كما تدخّل الجيش المصري، ممثلاً بقيادته، التي كان على رأسها المشير محمد حسين طنطاوي، للإسراع بتنحي الرئيس السابق حسني مبارك قبل أن تعمّ الفوضى ويضطرب حبل الأمن فإن المفترض أن يكون هناك تدخل جديد عاجل للقوات المسلحة المصرية، التي هناك إجماع عليها وعلى وطنيتها من قبل المصريين كلهم بكل مللهم ونحلهم، بعدما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه وأصبحت البلاد مهددة بالاضطرابات والحرب الأهلية المدمرة.

Ad

كان هناك الحزب الوطني الذي كان عدده بالملايين، وكان بإمكان الرئيس السابق أنْ يواجه استهدافه والسعي لإسقاطه بمثل ما يواجه به بشار الأسد الآن ثورة الشعب السوري، لكن تدخُّل القوات المسلحة المصرية جاء في اللحظة المناسبة الحاسمة، مما جنب مصر ما هو أكثر دموية وخطورة بألوف المرات مما تتعرض له سورية حالياً التي أصر رئيسها على أنْ يركب رأسه وأن يذهب بالشوط حتى النهاية، والتي تختلف تركيبة جيشها عن تركيبة الجيش المصري وبخاصة على مستوى القيادة.

إنَّ ما جرى في مصر في الأيام الأخيرة، وبخاصة الهجوم على الكنيسة «المرقسية» في القاهرة الذي اتخذ طابع الاقتتال الطائفي البغيض، أكبر مؤشرٍ على أن هذا البلد الذي بقي يتسم وعلى مدى كل حقب التاريخ القديم والجديد بأنه مسالم ويرفض أهله العنف بات يجنح نحو الفوضى المدمرة والحرب الأهلية، وهذا يتطلب ألا تبقى القوات المسلحة تراقب انهيار البلاد عن بُعد، ويتطلب أنْ تتدخل كما تدخلت في المرة السابقة لفرض الأمن بالقوة ولقطع الطريق على فتنةٍ الكل بات يعترف بأنها قد استيقظت بعد أن كانت نائمة.

وهنا، فإنَّ الواضح أن الإخوان المسلمين مصممون على الاستمرار في التشبث بالحكم، الذي اختلسوه اختلاساً في لحظة اضطربت فيها المعادلات وبتشجيع من الولايات المتحدة وبدعم من بعض الدول العربية، وهذا يعني أنه إذا لم تبادر القوات المسلحة المصرية إلى القيام بواجبها الوطني كما في مراتٍ سابقة كثيرة وتمسك بمقاليد الأمور ولمرحلة انتقالية تجري بعدها انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة، فإن مصر ذاهبة إلى مصير مجهول وإلى أنهارٍ من الدماء والفوضى العارمة.

إنه لا يجوز أنْ يبقى الإخوان المسلمون يتلاعبون بأمْن ومصير أكبر وأهم دولة عربية وعلى هذا النحو المرعب، وأن يأخذوا هذا البلد إلى الفوضى المدمِّرة وإلى الحرب الأهلية، وربما إلى التقسيم الذي يبدو أنه بات مطروحاً دولياً، ولهذا فإنه يجب أن تسارع القوات المسلحة المصرية إلى الإمساك بزمام الأمور وتجنيب مصر، حماها الله، مصيراً مخيفاً غدا يقف لها في وسط الطريق.

إنه على القوات المسلحة المصرية ذات التاريخ الوطني الناصع البياض ألا تتردد في المسارعة إلى الإمساك بزمام الأمور قبل أن تعمّ الفوضى، وقبل أن تذهب مصر إلى الفوضى والاقتتال الداخلي، وربما إلى التقسيم، وعليها ألا تخشى اتهامها بالانقلاب العسكري والتدخل في الشؤون السياسية، بينما أصبحت أرض الكنانة تقف على مفترق طرق وتواجه أخطاراً فعلية لم تواجهها لا في عهد «مينا» ولا في عهد عمر ولا في عهد جمال... ولا حتى في عهد أنور السادات وحسني مبارك!.