يعيش المتعاملون في سوق المال المصرية أوقاتا عصيبة وسط اضطرابات وفوضى أمنية تسيطر على البلاد بجانب مشروعات القوانين التي تعدها الحكومة لفرض ضرائب على المعاملات وعلى توزيعات الأرباح.

Ad

ويتلقى المتعاملون في سوق المال المصرية ضربات متلاحقة سواء من التأثيرات السلبية لحالة الضبابية التي تعيشها البلاد سياسيا واقتصاديا أو من تصريحات المسؤولين التي تدفع أسهمهم للنزول مما كبدهم خسائر متتالية خلال الأسابيع الماضية.

وقالت الحكومة المصرية هذا الأسبوع إنها قررت فرض ضريبة بنسبة واحد في الألف على معاملات البورصة المصرية وضريبة على التوزيعات النقدية للمتعاملين وعلى اندماج الشركات وتقسيمها. وقرارات الحكومة مازالت في شكل مشروعات قوانين لم يوافق عليها مجلس الشورى المختص بالتشريع في أكبر البلدان العربية حتى الآن.

وقال محسن عادل من «بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار» ان المخاطرة الحقيقية ستظهر في السوق في حالة موافقة مجلس الشورى على القوانين الخاصة بالضرائب على المعاملات. هذه القوانين ستخفض الشهية الشرائية للمتعاملين وسترفع من تكلفة المعاملات وتضعف من تنافسية السوق مع الأسواق الناشئة في المنطقة.

وتعاني بورصة مصر من شح شديد في السيولة وسط مبيعات مستمرة من المتعاملين وتخوف المستثمرين من ضخ أموال جديدة في السوق.

البيع أقوى من الشراء

وقال إبراهيم النمر من «نعيم للوساطة في الاوراق المالية» ان المتعاملين يحاولون التخلص من مخاطر السوق الحالية مما يخلق قوى بيعية أقوى من الشرائية.

لكن أحمد عصام من «الوطني كابيتال» في القاهرة يرى ان تأثير الضرائب المتوقع إقرارها على المعاملات وعلى التوزيعات النقدية في السوق ليس «بالشكل المرعب» الذي يتصوره المتعاملون لأنه مع تحول السوق للارتفاع والمتعاملين الى تحقيق مكاسب لن يفكر الكثير في نسبة الواحد في الألف.

ووجدت مشروعات القوانين الخاصة بالضرائب على معاملات البورصة اعتراضات شديدة من القائمين على السوق ومن شركات السمسرة والمتعاملين.

وقال هاني حلمي رئيس شركة الشروق للوساطة في الاوراق المالية ان الضرائب ستؤثر بشكل رئيسي على شركات السمسرة وخاصة الصغيرة لان الحكومة ستتقاسم معها العمولة وستجبر الشركات على خفض عمولتها من أجل الاستمرار في السوق وعدم الاغلاق وتسريح العاملين.

وقال محمد عمران رئيس البورصة المصرية لـ»رويترز» يوم الاثنين إن البورصة تدرس قرارات الحكومة خاصة وان غالبية الدولة المجاورة لا تفرض هذا النوع من الضرائب.

ضريبة على معاملات البورصة

لكن هاني قدري مساعد وزير المالية المصري قال يوم الثلاثاء إن الحكومة تستهدف جمع 450 مليون جنيه (66.8 مليون دولار) سنويا من ضريبة الدمغة على معاملات البورصة وإن الضريبة مطبقة في بعض الدول مثل الصين وتصل بها إلى ثلاثة في الألف.

وقال عصام من «الوطني كابيتال» انه رغم عدم التأثير الكبير للضرائب على السوق فإن الجو العام سيئ في مصر والسوق ولا توجد أخبار محفزة للمتعاملين. أتوقع أن نواصل أعلى مستوى 5500 نقطة خلال الاسبوع المقبل وحتى مستوى 5600-5670 نقطة.

ولكن النمر يتوقع الوصول إلى مستوى 5250-5300 نقطة خلال الفترة المقبلة في حالة كسر مستوى 5500 نقطة.

وشهدت بورصة مصر خلال الاسبوع الجاري مبيعات قوية من جانب المتعاملين على الأسهم القيادية مما كبد المؤشر الرئيسي خسائر بلغت 2.4 في المئة وفقدت الأسهم 6.8 مليارات جنيه من قيمتها السوقية.

وتدهورت مالية الدولة بسبب عامين من الاضطرابات السياسية التي دفعت المستثمرين الأجانب والسائحين للابتعاد عن البلاد وزادت تكلفة دعم منتجات الطاقة والمواد الغذائية المستوردة بسبب هبوط حاد للجنيه المصري. وهذا يحصر الخيارات الفورية لحكومة الرئيس محمد مرسي الإسلامية في صندوق النقد الدولي الذي سيتطلب إجراءات تقشف قد تثير مزيدا من العنف في الشوارع في غمار حملة انتخابية أو الاعتماد على مساعدات قطر الدولة الخليجية الغنية الوحيدة التي تتعاطف بشكل حقيقي مع الحكومة المصرية.

وقال حلمي: «لا اتوقع أي اتفاق مع صندوق النقد في هذه المرحلة. ما الذي يدفع الصندوق لإعطاء مصر قرض في ظل الاضطرابات التي تعاني منها البلاد بالاضافة لحالة عدم التوافق السياسي بين الرئيس والمعارضة؟».

توافق سياسي

ويعتقد اقتصاديون أن الأهم أن مصر تحتاج إلى توافق سياسي على الإصلاحات اللازمة لاستقرار الوضع المالي. غير أن هذا الأمل لم يعد قائما فيما يبدو إذ ان الإسلاميين يتصارعون مع معارضة ليبرالية ويسارية بشأن هوية مصر المستقبلية بعد ثورة عام 2011.

وقال وزير الاستثمار المصري أسامة صالح للصحفيين امس إن مصر تأمل بإتمام اتفاق القرض بنهاية ابريل. وفي وقت سابق ذكرت صحيفة الأهرام أن الحكومة ستوجه دعوة رسمية لصندوق النقد لاستئناف المفاوضات بشأن القرض.

ويرى عادل من بايونيرز أن طول فترة المفاوضات مع الصندوق يضعف أي تأثير ايجابي على السوق لاستئناف تلك المفاوضات. وتوقعت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني تأخر الاتفاق بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي بسبب الجدول الزمني الطويل للانتخابات البرلمانية ومقاطعتها من قبل تكتل رئيسي للمعارضة وهو ما من شأنه أن يزيد المخاطر على ميزانية البلاد ومركزها المالي الخارجي.