آمال : فديت تمخ

نشر في 30-12-2012
آخر تحديث 30-12-2012 | 00:01
 محمد الوشيحي الحند لله، كما تقول خالة عمرو طاهر، أن كل ما قيل عن الاتفاقية الأمنية الخليجية مجرد ترهات يثيرها دعاة الفوضى (بالإذن من المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية صاحب حقوق هذه الجملة).

قيض الله لي وقرأت الاتفاقية الأمنية الخليجية (سأختصرها تمخ) فما وجدت فيها ما يحظر تناول القهوة في فنجان أبيض، ولا حتى في فنجان شفاف، ولا أي لون، وها أناذا أكتب المقالة وأتناول قهوتي في فنجان أبيض بخطوط سماوية مائلة، ولم يقبض علي أحد. يا ما أنت كريم يا رب.

قلّبت الصفحات ومواد القوانين فما وجدت مادة تحظر الغناء بصوت عال في المخيم مع الأصدقاء والندماء، ولا أية مادة تحظر "جر الصوت" وأنت مستند بظهرك إلى خيمة من ماركة النمران، ولم أجد ما يمنعني من مجالسة سعد العجمي وسعود العصفور، وتناول الفطائر معهما في ليالي الشتاء. أصلاً لم ترد جملة "ليالي الشتاء" من الأساس، لا في ديباجة الاتفاقية ولا في ثناياها، فديت ثناياها.

نفضت الاتفاقية نفضاً مبرحاً، ورفعتها أمام الشمس، فما وجدت فيها ما يعاقب على الاستماع إلى أغنية "نسم علينا الهواء من مفرق الوادي" ولا "يا دارة دوري بينا ضلك دوري بينا، تا ينسوا أساميهن وننسى أسامينا" ولا أي أغنية لفيروز. أي والله.

أعدتُ قراءة الاتفاقية، فما رأيت فيها ما يمنعني من مداعبة ولدي سعود "بو عزوز" ذي الجبهة المترامية الأطراف، ولا ما يمنعني من تبادل اللكمات معه، أو حمله على كتفي، أو التسابق معه على الدرج. ولم تحظر الاتفاقية استهبال بو عزوز عندما يختبئ خلف الكنب، فأتظاهر بالبحث عنه، وأتساءل عن مكانه، فيرد علي بصوت شرطي "أكبر قوي" ليخبرني أن سعود "ركب الطيارة وراح فوق". صدقاً، الاتفاقية لم تمنع الأطفال من الاستهبال أو العبط.

قلّبتُ وفتّشتُ، بصّرتُ ونجّمتُ كثيراً لكني لم أقرأ أبداً (بالإذن من نزار قباني) اتفاقية بهذه الوداعة والرومانسية، وسأقسم بالله قسماً غليظاً أنني لم أقرأ فيها ما يفرض تقبيل أيادي أبناء الحكام ولا كتوفهم (لست متأكداً من تقبيل البطون). ويا ما أنت كريم يا رب... كل هذه الأمور مسموحة، فاستمتعوا وامرحوا وارقصوا، بالإذن من معمر القذافي صاحب القبضة الأمنية الأشهر.

back to top