من يحمي موظفي «علاقات العمل» في «الشؤون» من كيدية بلاغات العمال وأصحاب الأعمال؟
موظفو الإدارة لـ الجريدة•: باب النجّار مخلّع فنحن قانونيون ولا نملك أدنى حماية
من يحمي موظفي إدارة علاقات العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من البلاغات الكيدية التي تقدم بحقهم من قبل بعض العمال أو أصحاب الأعمال والشركات الخاصة إلى النيابة العامة تارة، أو إلى الشؤون القانونية في الوزارة تارة أخرى؟ سؤال يحمل قدرا من الغرابة، لا سيما أن المتعارف عليه دوما أن العمال هم الأكثر تعرضا لمثل هذه البلاغات من قبل أصحاب الأعمال كونهم الحلقة الأضعف في المعادلة العمالية، أو في أضيق الحدود يتعرض اليها أصحاب الأعمال من قبل عمال يريدون تحويل إقاماتهم، أو الحصول على مستحقات مالية دون حق.فوجئ أحد موظفي «علاقات العمل» قبل اسابيع بحكم غيابي صادر بحقه وواجب النفاذ بالحبس ثلاث سنوات على خلفية بلاغ كيدي قدم ضده، دون أدنى حماية قانونية له كونه موظف دولة. هذا الموظف نموذج لحالات مماثلة كثيرة حصلت لبعض زملائه، ما حملهم على التلويح بتقديم استقالات جماعية من أعمالهم، أو تقديم طلبات نقل إلى وزارات أخرى ما لم تتحرك الوزارة وتؤمن لهم الحماية القانونية أثناء تأديتهم عملهم.«الجريدة» جالت في أروقة إدارة علاقات العمل الكائنة في مجمع بهبهاني بمنطقة شرق، والتقت موظفيها واستمعت إلى شكاواهم ومطالباتهم، التي تلخصت في مناشدة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي، والوكيل المساعد للشؤون القانونية في الوزارة منصور المنصور أنصافهم وتوفير الحماية القانونية لهم ضد الشكاوى الكيدية.في البداية، أكدت الباحثة القانونية زينب عيسى أنه لا وجود لأي حماية قانونية من قبل الوزارة لموظفي الإدارة، الذين يعملون بكل جهد وجد للفصل في الشكاوى العمالية ومنازعات العمل بين العمال وأصحاب الأعمال.تحويل إلى النيابةولفتت عيسى إلى أن ثمة موظفين كُثَر حولوا إلى النيابة العامة أو الشؤون القانونية في الوزارة للتحقيق معهم إثر بلاغات كيدية تقدم بها عمال أو أصحاب أعمال يتهمونهم خلالها بالتعنت أو مجاملة خصومهم على حسابهم.وتقول «إن كثيرا من هؤلاء الموظفين وقعت بحقهم خصومات من رواتبهم، ووجهت لهم إنذارات من قبل الوزارة على خلفية هذه الشكاوى رغم كيديتها»، متسائلة ألسنا محامون ونحمل المؤهل الجامعي ذاته لمحامي الفتوى والتشريع في مجلس الوزراء، والإدارة العامة للتحقيقات في وزارة الداخلية، وبلدية الكويت فلماذا لا توفر لنا الدولة غطاء قانونيا كما هو الحال مع هؤلاء الموظفين؟ مشيرة إلى أنه إلى جانب كل هذه المعاناة فلا توفر لنا الوزارة أي أنواع البدلات «كالشاشة» أو «العدوى» رغم تعاملنا المباشر وبصفة يومية مع مراجعي الإدارة.عُرضة للمساءلةرئيس قسم وحدة علاقات العمل في محافظة مبارك الكبير عبدلله العتيبي بينلـ»الجريدة» المهام الملقاة على عاتق إدارة علاقات العمل في وزارة الشؤون قائلا: «هي الإدارة المعنية باستقبال الشكاوى العمالية والفصل في منازعات العمل الخاصة بالإقامات والتحويل والإلغاء النهائي للسفر والمستحقات المالية وفقا لقانون التنظيم القضائي الصادر عام 1984، واستنادا الى ذلك يستقبل محققو الإدارة الشكاوى العمالية وفق تخصصاتهم، لكنهم وللأسف أضحوا عرضة للمساءلة القانونية بشكل شبه يومي سواء من القطاع القانوني في الوزارة، أو من قبل النيابة العامة نتيجة القضايا الكيدية المرفوعة ضدهم من جانب أصحاب الأعمال بسبب منح موظفي الادارة العمالة الوافدة حقوقها في التحويل من صاحب عمل إلى آخر، ورفع الظلم الواقع على كاهلهم وفقا للقانون».نقص حادويؤكد العتيبي أن موظفي الإدارة الأقل حصولا على الكوادر والبدلات المالية من بين موظفي الدولة إذا قورنوا بنظرائهم في وزارت الدولة الأخرى، فضلا عن ضغط العمل الذي يتعرضون اليه من كثرة البلاغات والشكاوى التي يتلقونها يوميا من قبل العمال وأصحاب الأعمال.ولفت العتيبي إلى أن الإدارة التي يعمل بها تعاني نقصا حادا في أعداد موظفيها من المحققين والباحثين القانونيين والكتبة والطباعين، مناشدا مسؤولي «الشؤون» سد العجز الحاصل في أعداد موظفي الإدارة على وجه السرعة حتى لا ينعكس سلبا على سير العمل. واسطة ومحسوبيةيقول الاختصاصي القانوني في الإدارة منصور البلاط «إن الإدارة تتلقى شكاوى عدة من جانب العمال وأصحاب الأعمال للفصل فيها، وعند صدور القرار النهائي للادارة في هذه الشكاوى، ويكون على غير هوى مقدمها، يقوم الاخير بالشكوى على موظفي الإدارة إلى النيابة العامة أو الشؤون القانونية في الوزارة مدعيا وجود واسطة أو محسوبية من قبلنا تسببت في هدر حقوقه».ويضيف البلاط: «بموجب أحكام القانون والقرارات الوزارية الصادرة في هذا الصدد تختص الإدارة بالنظر والبحث في منازعات العمل بشقيها المستحقات العمالية ومنازعات تصاريح العمل الخاصة بالإقامة مثل التجديد والإلغاء النهائي للسفر والتحويل، وفي خضم كل هذه الاختصاصات يجب على الوزارة أن تكون درعا واقية لموظفي الإدارة لا سيفا مصلتا على رقابهم، وتوفر لهم الحماية القانونية الكاملة حتى يتسنى لهم أداء أعمالهم على الوجه الأكمل وبأريحية تامة، فضلا عن توفير الاستقلالية التي تساعدهم على الفصل في هذه البلاغات».التظلم من القراراتوعن كيفية التظلم من قرارت الإدارة أوضح البلاط أنه في حال ارتأى أي من طرفي النزاع (العامل – رب العمل) أن قرار الإدارة مجحف بحقه، أو استشعر أن هناك ظلما بينا واقع عليه من القرار، من حقه التظلم لدى الوكيل المساعد لشؤون قطاع العمل، الذي بدوره يحيل الملف إلى الإدارة للنظر والإفادة أو يحيله للعرض على لجنة منازعات العمل للنظر وإبداء الرأي»، لافتا إلى أن هذه اللجنة لها صلاحيات نظمها القرار الوزاري رقم 135 لسنة 2010، الصادر في شان تشكيلها.وذكر أن هناك لجنة أخرى تسمى لجنة الفصل في بلاغات التغيب تختص بالفصل في صحة بلاغات التغيب المقدمة من قبل أصحاب الأعمال ضد العمالة المسجلة على ملفاتهم، موضحا أن هذه اللجنة تمارس عملها في مقر الإدارة العامة للتحقيقات بإدارة الجنح الخاصة في وزارة الداخلية وينظمها نفس القرار الوزاري المذكور آنفا».باب النجّار مخلّع!ويرى الباحث القانوني في الإدارة يوسف المطيري أن اشتغاله باحثا قانونيا في إدارة علاقات العمل أكبر خطأ اقترفه في حياته، لا سيما أن الباحثين القانونيين لا تشملهم أدنى درجات الحماية القانونية، كالتي «تشمل قرنائنا في الفتوى والتشريع والتحقيقات والبلدية، وينطبق عليهم المثل القائل باب النجّار مخلّع».ويضيف المطيري «لا الشؤون القانونية في الوزارة ولا محامو الدولة يدافعون عنا في حال تقدمت ضدنا بلاغات كيدية من قبل أصحاب الأعمال أو العمال، ودائما نقع في مشكلات بسبب هذه الاشكالية التي حضتا على تنفيذ اضراب عن العمل خلال الايام الماضية»، لافتا إلى أنه تمت مطالبة رئيس ديوان الخدمة المدينة بإيجاد حل لهذه المشكلة، وهو بدوره وعدنا بإيجاد حلول لها وحتى الان لم يفعل شيئا.هتك عرض!ويقول المطيري «إنه في الكثير من الأحيان نتعرض لتطاول من قبل أصحاب الأعمال والعمال، حتى بات التعامل وأخذ الحقوق «بالذراع»، لا سيما أنه لا انصاف لنا من قبل الوزارة»، مطالبا بتوفير حصانة قانونية تتيح لهم أداء أعمالهم بأريحية بعيدا عن الضغوطات.وحكى المطيري لـ «الجريدة» عن تعرض أحد موظفي الإدارة إلى ادعاء كاذب من قبل إحدى المراجعات، التي اتهمته بهتك عرضها، كون حكمه في أحد منازعات العمل التي كانت طرفا فيها لم يأت على هواها، ولولا الله وحده جل شأنه كان سيتعرض هذا الموظف إلى ما لا تحمد عقباه». الجميع تحت القانونوعن رأي وزارة الشؤون في ما طرحه موظفو إدارة علاقات العمل، أكد الوكيل المساعد لشؤون قطاع العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل جمال الدوسري حرص الوزارة الجاد على الحفاظ على كرامة موظفيها، وعدم تعرضهم لأي مكروه.ولفت الدوسري لـ»الجريدة» إلى أنه وفقا للقانون فإن كل موظف حكومي لديه حماية قانونية أثناء تأدية عمله، لكنه إذا ثبت عليه أي تجاوز يتوجب محاسبته أيضا وفقا للقانون، فلا يوجد موظف دولة مهما علا مسماه الوظيفي فوق القانون.وعن الشكاوى الكيدية التي تقدم بحقهم سواء من العمال أو أصحاب الأعمال قال الدوسري «هناك تحقيقات تجرى في مثل هذه الأمور، وفي حال ثبتت كيدية هذه البلاغات أو الشكاوى تقف الوزارة قلبا وقالبا مع الموظف، وترد له اعتباره»، مؤكدا أنه طالما الموظف يعمل وفق اطار قانوني فلا خوف عليه، حتى وإن قدم بحقه بلاغات او شكاوى مشكوك في صحتها.