«عباءة التوظيف» في «الأوقاف» تثير رفضاً مدنياً ونيابياً

نشر في 06-09-2013 | 00:01
آخر تحديث 06-09-2013 | 00:01
المواقف أكدت أن القرار مخالف للدستور وتدخل في الحرية الشخصية ويشكل استغلالاً للمنصب العام

أثار خبر "الجريدة" الذي نشرته أمس بشأن فرض وزارة الأوقاف ارتداء العباءة كشرط للتوظيف رفضاً من مؤسسات المجتمع المدني والقوى السياسية وكذلك النواب، إذ أكد الجميع أن ما تقوم به "الأوقاف" مخالف للدستور والقوانين التي تفرض العدالة والمساواة والحرية للمواطن.

ردود الفعل جاءت مناصرة لحرية المواطنة التي رفض تعيينها في "الأوقاف" رغم أن ترشيحها للعمل جاء من ديوان الخدمة المدنية، لتفتح باب التعيينات في الوزارة، وكذلك المحسوبيات التي سيطرت عليها لمصلحة تيارات معينة.

وأكد أمين عام التحالف الوطني عادل الفوزان أن "الأوقاف" ليست قطاعاً خاصاً أو ملكاً لأحد، رافضاً التمييز بين فئات المجتمع لأي سبب كان، أما أمين سر جمعية الخريجين مها البرجس فوصفت التصرف بغير الحصيف، وبأنه مخالف للمادة 30 من الدستور، متسائلة هل العباءة من الفرائض الدينية ليتم على أساسها القبول؟

أما النائب راكان النصف فقال إن التصرف غير مسؤول ومخالف للدستور والقانون، مشيراً إلى أن حق المواطنة في العمل مكفول دستورياً وكذلك حريتها الشخصية.

من جهتها، عبّرت النائبة د. معصومة المبارك عن استغرابها لموقف الوزارة، معربة عن أسفها أن يكون جُل اهتمام الوزارة باللباس في التعيين في ظل التسيّب الوظيفي الحادث.

بدوره، أوضح النائب عبدالرحمن الجيران أن هناك وظائف تتطلب من القائمين عليها أن يكونوا قدوة، فمنع تعيين موظفة بسبب لباسها تصرّف فردي.

أما النائب د. خليل عبدالله فأعلن أنه سيتقدم باقتراح بقانون بتجريم كل من يتعدى على حقوق المواطنين وتكافؤ الفرص الوظيفية.

أكد أمين عام التحالف الوطني عادل الفوزان أنه من غير المقبول أن تصبح وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وزارة خاصة لها حق التصرف في رفض أو قبول تعيين الموظفين حسب الزي، موضحاً أن «رفض وزارة الأوقاف تعيين موظفة فقط لأنها لا ترتدي العباءة تصرف غريب لا يمكن القبول به، لاسيما أن هذه الوزارة وزارة حكومية وليست قطاعا خاصا أو ملكا لأحد».

ملكية خاصة

وأضاف الفوزان في تصريح لـ»الجريدة»، أن «التمييز بين فئات المجتمع لأي سبب كان أمر مرفوض جملة وتفصيلا، والمطلوب أن يكون هناك دور واضح لرئيس الحكومة سمو الشيخ جابر المبارك في معالجة مثل هذه الأمور بمنظور المواطنة والقوانين بعيداً عن مصالح بعض الفئات، خصوصاً أن قضية رفض تعيين امرأة لا ترتدي عباءة في وزارة الأوقاف يوحي أن الوزارة أصبحت حكراً على فئات معينة من المجتمع، وإذا كان الموضوع كذلك بالفعل فلماذا لا يتم تخصيص الوزارة بالكامل؟!».

وقال ان «وزارة الأوقاف وغيرها من وزارات ومؤسسات الدولة هي لكل المواطنين، ويحق لهم العمل بها وفق القوانين والأنظمة المعمول بها في ديوان الخدمة المدنية وفق منظور واحد بلا تفرقة أو تمييز، لكن للأسف ما نراه اليوم هو أن وزارة الأوقاف أصبحت ملكية خاصة للبعض، يعين فيها حصراً الرجل الملتحي والمرأة التي ترتدي حجاباً أو نقاباً، وهذا الأمر غير مقبول نهائياً».

الحرية في الكويت

واستنكرت أمينة سر جمعية الخريجين مها البرجس رفض وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تعيين المواطنة الكويتية، واصفة هذا التصرف بغير المسؤول والمخالف للمواد الدستورية والقانونية.

وأوضحت البرجس لـ»الجريدة» أن «هذا التصرف غير الحصيف الذي انتهجته الموظفة المسؤولة عن إجراء المقابلات الشخصية في الوزارة جاء مخالفاً لنص المادة 30 من الدستور التي قضت بأن (الحرية الشخصية مكفولة)»، متسائلة: «بأي حق وتحت أي مسمى يُرفض تعيين مواطن أو مواطنة بذريعة واهية تتعلق بارتداء لباس معين؟»، معتبرة أن هذا الأمر يعد مسمارا آخر في نعش الحرية بالكويت.

ولفتت البرجس إلى أن المادة 41 من الدستور قضت بأن «لكل كويتي الحق في العمل، وفي اختيار نوعه، وتقوم الدولة بتوفيره للمواطن، وعلى عدالة شروطه»، مشيرة إلى أن ثمة أسبابا عدة لرفض تعيين مواطن بأي وظيفة، بخلاف هذا السبب غير المقبول، الذي يفتقر إلى أدنى مستويات العدالة، مؤكدة أن مثل هذه التصرفات ترجعنا مئات السنوات إلى الوراء، متسائلة: هل «العباءة» من الفرائض الدينية ليتم على أساسها قبول أو رفض تعيين مواطن؟، معتبرة أن «العباءة» لا تعدو مجرد عادة، والسواد الأعظم من الكويتيات الآن لا يحبذن ارتداءها، مشددة على ضرورة معاقبة هذه الموظفة التي تشوه صورة الوزارة.

المواقف النيابية

وتفاعل عدد من نواب مجلس الأمة مع الخبر الذي نشرته «الجريدة» امس، مؤكدين انه تصرف غير مسؤول ومخالف للدستور وللقانون، وطالبوا وزير الاوقاف بالقيام بدوره والانتباه لما يحدث داخل وزارته.

تفكيك المجتمع

وأكد النائب راكان النصف أن وزارة الأوقاف نموذج واضح للتمييز بين المواطنين بناء على انتمائهم الطائفي والفكري، لافتا الى أن استمرار الوزارة في تصدير هذا النموذج المخالف للدستور والقوانين يتطلب وقفة جادة لوضع حد لممارسات تفكيك المجتمع.

وقال النصف في تصريح صحافي امس إن رفض تعيين مواطنة لعدم ارتدائها عباءة يمثل تجاوزا خطيرا للحقوق الدستورية التي تكفل العدل والمساواة بعيدا عن أي نوع من التمييز، مضيفا أن الوزير شريدة المعوشرجي مطالب بالتحقيق في هذه الحادثة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الممارسات غير المقبولة نهائيا.

وأشار الى أن حق المواطنة بالعمل مكفول دستوريا وكذلك حريتها، ولن نسمح لأي كان في الوزارة أو خارجها ان يشرع مواد دستورية وقانونية على حسب أهوائه ومزاجه، مؤكدا ان هذه الحادثة ستكون محل متابعة حتى يعاد الحق للمواطنة وتتم محاسبة المسؤول عن هذه الشروط غير الدستورية.

وأوضح النصف أن الوقت حان لفتح ملف وزارة الأوقاف على مصراعيه خاصة بعد أن اصبحت الوزارة خارجة عن أعمال الحكومة والدولة وتحولت الى وزارة لخدمة تيارات محددة، وانحرفت عن مهمتها لنشر الفكر الوسطي لتكون راعية ومساهمة في الصراعات الطائفية، لافتا الى أن مواقف مسؤولي الوزارة أصبحت تمثل اساءة الى الاسلام المعتدل.

غير مقبول

وفي السياق، أكدت النائبة معصومة المبارك رفضها المطلق لمنع تعيين امرأة في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بسبب عدم ارتدائها العباءة.

وقالت المبارك لـ»الجريدة»: «أستغرب ما قامت به وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية من رفض لتعيين مواطنة بالوزارة، لانها لا ترتدي العباءة، ومن المؤسف أن يكون جل اهتمام الوزارة عند التعيين التركيز على لباس المرأة، في ظل التسيب الوظيفي الحادث سواء من بعض الموظفين أو الموظفات والذي بلغ حدا غير مقبول».

وأضافت المبارك: «انطلاقا من الدستور والحريات الشخصية فان قرار منع تعيين مواطنة بسبب لباسها غير مقبول بالنسبة لي على الاطلاق، وكما نرفض لاي دولة ان تلزم سكانها بعدم ارتداء الحجاب، كذلك نرفض هذا الأمر في الكويت، والعباءة ليست معيار الستر، فالستر الاخلاقي والالتزام بالعمل واداء الواجبات الوظيفية اهم بكثير من العباءة».

وطالبت المبارك المواطنة المتضررة من قرار وزارة الاوقاف باللجوء الى القضاء، «لأنها اذ بدأت اليوم بالعباءة فانها ستنتقل غدا الى طريقة تفصيل العباءة وستشترط النقاب في التعيين اذا تم السكوت عن ذلك، ومع احترامي لشخص وزير الاوقاف فإنه مطالب بالانتباه لما يحدث في اركان وزارته».

المرأة المسلمة

بدوره، قال النائب عبدالرحمن الجيران لـ»الجريدة» ان «الاسلام حدد شروط لباس المرأة المسلمة، وجاءت به آيات وأحاديث وضحته، وهناك تفاوت في الالتزام به، اما بالنسبة للوظائف في الكويت، فقد اصدرت جامعة الكويت لائحة على سبيل المثال تؤكد ضرورة الالتزام بالملبس المحتشم، وهو ليس تقييدا للحريات وإنما ترجمة لنصوص الدستور، ومنها منع المظاهر التي لا تحافظ على الذوق العام».

وتابع: «وبالنسبة للمجتمع الغربي فقد وجدنا مؤسسات تمنع المرأة المسلمة من ارتداء الحجاب، وهو ضرب للحريات الخاصة، فللمسلمة حق ان ترتدي ما تشاء، واتصور ان المجتمع الكويتي لا يقبل بالابتذال والتبرج الذي يخل بالاداب العامة».

وقال الجيران: «وفي ما يخص وزارة الاوقاف، فنعم هناك بعض الوظائف تتطلب من القائمين عليها ان تكون قدوه، كشأن التدريس الذي لا يمكن ان يأمر بشيء وهو لا يطبقه، لكن قانون الخدمة المدنية واضح بان للمواطن والمواطنة حق التوظيف، طالما تنطبق عليه الشروط، لذا اتصور ان منع تعيين مواطنة بسبب لباسها تصرف فردي تسأل عنه المعنية به».

التيار السلفي

من ناحيتها، أعلنت النائبة صفاء الهاشم أنها ستتبنى قضية المواطنة، متوعدة وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية شريدة المعوشرجي بحساب عسير «لو تم ذلك بعلم الوزير ووافق عليه».

وقالت الهاشم في تصريح صحافي امس «ارفض رفضا تاما عدم تعيين مواطنة في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، فقط لعدم ارتدائها العباءة، فنحن في دولة مدنية ذات دستور ومؤسسات، ولسنا في دولة طالبانية».

وأضافت الهاشم «اتمنى على وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية وعلى التيار السلفي الذي يمثله، ألا تكون هذه شبهات للتنفيع مع الاخوان، فحسب ما عرفت عن تواطد العلاقة غير العادية مؤخرا بين الوزير وأحد قيادات الاخوان»، مشددة على أن قضية اللباس حرية شخصية.

وتابعت الهاشم «سأتبنى قضية المواطنة التي تم رفض تعيينها في الاوقاف، وسأذهب بها الى القضاء وحسابي معك سيكون عسيرا يا وزير الاوقاف اذا تم ذلك بعلمك».

ولفتت الهاشم الى انها ستستخدم ادواتها الدستورية وستوجه سؤالا برلمانيا إلى وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية حول ملابسات هذا الموضوع، مشيرة إلى أنه في حال تم اشتراط لباس معين لتعيين المرأة في وزارة الاوقاف فإنها ستشترط ايضا الا يتعين مواطن في «الاوقاف» يرتدي «دشداشة قصيرة».

لباس البشر

ورفض النائب اسامة الطاحوس الاجراء الذي اتخذته وزارة الاوقاف من منع تعيين موظفة بسبب عدم ارتدائها العباءة وقال: «لا يجوز لنا ان نبحث عن لباس البشر فالاخلاق والقيم لا يحددها لباس معين، فقضية ارتداء الحجاب والعباءة والنقاب مسألة شخصية لا تحددها وزارة وانها يجب ان تكون عبر قانون».

حماية المواطنين

وقال النائب د. خليل عبدالله انه سيتقدم باقتراح بقانون يجرم ويغلظ العقوبات على كل من يتعدى على حقوق المواطنين وتكافؤ الفرص الوظيفية، داعيا نواب البرلمان الى تبني هذا الاقتراح.

وبين عبدالله في تصريح صحافي ان المعلومة حول رفض توظيف مواطنة لعدم ارتدائها «العباءة»، اذا صحت، فان ذلك دليل آخر على التعدي على حقوق المواطنين في مؤسسات الدولة، مضيفا ان الامر اصبح بحاجة الى قانون يحمي المواطنين بكل اطيافهم من الاخلال بمبدأ تكافؤ الفرص الوظيفية.

واوضح ان هناك قصورا تشريعيا لردع المسؤولين من التعدي على ابسط حقوق المواطنين والتمييز في ما بينهم، موضحا ان كلا من الدستور والمجتمع والدولة مبني على ثلاث ركائز هي: الحرية والعدالة والمساواة.

«الأوقاف»: تصرُّف فردي غير مقبول

أكد وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المساعد لقطاع الإدارية والمالية فريد العمادي، أن التصرف الذي قامت به الموظفة التي أجرت المقابلة مع الأخت التي تم ترشيحها من قبل ديوان الخدمة المدنية، غير مقبول تماما، موضحا أنه لا يوجد لدى الوزارة أي شروط خاصة للتعيين سواء ارتداء العباءة أو غيرها، خصوصا إذا انطبقت على المتقدم الشروط المتعارف عليها.

وأضاف العمادي في تصريح لـ»الجريدة»، انه «لمتابعة تفاصيل هذه القضية طلبت من رئيس القطاع المعني معرفة ملابسات الموضوع لوضع النقاط على الحروف، ومساءلة الموظفة المعنية، لاسيما أن هذا التصرف فردي وغير مقبول»، مشيرا إلى أن «الأسبوع القادم سنتخذ الإجراءات المناسبة بحق الموظفة التي قامت بهذا التصرف حال ثبوت ذلك».

الخرس: شكراً لكل من تفاعل مع قضية زوجتي

شكر حسن الخرس زوج المواطنة التي رفضت «الأوقاف» تعيينها كل من تفاعل مع قضية زوجته، مشيراً إلى أن القضية مضى عليها شهران، وهو يحاول أن يجد مخرجاً لها بعد أن طرق جميع أبواب الوزارة.

وقال الخرس «الشرهة على ديوان الخدمة اللي رشح صاحبة دبلوم بنوك للعمل في وزارة الأوقاف بإدارة التعليم الديني».

back to top