لا صحة إطلاقاً لكل ما قيل عن "كونفدرالية" بين الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية، ولا صحة إطلاقاً لكل "الفبركات" التي تحدثت عن إعادة ضم الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية، ولا صحة أيضاً لكل ما قيل عن أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ينوي تسليم مفاتيح "المقاطعة" في رام الله إلى بنيامين نتنياهو، فالمرحلة التي تمر بها قضية فلسطين الآن هي استكمال الإنجاز التاريخي الذي تحقق بالقرار الذي اتخذته الجمعية العمومية للأمم المتحدة في اجتماعها الأخير بإنجاز انتزاع اعتراف العالم بالدولة المستقلة المنشودة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

Ad

إن كل هذه "الدّربكة" سببها خبر "مفبرك" نشرته صحيفة معروفة ومشهورة بمثل هذه "الفبركات"، ولأسباب لم تعد خافية على أحد، وسببها أيضاً التصريحات التي أطلقها مسؤول فلسطيني بات يعيش حياة التقاعد المريح في دولة يعتبر العيش فيها هانئاً ومريحاً، وسببها أيضاً "التضخيم" الذي لجأ إليه المفلسون، سواء على الجانب الأردني أو الفلسطيني الذين لـ"قلة" أشغالهم يهرعون خفافاً وثقالاً لالتقاط أي كذبة وأي إثارة، ويأخذون في النفخ فيها من أجل إعلان وجودهم وجذب الأضواء نحو أنفسهم.

لا كونفدرالية ولا فدرالية بين الأردن وفلسطين إلا بعد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التي يجب أن تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، وأيضاً إلا بعد استفتاء شعبي يقول فيه الأردنيون والفلسطينيون رأيهم بهذه المسألة المصيرية، ثم يرفض الأردن، لأسباب قومية ووطنية، ورفضاً قاطعاً ومانعاً أن يقدم على خطوة كهذه، قبل أن يقرر الأشقاء الأعزاء مصيرهم بأنفسهم، وقبل أن تصبح لهم دولتهم المستقلة التي يحلمون بها، والتي قدموا من أجلها القوافل تلو القوافل من الشهداء.

إنه لا صحة إطلاقاً لكل هذه "الفبركات"، ولا يحق للسيد فاروق القدومي أن يستيقظ الآن من سباته، وأن يقول إن الضفة الغربية قد جرى احتلالها، وهي مع الأردن، وعلى الأردن أن يحررها ويعيدها بعد ذلك إلى "أصحابها"، فهو كان الأكثر إصراراً سواء في مؤتمر القمة العربي، الذي عقد في الجزائر، أو في مؤتمر الرباط عام 1974، الذي عقد بعد فترة نحو شهر، على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، وكان الأكثر تحاملاً على الدولة الأردنية، والقول فيها وعنها أكثر مما قاله مالك في الخمر!

ولهذا فإنه لا الأردن ولا السلطة الوطنية ومنظمة التحرير بحاجة إلى هذه المناكفات البائسة، فهذه الأمور غدت وراء ظهور الأردنيين والفلسطينيين، وغدا الهم المشترك لهذين الشعبين الشقيقين تطوير قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة الأخير، ليصبح هناك اعتراف دولي بدولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، ولتصبح هذه الدولة عضواً كامل العضوية في هذه الهيئة الدولية، ولتصبح دولة فعلية قائمة على الأرض، وتضم الضفة الغربية وغزة، وبعد ذلك سيكون لكل حادث حديث.