• الإسكندرية تطالب بالعصيان والرئيس يواصل الاختفاء • «الدستورية العليا» تحسم مصير «الشورى» غداً

Ad

اقتربت مصر بشدة أمس من هوة الفوضى مع إعلان غالبية أقسام الشرطة وقطاعات عريضة من الأمن المركزي الإضراب عن العمل بشكل غير مسبوق، في وقت يترقب المصريون اليوم حكم محكمة الجنايات على المتهمين في قضية مذبحة بورسعيد، ما يرشح الأحداث إلى تفاقم وارتفاع حدة الاشتباكات العنيفة المستمرة منذ أكثر من أسبوعين.

بينما تتجه أنظار الشعب المصري اليوم صوب محكمة الجنايات انتظارا للحكم على المتهمين في قضية "مذبحة بورسعيد"، تصاعدت أزمة إضراب ضباط الشرطة المصرية أمس، مع إغلاق أفراد الأمن أكثر من 50 قسم شرطة أمام المواطنين، منذ مساء أمس الأول، احتجاجا على السياسة التي يتبعها وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، واتهامه بالسعي لأخونة الوزارة، مطالبين بعدم الزج بقوات الأمن في الأحداث السياسية الدائرة، وأن يكون الحل سياسيا بديلا عن الحل الأمني.

وضربت موجة من الإغلاق أمس أقسام شرطة في محافظات القاهرة والجيزة والإسماعيلية وبورسعيد والمنيا وسوهاج والدقهلية والغربية والإسكندرية، فضلا عن إضراب عشرات القطاعات في الأمن المركزي، المخول أمنيا للتعامل مع المتظاهرين، على مستوى المحافظات المصرية احتجاجا على سياسات وزير الداخلية، ولم تفلح محاولات قيادات أمنية رفيعة المستوى في إقناع الضباط وعناصر الأمن بإعادة فتح الأقسام والعودة إلى العمل.

ويطالب الضباط بسن قانون لحماية رجال الشرطة أثناء تأديتهم عملهم، وعدم الزج برجال الشرطة في الصراعات والخلافات السياسية التي تشهدها البلاد، وأعلن الاتحاد العام لأفراد الشرطة في بيان له، أمس (الجمعة)، أن حالة من الغضب تجتاح أفراد الشرطة بجميع القطاعات، خصوصا قطاع الأمن المركزي، مشيرا إلى أن موجة الغضب بدأت بإغلاق الأقسام ومديريات الأمن، والاعتصامات بمدن المنصورة ثم انتشرت في مدن القناة والدلتا وبعض مدن الصعيد، إلى جانب القاهرة الكبرى، التي أعلن فيها ضباط وأفراد الشرطة في أكثر من 9 أقسام، إضرابهم عن العمل للمطالبة برحيل وزير الداخلية.

وبينما قُتل متظاهر برصاص الشرطة وأصيب أكثر من 156 في اشتباكات ليل الخميس - الجمعة، وفقا لبيان وزارة الصحة المصرية، ترأس وزير الداخلية المصري أمس (الجمعة) اجتماعا مع القيادات الأمنية وفريق إدارة الأزمة لمتابعة تطورات الأوضاع داخل البلاد، وقال مصدر مسؤول: "إن وزير الداخلية أكد خلال الاجتماع أن الأجهزة الأمنية ليست طرفا في المعادلة السياسية".

عصيان الإسكندرية     

ميدانيا، سيطر المتظاهرون على مبنى المجلس المحلي في مدينة الإسكندرية بعد انسحاب قوات الأمن من شوارع المدينة بالكامل، وسط دعوات بالدخول في عصيان مدني، اعتراضا على سياسات الرئيس المصري محمد مرسي، وجماعة "الإخوان المسلمين"، بينما دفعت المؤسسة العسكرية بقواتها لتأمين مبنى محافظة بورسعيد ومديرية الأمن بالمدينة بعد انسحاب الشرطة، تحسبا لأحداث عنف متوقعة اليوم.

وسادت أمس حالة من الهدوء بميدان التحرير، وشارك العشرات في فعاليات (الجمعة) تحت شعار "تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية" والتي دعا إليها عدد من الائتلافات والقوى السياسية المعارضة، في حين استمرت المظاهرات والمسيرات الحاشدة في مدن القناة والدلتا للمطالبة برحيل نظام الرئيس مرسي.

في سياق متصل، نظمت مبادرة "محاميات وسيدات مصر" فضلا عن عدد من الناشطات المصريات، مسيرة ووقفة احتجاجية أمام دار القضاء العالي بوسط القاهرة، بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة للتنديد بوقائع التعدي الجسدي على النساء في ميدان التحرير.

اختفاء الرئيس

سياسيا، يواصل الرئيس مرسي اختفاءه من المشهد السياسي متجاهلا مطالب رجال الشرطة وقوى المعارضة بإقالة وزير الداخلية وحكومة هشام قنديل بأكملها، في استمرار لأدائه السياسي الباهت ما أدى لانخفاض شعبيته بصورة قياسية في الشارع المصري، في وقت ترتفع شعبية المؤسسة العسكرية وعلى رأسها وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، الذي بدأ قطاع عريض في الشارع المصري حملة واسعة من أجل إصدار توكيلات شعبية لتفويض

الجيش إدارة البلاد رسميا.

 في السياق، ترددت أنباء عن تلقي جبهة "الإنقاذ الوطني"، كبرى حركات المعارضة المدنية، عرضا من الرئيس مرسي بتشكيل حكومة إنقاذ وطني وعرض مناصب قيادية للجبهة، من أجل الخروج من الأزمة السياسية التي تعانيها البلاد، إلا أن المتحدث الرسمي باسم الجبهة محمد البرعي نفى لـ"الجريدة" تلقي الجبهة أيّ عروض من قبل مؤسسة الرئاسة المصرية لتشكيل حكومة إنقاذ وطني.

في غضون ذلك، طرح حزب "الوسط"، ذو الجذور الإسلامية، مبادرة أمس، تضمنت، دعوة "القوى الوطنية للبدء فورا للتشاور حول عدة محاور، أهمها "تشكيل حكومة جديدة بالتوافق الوطني الواسع تبدأ بالاتفاق على ثلاث شخصيات تقدم للرئيس مرسي ليختار من بينها رئيساً للحكومة، والذي يشرع في تكوين حكومته بالتشاور مع كل القوى السياسية والمجتمعية".

إلى ذلك، تحسم المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار ماهر البحيري، غداً (الأحد) مصير الدعوى التي تطالب ببطلان مواد قانون انتخابات مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان المصري) وحلَّه أسوة بما جرى مع مجلس الشعب السابق.

وقالت نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابقة المستشارة تهاني الجبالي لـ"الجريدة": "إن قانون انتخابات مجلس الشورى شابه عوار دستوري"، متوقعة صدور حكم ببطلان مجلس الشورى وبالتالي حله".