منذ تسلمه لمقاليد الحكم لا تكاد تخلو خطابات وتوجيهات صاحب السمو الأمير، حفظه الله، من التركيز على ضرورة تطبيق القانون، ودائماً تردد عبارة فرض القانون على الكبير قبل الصغير في مفردات سموه، وآخرها بعد أداء الحكومة اليمين الدستورية والنطق السامي في افتتاح مجلس الأمة الجديد.

Ad

ولعل الصغير قبل الكبير في الكويت يدرك أن "ثقافة اللاقانون" هي الأصل في بلدنا، ولا أعلم إذا كانت هناك استطلاعات علمية للرأي تعكس مدى عمق واتساع الاستهتار بالقانون، أو انطباع الناس بشرائحهم التعليمية والاجتماعية المختلفة ومن مواقع المسؤولية المختلفة عن حقيقة وجود القانون أو هيبته في الدولة!

والجرأة في عدم تطبيق القانون تحولت بالفعل إلى نمط حياة على المستويات كافة بدءاً بالأحداث من الشباب وانتهاءً ببعض من هم على قمة مواقع المسؤولية، ويشمل ذلك حتى من بين النواب والوزراء أيضاً.

وبالتأكيد فإن هيبة القانون هي واحدة وانتهاك أي قانون وضع لتنظيم أمور الناس وإدارة شؤون الدولة وحفظ النظام وحماية الثروات والأموال العامة جريمة يفترض أن يحاسب عليها المخالف، ولكن يظل هناك تفاوت بين الأرض والسماء بين القوانين تبعاً لحجمها وأهميتها من جانب ومتجاوزيها ومواقعهم في البلد من جانب آخر.

والكويت هي من الدول النادرة التي لم تشهد محاسبة أو معاقبة كبار المسؤولين أو حتى صغارهم فيها من استمراء "الدوس على رأس القانون" بعد كل الفضائح التي تهتز لها الجبال من كل حدب وصوب حتى شملت تجارة البشر واللحوم الفاسدة والصفقات المالية المشبوهة والاختلاسات وتضخم الأرصدة بالملايين للمؤتمنين عليها "وعد وخربط" حتى يطير عقلك، ووصول البلد إلى حالة يرثى لها من التخلف والترهل رغم ميزانيته التي باتت تتجاوز العشرين مليار دينار!

وقد أعجبتني شجاعة الأخ خالد المجحم، رئيس نقابة هيئة الاستثمار السابق، في مخاطبة سمو رئيس الوزراء علناً عبر رسالة إعلامية موثقة بالاستدلال والشواهد وذكر أسماء المسؤولين لتجاوزات يتحمل مسؤوليتها أدبياً وقانونياً.

وأتمنى أن تكون مثل هذه الجرأة مدخلاً لمشروع وطني صلب تتبناه إحدى مؤسسات النفع العام كجمعية الشفافية أو جمعية الدفاع عن المال العام أو حتى تأسيس جمعية جديدة مهمتها جمع وتوثيق التجاوزات القانونية بالأدلة والمستندات وأسماء مرتكبيها من المتنفذين والمسؤولين أياً كانوا، وتقديمها مباشرة إلى سمو الأمير، فلعل الخوف يحل مكان الحياء في محاربة الفساد والمفسدين!