يعتبر رتشارد واطسون أن التنبّؤ بالمستقبل مسألة خطيرة، فالمستقبل ليس استكمالاً خطياً لما هو عليه الحاضر. وربما تتواطأ ابتكارات وأحداث غير متوقّعة معاً فتتعثّر أفضل الخطط الموضوعة والتوقّعات. بل إذا كان التاريخ يعلّمنا أمراً فهو أن التفكير قد يقلب ما يسمّى بالأمور الحتمية والمستحيلة. مع ذلك، من الأفضل التفكير في المستقبل بدلاً من عدم التفكير فيه البتة.

Ad

«ملفات المستقبل» كتاب يبحث كيف يحتمل أن يتغيّر العالم في الخمسين سنة المقبلة. وللقيام بذلك فإنه يتفحّص التطوّرات الواقعة والتغيرات الحاصلة ويتوصل إلى تخمينات قائمة على الخبرة والمعرفة. وإذا كان التفكير في المستقبل قد يتحقق عن طريق اللجوء إلى  التكنولوجيا، فإن الكتاب يسعى إلى كشف نتائج التفاعل بين الإنسان والتكنولوجيا والنتائج الاجتماعية المترتبة عليه.

غير أن «ملفات المستقبل» لا يعنى بالتوقّعات بالدرجة الأولى، بل يهدف إلى تحرير قدراتنا الخيالية الجمعية والفردية كي نرى المألوف في ضوء جديد، وغير المألوف بجلاء. والنافل أن في الغرب علماً يدعى «علم المستقبل» يقوم على الاستشارات وليس «التنجيم» و{الشعوذة» كما يحصل في بعض البلدان الشرقية، وعلم المستقبل حقي معرفي نشأ في رحم وديناميكية الغرب المعاصر على تنوّعه جغرافياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً ومجتمعياً.

يتضمن كتاب «ملفات المستقبل» 11 فصلاً، يستعرض كل منها بشكل مستقل جانباً رئيساً من جوانب حياتنا، ويقدم أكثر من 200 اتجاه، المألوفة منها وغير المألوفة. وتتناول هذه الفصول الموضوعات التالية: المجتمع والثقافة، العلم والتكنولوجيا، الحكومة والسياسة، وسائل الإعلام والتسلية، النقود، الخدمات المالية، المركبات الذاتية الحركة والمواصلات، الغذاء والشراب، البيع بالتجزئة والتسوّق، الرعاية الصحية والدواء، السفر والسياحة، والعمل والأعمال.

يُذكر أن رتشارد واطسون كاتب بريطاني ومحاضر ومنظّر استراتيجي يقدّم المشورة للأفراد والمؤسسات في شأن التفكير في المستقبل، مع اهتمام خاص بالتخطيط للاتجاهات والسيناريوهات. ومن ضمن المؤسسات التي تعامل معها: «برايس، وتر هاوس كوبرز، فرجين، تويوتا، مكدونالدز، كوكا كولا». وهو ناشر الموقع الإلكتروني «وتس نكست» الذي يوثّق الاتجاهات العالمية. كذلك أصدر كتاب «عقول المستقبل: كيف يغيّر العصر الرقمي عقولنا، وما أهمية ذلك، وماذا يمكننا أن نفعل حياله»، وفيه استنتج أن انتشار التكنولوجيا يغير من عقل الإنسان بطرق لا حصر لها، ويؤثر فيه تأثيرات كبيرة.

 تغير ثقافة الإنترنت الطريقة التي يركز بها الناس وتقاطع أفكارهم العميقة وتوسع تركيزهم لمصلحة الروابط السريعة السطحية. ترجع أهمية هذه التغييرات إلى أن التفكير المكثف المركز هو فقط ما ينتج أفكاراً مبتكرة جديدة. يضيف واطسون أن أجهزة الكمبيوتر تغير الطريقة التي نقرأ بها. ففي حين أن النص المطبوع يدفع القراء إلى القراءة المنهجية والتفكير بحثاً عن الأفكار ذات المغزى، نجد أن المحتوى على شاشة الكمبيوتر يفسح المجال لقراءة مجزأة تبحث عن الأجزاء السطحية من المعلومات. فضلاً عن أن قراءة النصوص على الكمبيوتر تنتزع الحقائق من سياقها.