طرح إطلاق صاروخ على بلدة عاريا في قضاء بعبدا إلى الشرق من بيروت، واكتشاف المنصة التي أطلق منها مع أخرى مجهزة بصاروخ لم ينطلق لخطأ تقني في بلدة بلونة في قضاء كسروان إلى الشمال الشرقي من بيروت، أكثر من علامة استفهام، لا بد من انتظار النتائج النهائية للتحقيقات العسكرية والقضائية للإجابة عنها، خصوصاً أن المعلومات الأولية تشير إلى أن هدف الصاروخين لم يكن الضاحية الجنوبية حيث المربع الأمني لـ"حزب الله"، وإنما كان مربعاً أمنياً لبنانياً شرعياً يضم رمزين بالغي الأهمية، هما وزارة الدفاع الوطني حيث مقر قيادة الجيش اللبناني، وقصر بعبدا مقر رئاسة الجمهورية اللبنانية.

Ad

وسارعت جهات سياسية قريبة من قوى 14 آذار إلى الربط بين التصريحات السياسية والتسريبات الإعلامية التي هددت بعزل رئيس الجمهورية ميشال سليمان ومنعه من الحكم في ما تبقى من ولايته من جهة، وبين الصاروخين من جهة مقابلة، باعتبارهما رسالة ميدانية ردا على المذكرتين اللتين رفعهما الى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بشأن الخروقات السورية للسيادة اللبنانية، وربما محاولة جرمية مباشرة تستهدف رئيس الجمهورية شخصياً.

ولفتت هذه الجهات إلى أن المنطق السياسي وتسلسل الأحداث يستدعيان التوسع في التحقيقات لمعرفة ما إذا كان الصاروخان هما الترجمة العملية للتهديدات التي تعكس استياء سورية وحلفائها في لبنان من سياسة رئيس الجمهورية ومواقفه الأخيرة بشأن استهداف الأراضي اللبنانية وتدخل "حزب الله" المباشر في المعارك داخل الأراضي السورية.

ويدخل القريبون من قوى 14 آذار في حساباتهم إمكان أن يكون هدف الصاروخين هو مقر قيادة الجيش اللبناني في وزارة الدفاع في اليرزة، في محاولة لتكبيل الجيش اللبناني وترهيب قائده العماد جان قهوجي ومنعه من التحرك الميداني للتصدي لمحاولات تفجير الوضع اللبناني الداخلي ترجمة للتهديدات التي سبق للرئيس السوري بشار الأسد أن أطلقها بإحراق المنطقة في حال تعريض نظامه لخطر السقوط.

وتتوقف الجهات ذاتها عند المعاني السياسية والأمنية التي يحملها اختيار الجناة لبلدة بلونة الكسروانية الواقعة في عمق المناطق المسيحية التي لاتزال بعيدة نسبياً عن التوترات المتنقلة، فتعتبرها محاولة لتوسيع دائرة التوتر ومحاولة لزج المسيحيين مباشرة في الصراعات من خلال تدفيعهم ثمن دعمهم التقليدي والتاريخي لرئاسة الجمهورية والجيش اللبناني.

في المقابل، فإن القريبين من قوى 8 آذار يعتبرون أن الصاروخين كانا يستهدفان أصلاً الضاحية الجنوبية، حيث نفوذ "حزب الله" استكمالاً لإطلاق الصواريخ قبل مدة من منطقة عيتات في الجبل على الضاحية الجنوبية، ولكنهما أخطآ الهدف.

وفي رد فعل أولي على الصاروخين تعتبر قيادات في قوى 8 آذار أن مسؤولية الجريمة الجديدة تقع على الجهات التكفيرية السنية المتطرفة التي سبق لها أن هددت بضرب العمق اللبناني انتقاماً لهزيمتها في مدينة القصير السورية.

وفي حين تربط مصادر قوى 14 آذار بين الصاروخين وحرية الحركة العسكرية التي يتمتع بها حلفاء سورية في لبنان على كل الأراضي اللبنانية، تربط مصادر قوى 8 آذار بين حادثة الصاروخين وعمليات قطع الطرقات المتنقلة التي شملت مناطق النفوذ السنية في البقاع والشمال وبيروت ليل الخميس– الجمعة بحجة التضامن مع بلدة عرسال ورفض الحصار المفروض عليها من جانب "حزب الله" ومناصريه.