إذا كانت الآراء اتفقت على ضرورة وجود الأغاني الوطنية، إلا أن وجهات النظر انقسمت حول أسبابها، فثمة من رأى أنها محاولة يائسة للهروب من توقف الإنتاج الموسيقي في مصر، فيما اعتبر آخرون أن الأغنية الوطنية أصبحت في المقام الأول.

Ad

على رغم تسجيلها منذ 23 عاماً، فإن أنغام لم تطرح أغنيتها الوطنية «مش من بلدنا» إلا اليوم، وهي من كلمات إبراهيم موسى وألحان محمد ضياء الدين وتوزيعه. كذلك أطلقت شيرين عبدالوهاب أغنية «مصر مين شال همها»، من كلمات تامر حسين وألحان عمرو مصطفى.

دعم الثورة

صوّر رامي صبري أحدث أغانيه الوطنية {اتحركوا}، من كلمات الشاعر الشاب تامر حسين وتوزيع طارق توكل، وأهدى إيهاب توفيق أغنيته الجديدة {ست ساعات} إلى القنوات الفضائية في محاولة منه لدعم القوات المسلحة المصرية.

من جهتها، طرحت زيزي عادل أغنيتها الوطنية {فرحة بجد} احتفالاً منها بنجاح ثورة 30 يونيو التي حققت إرادة الشعب المصري، وهي من كلمات سلطان صلاح، ألحان مدين، وتوزيع عمرو عبد الفتاح.

 {بلادي} عنوان أغنية محمد حماقي الوطنية التي صورها حديثاً، وهي من كلمات محسن الخياط، ألحان بليغ حمدي، وتوزيع جديد لخالد عز، وقد استخدم فيها حماقي كلمات جديدة على {ثيمة} لحنية قديمة، أما الكليب الذي نشره على حسابه الخاص على {يوتيوب}، فيتضمن مشاهد لثوار 30 يونيو التقطت من الطائرات الحربية، وختم المطرب الشاب أغنيته بعبارة {يا رب احفظ مصر والمصريين}.

تحية للجيش

أوبريت {تسلم الأيادي} التي قدمها مجموعة من الفنانين هي تحية تقدير لأفراد القوات المسلحة، من كلمات مصطفى كامل وألحانه، وغناء: خالد عجاج، مصطفى كامل، بوسي، سومة، إيهاب توفيق، هشام عباس، أحمد كامل، أحمد عجاج، سمير الإسكندراني.

 لم يتوقف مصطفى كامل عند هذا الحد، بل سجل الجزء الثاني من الأوبريت بعنوان {شكراً للأمة العربية}، استعان فيها بمواهب شابة من الأوبرا المصرية في تحية شكر وعرفان للشعوب والقادة والحكام العرب من ملوك ورؤساء وأمراء على دعمهم لمصر.

يؤكد مصطفى كامل أن الفنان المصري وفيّ بطبعه، وأن كل من شاركوا في {تسلم الأيادي} هدفهم ردّ الجميل إلى القوات المسلحة التي منعت وقوع حرب أهلية، نافياً أن تكون هذه الأوبريت ركوباً لموجة الثورة أو محاولة للظهور، بعدما توقف الإنتاج الموسيقي في مصر عقب التوترات السياسية.

يضيف: {الأغنية الوطنية جزء من التراث الفني المصري، فهي تلهب حماسة المواطنين سواء في التظاهرات أو في أي موقف آخر، لأن المصريين يملكون حاسة فنية خاصة}، مشيراً إلى أن كل من شارك معه في الأوبريت لم يتقاضَ مليماً مقابل جهده، {التراب المصري غال جداً ويستحق منّا التضحية}.

بدوره يوضح هشام عباس أن أغانيه الوطنية نابعة من حبه لتراب بلده وأن هذا الشعور ينتاب زملاءه الفنانين، يقول: {هذا أقل ما يمكن تقديمه لهذا البلد العزيز، لا سيما أن الفن المصري شارك في المحافل السياسية ومعظم المعارك الحربية، وكان للفنانين دور مميز لا ينكره أحد بدءاً من ثورة 23 يوليو 1952}.

يضيف: {يعشق الشعب المصري الأغاني الوطنية خصوصاً تلك التي تتعلق بقواته المسلحة، كون تاريخ الحكم في مصر متعلقاً بأفراد تلك المؤسسة العريقة، بدءاً من محمد علي باشا قائد نهضة مصر الحديثة وما تلاه من أبناء الأسرة العلوية الذين ينتمون إلى الجيش}،  مطالباً الفنانين بعدم الاستعجال والاستسهال في تقديم أعمال وطنية، لأن العمل الجيد يستمر ويكون خيراً من عشرات الأعمال القائمة على الاستسهال.

هموم الناس

إيمان البحر درويش الذي سبق أن قدم عشرات الأغاني الوطنية، يؤكد أن الأغنية الوطنية ليست موسيقى شبه عسكرية وكلمات مركبة معقدة، بل يجب أن تعبّر عن مشاكل الناس وهمومهم ونبضهم وأحاسيسهم.

يضيف: {للأسف يتعامل مطربون جدد كثيرون مع هذا النوع من الأغاني باستهانة واستسهال لمجاراة الحالة السياسية السائدة في البلد، بغض النظر عن الاهتمام بتفاصيل العمل الفنية، سواء من ناحية الكلمات الجيدة أو الألحان الرقيقة أو التوزيع الملائم للحدث الذي صنعت الأغنية لأجله}.

من جهته، يلاحظ الناقد أحمد شوقي {أننا نواجه، منذ فترة طويلة، هذا الكم من الأغاني الوطنية التي يلجأ إليها المطربون للتعبير عن امتنانهم بمناسبات خاصة بالبلد}، مؤكداً أن ثمة أعمالاً تستحق الإشادة والتقدير ويجوز الانفعال لمصداقيتها، وأخرى ليست على المستوى المطلوب، {على غرار الأعمال التي أعقبت ثورة يناير مباشرة، وظهر من خلالها أن ثمة فنانين أرادوا أن يحققوا حضوراً فحسب ولأسباب أخرى يعلمها الله فنتجت من ذلك أغانٍ مشوهة}.

يضرب شوقي مثلاً بفنان كان يدافع عن الرئيس المعزول ويصفه بأنه {عود الزرع الأخضر} وبمجرد أن أُسقط صنع أغنية يمدح فيها الجيش المصري الذي أزاح الرئيس عن سدة الحكم، مشيراً إلى أن المستمع الوحيد القادر على فرز العمل الجيد من السيئ وبالتالي معرفة المبدع الحقيقي.