الألقاب والمسميات في الكويت بـ"بيزة"، ليس هذا هو الجديد، الجديد هو اختلاق وصف ذي وزن كبير لشيء غير موجود أصلاً، وهذا الأمر بات طبيعياً في مرحلة اتسمت بالنسخ والتزوير أيضاً، فخريج الانتخابات الفرعية المجَرَّمة يتقلد دون عناء إكليل "حامي حمى الدستور"، والمذهبي المتعصب "أسد"، والكاتب المأجور "الكاتب الكبير"، والسياسي الشتام "بطل"، و"معلم" أنفار التجمعات ووقفات الولاء والإخلاص "ناشط سياسي"... إلخ، القائمة قد تطول إلى ما لا نهاية لأن أغلب ما يحصل من حولنا الآن يسير فوق خط إنتاج الكثير من الأوهام والمعارك المتخفية.

Ad

آخر ما سمعته من مسميات هو "دائرة الفكر" والمقصود فيها الدائرة الانتخابية الثالثة، بعد انتشار أخبار تفشي عمليات شراء الأصوات فيها، وكأن ذلك الأمر يحصل للمرة الأولى في الكويت! أو لنكن صرحاء أكثر كأن بيع الأصوات وشراءها عيب أن يحصل في دائرة "السنع والمنع" التي أخرجت "أجود" ما لديها في آخر دورتين "ساقط وبذيء وبينهما وكسة".

وما لا يعرفه بعض شباب اليوم وبعض "شياب" الاهتمام المتأخر بالسياسة، أن الانتخابات التكميلية التي أجريت عام 2001 في الدائرة العاشرة (العديلية، الجابرية، السرة)، وهي اليوم ضمن مكونات الدائرة الثالثة، على مقعد المرحوم بإذن الله سامي المنيس، راجت فيها نفس الأخبار التي تسمعونها اليوم عن رشى الأصوات، ويا سبحان الله تمت تلك الانتخابات وفق نظام "الصوت الواحد" لأن المقعد الشاغر "واحد" فقط.

هذا المسمى الكبير "دائرة الفكر" لا أعلم كيف مر على مروجيه دون نقاش أو تمحيص ولا أجد له مخرجاً غير حرص وجود مختلف التيارات السياسية على التصارع "الإيديولوجي" في تلك الدائرة نظراً لتركيبتها الملونة من كل الأطياف، ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أذكِّر بأن أشهر وصف من شاكلة "دائرة الفكر" أطلق عام 1985م على الدائرة الثامنة أيام نظام "الخمس والعشرين" دائرة، حيث سميت بـ"دائرة المثقفين" بعد نجاح كل من مرشح التجمع الديمقراطي ودكتور الفلسفة أحمد الربعي، والمرشح المدعوم من جماعة "الإخوان المسلمين" ودكتور العلوم السياسية عبدالله النفيسي، ونظراً لأن دائرة "بيان ومشرف" فلتت من نظام الإسكان المبرمج للطوائف والقبائل والعوائل، فقد تأسس فيها جيل وطني متعايش ينتمى "عملياً" إلى الأجيال التي عاشت في كويت ما قبل النفط، ولا يقبل التعامل مع الأطروحات المتعصبة أو الفئوية.

دائرة المثقفين وقبل أن تدخل في نطاق الدائرة الأولى، تبدلت أحوالها مع حالة التراجع الشاملة التي عاشتها الكويت منذ عقدين، لتصبح دائرة الطائفية التي ابتلعت كل طرح وطني شامل يمثل الكويت ككل وليس طائفة ما بعينها.

في الختام، كما سمعت فإن يوم السبت ستجرى فيه انتخابات برلمانية استحضرت، كما هو واضح، كل سلبيات السنوات الخمس الأخيرة، وبعثت الروح في عيوب نظام "الصوتين" و"الخمس والعشرين" دائرة؛ فرعيات، وثقل عائلي، وأكراد وأرثوذوكس وطاشناق ومردة، وشراء ذمم وعمل سياسي فردي.

 هذا الوضع كما قلت من قبل في "تويتر" أشبه بملعب "الصابون"، من دخله بالأوهام فسيخرج منه إلى مستشفى الرازي للعظام.