تدخل شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في معركة وجود مع الأزمة الخانقة في إسرائيل، في أول انتخابات تشريعية بعد "الربيع العربي"، وبات الرجل اليميني وحزبه "الليكود" على بعد خطوات من الفوز بأغلبية ساحقة في هذا الاستحقاق، الذي يأتي في ظل عجز اقتصادي واحتجاجات شعبية غير مسبوقة، إضافة إلى تعثر قضية السلام وتهديدات إيران، فضلاً عن استمرار تدهور العلاقات مع الإدارة الأميركية.
ولهذه الانتخابات المصيرية، دعي 5.6 ملايين إسرائيلي ممن بلغوا الثامنة عشرة لاختيار 120 عضواً في البرلمان من 33 قائمة انتخابية، بحسب القانون العبري، الذي ينص على أن إسرائيل منطقة انتخابية واحدة، والانتخاب مباشر وسري يختار فيها المقترع بطاقة انتخاب واحدة لأحد الأحزاب، وبعد فرز الأصوات توزع المقاعد ثم يخطر الحزب الذي يجتاز نسبة الحسم (2.5% من عدد المقترعين نحو 80-85 ألف صوت) رئيس الدولة باسم مرشحه لتشكيل الحكومة الجديدة ليختار بدوره صاحب الأفضلية.ويعتبر "الليكود" الحاكم برئاسة نتنياهو و"إسرائيل بيتنا" بزعامة وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، الحزبين الأوفر حظاً في الفوز بأغلبية مقاعد "الكنيست"، ويتمثلان في البرلمان المنتهية ولايته بـ42 مقعداً.وفي حال إعادة انتخابه سيكون نتنياهو أمام خيارين: إما تشكيل ائتلاف مع الأحزاب الدينية المتشددة وحزب البيت اليهودي ويضمن لنفسه غالبية من 65 إلى 70 نائباً من أصل 120 أو يتحالف مع الأحزاب الوسطية التي ستعطي الحكومة صبغة أقل تطرفاً لكنها ستطالب باستئناف المفاوضات.هاوية ماليةوبدأ الاقتصاد، الذي يعتبر النقطة القوية لإسرائيل، يظهر كعائق أمام رئيس الوزراء المنتهية ولايته الذي سرعان ما سيجد نفسه في مواجهة "هاوية مالية" إذا ما أعيد انتخابه. وكان للإعلان عن عجز بنسبة 4.2% لعام 2012 أي ضعف توقعات الحكومة، تأثير القنبلة في حملة نتنياهو التي اتسمت بالفتور. ونشرت إحدى وسائل الإعلام رقم 39 مليار شيكل (7.8 مليارات يورو) كقيمة لهذا العجز.وبينما أفاد تقرير نشرته حركة "السلام الآن" المناهضة للاستيطان الأربعاء الماضي بأن حكومة نتنياهو قامت بتوسع استيطاني "قياسي" خلال ما يقارب أربع سنوات في الحكم، تشهد العلاقة مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما توتراً غير مسبوق، تجلى في مقال للصحافي الأميركي جيفري غولدبرغ أكد فيه أن "أوباما ينظر إلى نتنياهو كسياسي جبان وأنه أسير للوبي الاستيطان الذي يدفع إسرائيل باتجاه العزلة التامة"، ورد عيه نتنياهو على الفور بقوله إن "الإسرائيليين هم من يقرر مصير دولتهم فقط".وبينما تخوض مختلف الأحزاب سباقاً محموماً لكسب الأصوات المتأرجحة، نأى حزب "العمل" العريق عن الوضع الدولي والإقليمي لمصلحة "دولة الرفاهية الاجتماعية" بهدف جذب أصوات يمين الوسط، في حين يتمسك "البيت اليهودي" وهو الحزب الذي يمثل المستوطنين بمعارضته لدولة فلسطينية ويؤكد أن الاستيطان حق.مساواة وإلزاموفي حين يطالب حزب "شاس" اليميني الذي يمثل "الحرديم" الشرقيين بمساواة بين يهود الشرق والأشكناز (الغربيين) ودعم الشرائح الضعيفة اقتصادياً، يدعو "يش عتيد" وهو حزب وسطي جديد لتغيير سلم الأولويات في إسرائيل مع التمحور في القضايا الاجتماعية– الاقتصادية والمدنية وتحسين مكانة الطبقات الوسطى والاستثمار في التربية والتعليم. كما يدعو إلى إلزام "الحرديم" والعرب بالخدمة العسكرية.وفي حزب "الحركة" عادت زعيمة "كاديما" وزيرة الخارجية سابقاً تسيبي ليفني، إلى واجهة العمل السياسي طارحة ملف الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على رأس أجندتها، أما "كاديما" الذي يقوده وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز ويشهد انشقاقات عدة فإن التوقعات لا تبدو كبيرة لجهة إمكانية فوزه بعدد كبير من مقاعد "الكنيست"، إذ أشارت صحيفة "يديعوت أحرنوت" في هذا الصدد إلى أن "المتفائلين يرون إمكانية عودة بعض مؤيدي هذا الحزب للتصويت له مرة أخرى بما قد يمكنه من الفوز بخمسة مقاعد وفقاً لأكثر التقديرات تفاؤلا".وبينما يعرف حزب "ميرتس" اليساري عن نفسه أنه حزب يهودي عربي، وفي صلب أجندته حقوق الإنسان وتحقيق السلام مع الفلسطينيين وإقامة دولة لهم على أساس حدود عام 1967، تعزف أعداد متزايدة من عرب إسرائيل عن الإدلاء بأصواتها غداً وسط انقسام وإحباط من أنه لن يكون لها رأي في كيفية إدارة البلاد.وبلغت نسبة التصويت بين المواطنين العرب، الذين يشكلون نحو 20% من سكان إسرائيل بعدد يزيد على 1.3 مليون نسمة، 53% في انتخابات 2009 وتوقعت استطلاعات الرأي أن تقل نسبة التصويت عن الانتخابات السابقة.على صعيد آخر، وبينما تعيش حكومة رام الله أزمة مالية خانقة منذ عدة أشهر تعجز بسببها عن تأمين رواتب موظفيها عن شهر نوفمبر الماضي، أكدت حكومة غزة أن اقتصادها مستقل ولديها اكتفاء ذاتي ولا تعاني أزمة مالية وتؤمن فاتورتها الشهرية وتمول مشاريع.
دوليات
نتنياهو يتأهب لولاية جديدة وسط أزمات غير مسبوقة
21-01-2013