الجديد لم يغفل متطلبات السكن الخاص من فلل وشقق لمواطني دبي وجميع المرافق الحياتية لهم، حيث عدد الوحدات السكنية فيه يتجاوز الـ50 ألف وحدة.

ومع خالص تمنياتنا لدبي الشقيقة بمزيد من النجاح والتألق والأمان، إلا أن هذا النموذج الخليجي يشعرنا بكثير من الغضب والإحباط تجاه سير الأمور في بلدنا رغم التبريرات السخيفة التي يسوقها بعض مسؤولينا بأن دبي تدار من قبل رجل واحد ونحن بلد مؤسسات!

وبالفعل أصبحنا نخجل بذكر مشروع المدينة الجامعية المزمع إقامته منذ عام 1966 وصدر فيه قانون ملزم للانتهاء منه عام 2014، منذ إقرار هذا القانون عام 2004 وبقيمة تتجاوز بالعملة الإماراتية 36 مليار درهم، انتهت دبي من مشروعين: أولهما، مشروع برج خليفة ومرافقه التسويقية وخدماته العامة. والآخر، مشروع المارينا... وهما من أجمل المشاريع الحضارية التي شهدتها البشرية في القرن الحادي والعشرين، وبنصف قيمة جامعتنا الفتية واليتيمة التي احترقت مبانيها 3 مرات خلال شهر واحد فقط، والله وحده يعلم متى يستكمل بناؤها!

ولعلمك عزيزي القارئ أن من يحاول أن يستغفل عقلك ويقول إن سبب توقف التنمية عندنا هو الجهاز الحكومي، فإن مشاريع دبي من بداية انطلاقها في منتصف سبعينيات القرن الماضي حتى الآن هي بإدارة شركات حكومية خالصة، ولذلك فإن مفتاح النجاح يكمن في مثلث الإرادة والكفاءة والإخلاص، وهذه مقومات لا تمتلكها حكوماتنا على مدى عقود من الزمن!