تفصلنا عن أحكام المحكمة الدستورية في الطعون الانتخابية قرابة الشهر الكامل والتصريحات التي تصدر من هنا وهناك لا تتوقف عن إيصال رسائل إما تهديدية لخطورة الأحكام التي ستصدرها المحكمة الدستورية وإما رغبة للتنبيه للوضع السياسي الذي سيعقب مرحلة صدور احكام المحكمة الدستورية، وهي رسائل غيرمقبولة يجب على السياسيين التوقف عن طرحها المشكك بشكل مباشر وغير مباشر بالأحكام التي ستصدرها المحكمة الدستورية في قضية الطعون الانتخابية المعروضة أمامها.

Ad

وعلى سبيل المثال فحديث رئيس مجلس الأمة الحالي للصحافيين، وهو من عمل بالقضاء والنيابة العامة تعليقا على أحكام المحكمة الدستورية التي ستصدرها المحكمة في 16 من يونيو المقبل بأن العبرة في مراسيم الضرورة هي بتقدير الأمير وبتصديق المجلس لها ولا اجتهاد مع النص، وفي موضع آخر يقول ان المحكمة قد تصدر حكما ببطلان مرسوم اللجنة العليا للانتخابات لكنها تبقي الاعمال التي أصدرتها، والحديث الصادر يفهم منه أن على المحكمة الدستورية ألا تجتهد في هذه المسألة المحسومة برأيه بمقولة «لا إجتهاد مع النص» في حين أنها المسألة المفصلية التي تعكف المحكمة الدستورية على دراستها وبحثها بنظر 23 طعنا انتخابيا فقط على مرسوم الضرورة بالصوت الواحد من أصل 56 طعنا، وكان الواجب عليه أن يبتعد عن التعليق عن هذه المسألة والاكتفاء باحترام أحكام المحكمة الدستورية في أي اتجاه تصب دون الولوج في تفاصيل يفهم منها إيصال رسائل غير مباشرة للمحكمة الدستورية، وهو الأمر الذي يتضح  في الموضع الثاني من حديثه للصحافيين بأن المحكمة قد تحكم بإلغاء مرسوم اللجنة العليا للانتخابات لكنها قد تبقي الأعمال التي صدرت عنها.

 وقد تكون تلك التصريحات بمثابة اجتهادات قانونية من رئيس مجلس الأمة بحكم عمله السابق كقاض ثم كمحام لكنها حتما غير مقبولة لكونها صادرة  من رئيس المجلس وليس من محام وباحث قانوني بعيد عن دائرة الصراع الدستوري المطروح امام المحكمة الدستورية.  

ليست تصريحات رئيس المجلس هي الوحيدة بهذا الخصوص غير المقبول برأيي بل سبقتها تصريحات للنواب المحامي يعقوب الصانع وصالح عاشور،  ثم توالت تصريحات نواب الاغلبية المبطلة بحكم المحكمة الدستورية في بيان صحافي لها ترفض تحصين المحكمة لمرسوم الصوت الواحد، ثم الدعوة منها لندوة جماهيرية في ساحة الإرادة لتوجيه رسائل للمحكمة الدستورية الهدف منها ليس قانونيا ولا حتى نقاش الفرضيات التي قد تنتهي بها بل الهدف منها سياسي بحت لتهيئة مرحلة ما بعد أحكام المحكمة الدستورية المرحلة المقبلة، في وقت تعكف المحكمة الدستورية ومستشاروها الكرام على بحث ودراسة كل أوجه الطعون الانتخابية المختلفة.

يبقى أن على الجميع وهو الأهم أن يتقبل أحكام المحكمة الدستورية برحابة صدر مهما كانت وبأي اتجاه سواء باستمرار المجلس الحالي ورفض كل الطعون المقامة أمام المحكمة، او ببطلانه وعودة مجلس 2009 ليكمل ما تبقى له من مدة ومن حيث ما توقف، أو بعدم دستورية مرسوم الصوت الواحد وهو ما سيترتب عليه من الدعوة لانتخابات جديدة بأربعة أصوات.