من المراسلات السياسية المهمة للشيخ أحمد الجابر الصباح رحمه الله إبان حكمه الذي امتد من 1921 إلى عام 1950 رسالة عثرت عليها في أرشيف المكتبة البريطانية في لندن موجهة للشيخ أحمد من القنصل البريطاني في الخليج (مقره مدينة بوشهر في إيران) وتاريخها 12 مايو 1926.

Ad

هذه الرسالة تتعلق بالعلاقات الكويتية مع إيران، وتتضمن موافقة بريطانية لطلب من الحكومة الإيرانية لتمثيلها دبلوماسياً في الكويت، وذلك بسبب ارتفاع عدد الرعايا الإيرانيين في الكويت في تلك الفترة والحاجة إلى حل مشاكلهم وتذليل الصعوبات التي يواجهونها.

هذه الرسالة لا شك أنها تشير إلى أن الكويت حتى قبل النفط كان لها جاذبية خاصة في عيون مواطني الدول المجاورة، وأنها كانت تتمتع بوجود فرص عمل جيدة ووضع اقتصادي متميز في المنطقة، ولذلك توافد عليها العديد من النازحين والراغبين في العمل من الدول المجاورة. عموماً، الوثيقة المطبوعة باللغة الإنكليزية في جانب ومكتوبة بخط اليد باللغة العربية في الجانب الآخر، يمكن أن نقول عنها إنها من أوائل الرسائل المرتبطة بالعلاقات الرسمية بين حكومة إيران وحكومة الكويت التي كانت آنذاك ترتبط باتفاقية حماية مع الإنكليز تمنعها من التفاوض مع الحكومات الأجنبية مباشرة. تقول وثيقتنا لهذا اليوم ما يلي:

"حضرة الاكرم الافخم حميد الشيم صاحب السعادة المحب الشيخ احمد الجابر الصباح سي. آي. اي. حاكم الكويت المحترم ،،

بعد السلام وتقديم الاحترام والسؤال عن عزيز وشريف خاطركم، اتشرف بان اخبر سعادتكم بان حكومة جلالة ملك بريطانيا العظمى وصلها طلب من الحكومة الشاهانية الايرانية، وهو أنه نظراً لكونه لا يوجد قنصل ايراني بالكويت ان يمد البولتكل ايجنت البريطاني بالكويت يد المساعدة للرعايا الإيرانيين المقيمين بالكويت او الذين يزورونها. وقد اعتبرت حكومة جلالة ملك بريطانيا العظمى هذا الطلب مناسباً وقررت العمل بموجبه. ارجو أن يكون عند سعادتكم معلوما عن هذا.

هذا ما لزم رفعه، ودمتم محروسين.

29 شوال 1344هـ

كرنل اف. بي. بروكس

باليوز خليج فارس"

وهناك عدة دلالات لهذه الرسالة أولها أنها صدرت عن القنصل البريطاني في بوشهر وليس من المعتمد البريطاني في الكويت، مما يعطي انطباعاً أن الحكومة البريطانية تعلق أهمية كبيرة على الموضوع، وتريد من حاكم الكويت أن ينظر إلى الموضوع باهتمام كبير. ومن الدلالات أيضاً أن تناول هذا الموضوع يشير إلى أن الجالية الإيرانية في الكويت في تلك الفترة ارتفع عدد أفرادها بشكل لافت للنظر، مما أدى إلى زيادة مشاكلها واستلزم فتح الموضوع دبلوماسياً للحفاظ على حقوق الإيرانيين في تعاملاتهم مع أهل الكويت. ومما لا شك فيه أن التبادل التجاري بين إيران والكويت كان نشطاً جداً في تلك الحقبة، وكانت السفن تتنقل يومياً بين الساحل الشرقي والساحل الغربي للخليج لنقل الفواكه، والخضروات، والمواد الاستهلاكية المنزلية، والاحتياجات المختلفة من إيران إلى الكويت، كما كان الكويتيون ينقلون لإيران الرمل، والصلبوخ، والتمور وغير ذلك.

المهم أن الشيخ أحمد الجابر اهتم بالرسالة وقام بالرد الفوري عليها، وكان رده مفاجئاً للبريطانيين وسأنشر رده إن شاء الله تعالى في المقال المقبل.