هل تنقلب معادلات الوضع الإقليمي ضد دول مجلس التعاون على ضوء الهزائم العسكرية والسياسية للتيار الإسلامي خصوصاً في سورية ومصر؟ هذا السؤال الخطير يطرح نفسه بقوة إثر تخبط الدبلوماسية الخليجية في السنوات الأخيرة، وتحديداً بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر من جهة، وتوالي الهزائم الميدانية للمعارضة المسلحة في سورية، وانشغال الحكومة التركية بنفسها أمام الاحتجاجات الصاخبة التي فاجأت حكومة أردوغان الإسلامية أيضاً.

Ad

ويكمن هذا التناقض الخليجي في الاندفاع غير المبرر في دعم الجماعات الإسلامية تحديداً في المغرب العربي وسورية والعراق من جهة، والتحول السريع والمفاجئ في الانقلاب على نفس هؤلاء الإسلاميين أو امتدادهم الفكري والسياسي في مصر، والآن في تونس وليبيا.

والمبالغ الضخمة التي حددتها دول مجلس التعاون للنظام الانتقالي في مصر وتمكينه من احتواء المد الإخواني، والتي تجاوزت عشرة مليارات دولار كدفعة أولى توازي ما صرفته معظم الدول الخليجية مجتمعة على دعم العناصر المسلحة في سورية، وتشكيل الجيش الحر وتطعيمه بالمقاتلين من أكثر من أربعين دولة في العالم.

ولا يمتّ بأي منطق سياسي أو استراتيجي أن تستقطع هذه الدول الخليجية من ثرواتها النفطية هذه المبالغ الطائلة لإيصال التيار الإسلامي وبكل قواه المعتدلة والمتطرفة للسلطة، ثم تنفق مبالغ مضاعفة لإسقاطها أو احتوائها، إلا إذا كانت حكوماتنا في الخليج عبد المأمور ومجرد صندوق مالي لسياسات الدول الغربية التي باتت ضائعة أصلاً في ملاحقة التطورات السياسية في العالم، ناهيك عن التحكم في خيوط لعبتها، خصوصاً أنها تعاني الأمرين اقتصادياً وسياسياً في الداخل.

وعلى ضوء الارتباك السياسي الخليجي باتت حكومات دول مجلس التعاون تعيش كابوساً خطيراً من انعكاسات هزائم الإسلاميين حول محيطها الجغرافي، وفشل معظم مشاريعهم إن لم يكن جلها بدءاً بأفغانستان شرقاً وانتهاء بالجزائر وليبيا غرباً، مروراً بسورية والعراق ومصر، الأمر الذي يحمل في طياته عودة بقايا هؤلاء المقاتلين المدربين عسكرياً والمعبئين فكرياً بأيديولوجية الجهاد والتطرف إلى منطقة الخليج والجزيرة العربية، وهذا ما أعلنه كبار الدبلوماسيين الخليجيين في اجتماعاتهم المتكررة في عواصم تركيا وبريطانيا وفرنسا خلال الأسبوع الجاري.

فدول الخليج كانت أقل دول العالم العربي استجابة لأحداث الربيع العربي من حيث المطالبات الشعبية بالإصلاح والمزيد من الحريات والمشاركة الشعبية، وحجم الأموال الباهظة التي دفعتها يمنة ويسرة لإبعاد هذا الربيع عنها ذهبت هباء منثوراً، فهل تستوعب هذه الدروس قبل وقوع الفأس بالرأس، خصوصاً بعدما ردت بضاعتهم إليهم؟!