ما بين "النكسة الديمقراطية" و"قمع الحريات" تسابقت الصحف في المانشيتات، وانطلقت المقالات في سباق ماراثوني لمحاولة استيعاب ملامح المشروع المقترح لرقابة الإعلام، والذي كشف جمود الأسلوب المطروح في صياغة الخطط والاقتراحات الإعلامية رغم ارتباط الإعلام باستراتيجية السياسة العامة للدولة، وفيما يلي بعض الملاحظات:

Ad

• بعض المؤشرات في القانون المقترح من قبل الحكومة تكشف عدم أخذ الإصلاح الإداري بعين الاعتبار، وأبرزها تمكين موظف الإعلام من اتخاذ القرار بالسماح ومنع الحفلات، وبالتالي استخدام المعيار الشخصي للموظف في تحديد ماهية الآداب العامة في الحفلات, ومؤشر آخر بعيد كل البعد كما يقوله زملاؤنا في قسم علم النفس, المنظور السيكولوجي أو النفسي لوزير الإعلام لا يتماشى مع الاقتراح, فالوزير شاب ويرأس وزارة الشباب ولا تنطبق الإجراءات مع فكره وما جاء في خطاباته الرسمية.

• القانون المقترح كشف غياب الآلية الخاصة لدى وزارة الإعلام في اختبار مدى فاعلية المساعي الاستراتيجية في كتابة مشاريع القوانين، وبالتالي لم تظهر جهود المستشارين والباحثين في المجال الإعلامي والحقوقي والإداري أيضاً، وهي كفاءات وطاقات تعج بها وزارة الإعلام.

بالعكس فقد كشف الاقتراح الفهم الخطأ لمواكبة القوانين للتطور التكنولوجي، وهي لا تعني تحديث العقوبات فقط إنما تحديث المزايا التي يتلقاها المواطن من الإعلام الإلكتروني، أي توفير المعلومات والخدمات الإعلامية بشكل تقني للمواطن.

 ومن الجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي بدأ يستحدث نظام "الإنترنت المجاني" ليصبح في متناول الجميع لمواكبة الحكومة الإلكترونية لكي لا يتحمل المواطن الأعباء.

• غابت خطة "التفكيك" وتحويل الإعلام إلى هيئات مستقلة للإذاعة والتلفزيون وغيرها, ولم يتعامل المقترح مع مرحلة التنقل بين  أنماط إدارية حديثة, بل عزز النمط المركزي في المسؤولية وعملية اتخاذ القرار وفتح المجال للهيمنة على الإدارات الإعلامية, علماً أن الخطة الإعلامية المطروحة عام 2004 استحدثت إدارات جزئية فاتحة المجال لإسناد بعضها إلى القطاع الخاص.

• لم يتناول المقترح الحاجة إلى الاهتمام بالكفاءات الإعلامية ورعايتها وتطوير القدرات البشرية في المجال الإعلامي, واستيعاب الطاقات الإعلامية الشابة، واستحداث برامج لصقل المواهب وتطوير العمل الإداري في المجال الإعلامي، ومنها إدارة المحطات التلفزيونية.

• بالنسبة إلى المادة 33 من الفصل الرابع المقترح فقد تناولت ما يخص الجانب الوطني, وهنا نتساءل عن القنوات التي احترفت الاصطياد في الماء العكر، واستضافت محترفي التلميع السياسي، ودخلت في صراع لتفسير الوطنية عبر فرز الاصطفاف مع استجواب رئيس الوزراء تارة أو ضدّه، وقضية الصوت الواحد تارة أخرى، فكيف نفسر السلوكيات طبقا للقانون المقترح؟ وما معايير الوطنية؟ وهل يعتبر انتقاد قوانين الإصلاح الانتخابي من المحظور؟

• التنظيم الإداري والاستراتيجي مطلوب لتنظيم الرسائل الإعلامية ووسائل الإعلام، ولكن ليس عبر استحداث "المقص الرقابي الإلكتروني" الذي يأتي عبر قوانين ردود الفعل الحكومية باتجاه المرئي والمسموع.

كلمة أخيرة: في ظل تدوير أو "تدويخ" المناصب وبعد غرس خنجر التقاعد المبكر في خاصرة الكفاءات ألم يحن الوقت لانتفاضة إدارية وإعادة اجتذاب أهل الخبرة بنظام "ساعات العمل المحددة"، أي "البارت تايم" وذلك لتدريب الداخلين الجدد إلى سوق العمل.

وكلمة أخرى: استمتعت بحضور حوار اقتصادي بغرفة التجارة جمع أعضاء مجلس الأعمال الأميركي بمديري مجالس إدارة المؤسسات المالية والاقتصادية الكويتية وأعضائها، حيث استمعنا إلى الخبير الاقتصادي فاروق سوسة ورؤيته المتفائلة "اقتصادياً" تجاه منطقتنا.