نتابع كباحثين أحداث الخليج بصورة الخارطة الذهنية، فنقرأ الأحداث ونطابقها مع البيانات الختامية لمؤتمرات مجلس التعاون  لنحدد خارطة الطريق للتحرك الخليجي تجاه القضايا.

Ad

 ومن ملاحظاتي مؤخراً وأنا أقوم بجمع المعلومات لإعداد كتاب متواضع, اتضحت أمامي الرؤيا بشكل مبدئي منذ التسعينيات، حيث ابتدأت فعلياً تجاه التحرك الدبلوماسي الفاعل إبان الغزو العراقي لدولة الكويت، ومن ثم المطالبة بمعرفة مصير الأسرى الكويتيين, أما عام 2000 فاتجهت المطالبات بالدعم المطلق لحق دولة الإمارات العربية في سيادتها على جزرها الثلاث ومياهها الإقليمية وجرفها القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة لجزرها.

 ثم انتقلت البيانات الختامية بعد ذلك من الشأن الإقليمي إلى العربي، وموضوع التمسك بمبادرة السلام التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002، وعاد ملف خلو منطقة الشرق الأوسط ومنطقة الخليج من كل أسلحة الدمار الشامل ليشكل مطالبات عام 2003.

ووسط تساؤل الكثير من كتّاب المقالات حول الحقبة الزمنية السياسية بعد عام 2011 ودور مجلس التعاون في التفاعل مع   "الثورات" التي فرضت نفسها على الساحة العربية، واقتربت من منطقة الخليج.

 ووضع اليمن المرشح للشراكة على نار، وأصبح اختباراً لقدرات الأمين العام الجديد الدكتور عبداللطيف الزياني، الذي ابتدأ عمله في الأول من أبريل من ذلك العام، وقد أطلقت عليه آنذاك مسمى "مهندس المبادرات التوافقية"، وذلك لمجهوده في الشأن اليمني وبإقرار المجلس المبادئ الخمس حول قضية اليمن.

 المبادئ تناولت نقل صلاحيات الرئيس اليمني إلى نائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة، وإعطاء المعارضة الحق في تشكيل اللجان والمجالس المختصة لتسيير الأمور سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وإعطائها الحق بوضع دستور وإجراء انتخابات ووقف سبل الملاحقة والانتقام من خلال ضمانات بين الحكومة والمعارضة، وهو النموذج المرشح اليوم للأزمة السورية مع بعض الاختلافات.

خلاصة الأمر: لا شك أن مفردات البيان اتسمت آنذاك بالجرأة بالنسبة إلى تحفظ دول التعاون المعروف، وآلية التغيير الراديكالي التي حددها البيان غير معروفة خليجياً، ورغم ذلك فقد تحفظت المعارضة على بعض البنود وفكرة التعاون مع عبدالله صالح. والسؤال اليوم ونحن نقترب من انعقاد اجتماعات تشاورية تبحث عن أولويات خليجية: هل يصلح النموذج لسورية، وهل ستقترح دول الخليج الأفكار ذاتها تجاهها؟

كلمة أخيرة:

متى يقوم جهاز الإحصاء التابع للأمانة العامة برصد آمال وتطلعات "المواطن الخليجي" في كل دولة من دول مجلس التعاون؟ ومتى تقوم غرف التجارة بنشر المعلومات حول الفرص التجارية في دول الخليج لتعزيز التجارة البينية؟ ومتى تتضمن الوثائق الأمنية الخليجية مفردات كالالتزام بحقوق الرجل والمرأة والمضي قدماً نحو المجالس المنتخبة؟ أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات.