خدمات الوسطاء «الاستشارية» غائبة... دون أسباب!
تحتاج البورصة الكويتية إلى تقديم وتنويع المنتجات الاستثمارية والاستشارية المقدمة لشريحة المتداولين من أجل تنويع مصادر الإيرادات والأرباح من جهة، وتطوير هذا الجانب من جهة أخرى.
لماذا لا يتم اعتماد تقديم الخدمات الاستشارية من شركات الوساطة المالية لمتداولي البورصة في الكويت؟ تردد هذا السؤال كثيراً منذ بدء العمل بنظام التداول الجديد وبداية مرحلة جديدة من عمر سوق الكويت للأوراق المالية تتسم بالتطور والتقدم بناء على الأهداف الموضوعة له وتصريحات المسؤولين، خصوصاً وأن أغلب أسواق العالم المالية، المتطورة منها والناشئة، الأميركية والاوروبية والآسيوية وكذلك الإقليمية، تقوم شركات الوساطة فيها بتقديم الخدمات الاستشارية لعملائها من متداولي البورصة، والقيام بتسويق العديد من المنتجات الاستشارية بشكل رسمي.
أما شركات الوساطة المالية الكويتية، فإن خدماتها تقتصر على نشاط الوساطة وتوفير خدمات التداول الإلكتروني، وحتى عمولتها في عمليات المزادات والاستحواذات قامت هيئة أسواق المال بحرمانها منها، وهي للعلم محل دراسة من قبل القضاء بعد رفع بعض شركات الوساطة دعوى قضائية ضد «هيئة السوق» تطالب من خلالها بإعادة حق الحصول على عمولتها من عمليات الاستحواذ في المزادات. وبالنسبة الى تنظيم العمل من قبل «هيئة السوق»، فإن قرارها رقم 2 لعام 2011 بشأن إصدار جدول الرسوم، نظّم عملها من خلال تحديد الرسوم التي اشتملت على دفع 100 ألف دينار سنوياً و15 ألف دينار تدفع مرة واحدة عند الترخيص وعند التجديد كل 3 سنوات، وكذلك البند الثالث من المادة 125 من اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال التي نصت على أنه «يجوز لشخص اعتباري ممارسة اثنين أو أكثر من أنشطة الأوراق المالية»، كما شملت المادة 124 من اللائحة ذاتها في بندها الثالث على أن «تقديم الاستشارات الاستثمارية المتعلقة بالأوراق المالية مقابل عمولة» يعتبر من ضمن أنشطة الأوراق المالية المسموح بها. ورغم الترخيص القانوني لها، فلماذا لا نرى مثل هذه الخدمات في الكويت؟ يقول مراقبون إنه رغم وجود القرار والتنظيم القانوني لمثل هذه الأنشطة، فإن العملية تحتاج إلى مبالغ مالية ليست بالقليلة لتجهيز بنية شركات الوساطة المالية التحتية وتطوير وهيكلة إداراتها تماشياً مع الخدمات الجديدة، ولو قارنّاها مع ما يتم تقديمه في أسواق الخليج على سبيل المثال لوجدنا فروقاً كبيرة في مستوياتها وتنوعها. ويضيف مراقبون ان إعلانات «هيئة السوق» وقراراتها تعاني عدم الدقة والتوضيح في الكثير منها، وعلى سبيل المثال قرار المجلس التأديبي الأخير بشأن إيقاف أربعة متداولين عن أنشطتهم لمدة 6 شهور دون توضيح الأسباب، فإذا كانت عظة لغيرهم فإن ذكر الأسباب واجبة لضمان عدم تكرار الأخطاء والوقوع فيها مستقبلاً، وإلا لكانت تشهيراً وانتقاماً! ورغم هذه الأوضاع، ثمة توقعات أن نرى خلال الفترة القادمة قيام العديد من شركات الوساطة المالية بطلبات رسمية للحصول على ترخيص لتقديم هذه الخدمات لوجود العديد من العوامل المساعدة على ذلك، ومنها: - مراحل تطوير نظام التداول الجديد القادمة واشتماله على تطوير عمل شركات الوساطة نفسها بشكل خاص، وهذا ما يجعل التركيز من قبل إدارات الشركات نفسها على تطوير عمليها وخدماتها المقدمة. - ملكية أبرز وأكبر شركات الوساطة الموجودة في السوق تعود لبعض أكبر المؤسسات المالية الكويتية والتي تدير صناديق وأصولا وأموالا بمئات الملايين، منها «الوطني» و«التجاري» و«الاستثمارات الوطنية» و«كفيك» وغيرها، وبالتالي فإنها تمتلك من الخبرة اللازمة لتقديم خدمات جديدة تتعلق بأنشطة الأوراق المالية، وربما تنتظر انتعاشة أكبر للبورصة الكويتية لتكون الأجواء والعوامل المحيطة مساعدة على تسويق هذه الخدمات! شركات الوساطة المالية مطالبة وكخطوة في سبيل تطوير خدماتها ومنتجاتها لعملائها من متداولي سوق الكويت للأوراق المالية أن تقوم بالمبادرة بطلب الحصول على تراخيص من أجل تقديم هذه الاستشارات، وعدم الاكتفاء بالأنشطة الحالية، فهناك العديد من صغار المتداولين لا يمتلكون الخبرة الكافية في التحليلات والقراءات الفنيّة للأسهم المدرجة، وبالتالي قيام الوسطاء بمساعدتهم في هذا الجانب له العديد من الانعكاسات الإيجابية، ثم ان السوق يفتقد في الوقت الحالي للدراسات الفنية والمالية للأسهم المدرجة من قبل الشركات الإستثمارية والاستشارية مثلما كان خلال فترة الرواج والانتعاش قبل انهيار البورصة في أواخر 2008، عندما كانت غالبية الشركات الاستثمارية تصدر العديد من التقارير الدورية والتوصيات على الأسهم استغلالاً لفترات النشاط الاقتصادي آنذاك. ومما يجب التأكد منه حال تقديم هذه الخدمات، هو تطبيق المادة 162 من اللائحة التنفيذية التي نصت على أنه «يجب على الشخص المرخص له التأكد من رعايته لمصالح عميله، وعدم تأثير أي تعارض بين مصالحه ومصالح عميله على الصفقات أو الخدمات المقدمة للعميل، ويجب عليه الإفصاح للعميل كتابةً عن أي تعارض في هذه المصالح، ما لم يكن ذلك إفصاحاً عن معلومات داخلية، وفي هذه الحالة، يجب على الشخص المرخص له اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان المعاملة العادلة للعميل». وقال مراقبون: «يجب على شركات الوساطة القيام بإعطاء الاستشارة بناء على معطيات ومعايير فنية بحتة دون وجود تعارض للمصالح، وألا تكون الاستشارة خالية من الدراسات الفنية للتوصية بشراء هذا السهم أو ذاك، ويجب ألا يتضمن عقد الاستشارة شرطاً ينص على أن يكون الوسيط مقدم الاستشارة وسيطاً للصفقة، فهذا ما يخل بمبدأ عدم تعرض المصالح، ويُترك للعميل كامل الحرية في اختيار وسيط الصفقة سواء أكانت للشركة مقدمة الاستشارة له أو غيرها.