السكري الثاني وتصلب الشرايين... علاقة وثيقة
داء السكري أحد أكثر الأمراض التي تؤدي إلى الإسراع في حدوث تصلب الشرايين وزيادة شدتها. كيف وما هي العلاقة بين المرضين؟
تتصف شرايين الإنسان بالمرونة والمطاطية لتتوسع لاستيعاب أي تدفق دموي عند القيام بمجهود بدني، ذلك لاحتوائها على نسبة عالية من المواد البلاستيكية التركيب. مع التقدم في العمر، تقل المواد البلاستيكية وتحل محلها مواد صلبة وتترسب نسبة عالية من الدهون في جدار الشرايين. تؤدي هذه التغيرات إلى نقص المرونة والمطاطية في الشرايين، وهي حالة يُطلق عليها «تصلب الشرايين»، وترسب الدهون في جدار الشرايين يؤدي إلى الجلطات.يؤدي تصلب الشرايين في القلب إلى الذبحة الصدرية والجلطة القلبية وهبوط بالقلب لفشل عضلته بالقيام بعملها بكفائتها السابقة. لدى مرضى السكري قد تحدث الجلطة في القلب من دون أعراض وتسمى بالجلطة الساكنة. بالتالي، لا يتم التشخيص في الوقت المناسب، ما يؤدي الى تدهور كفاءة عضلة القلب تدريجاً. ولكن بالمتابعة الدائمة مع الطبيب المختص والالتزام بتعليماته يمكن اكتشاف هذه الجلطات في وقت مبكر عن طريق الأجهزه الحديثة.
تصلب شرايين المخيؤدي تصلب شرايين المخ إلى نقص ضخ الدم إلى المراكز المختلفة في المخ، فتنتج منها أعراض متباينة قد تأخذ صوراً حادة أو صوراً مزمنة مثل نقص القدرة على التركيز وضعف الذاكرة والصداع وعدم الاتزان أو شلل موقت في عضلات الوجه واللسان والبلعوم والأطراف. في بعض الحالات التي تحدث فيها جلطة كبيرة نسبياً تؤدي إلى سكتة دماغية غالباً ما تكون بصورة شلل. وإذا كان السكري مصحوباً بارتفاع في ضغط الدم تكون السكتة الدماغية غالباً ناتجة من نزيف حاد في الدماغ.تصلب شرايين الأطرافيحدث تصلب الشرايين في الأطراف السفلى دون الأطراف العليا، ويظهر بصورة آلام شديدة أو تقلصات في القدم والساقين، خصوصاً عضلات سمانة الساق. يحدث الألم أساساً بعد المشي أو صعود السلالم أو أي مجهود عضلي ويختفي تماماً بعد التوقف والراحة، ويختلف عن الآلام الناتجة من التهاب الأعصاب الطرفية والتي تحدث بشكل خفيف خلال النهار وتزداد شدة في الليل، ما يؤدي إلى اضطراب في النوم، وعلى عكس آلام تصلب الشرايين لا علاقة لها نهائياً بالمشي أو المجهود العضلي. في حالات قليلة، قد يؤدي انسداد الشرايين في الأطراف السفلى إلى حدوث غرغرينا في الأصابع أو القدم أو الساق. لكن الأسباب الرئيسة لحدوث الغرغرينا لدى مرضى السكري ترجع إلى عدم الوعي بالطريقة الصحيحة بالعناية بالقدمين.وقاية من السكريرغم أن الوراثة لها علاقة كبيرة في الإصابة بالنوع الثاني من سكري الدم، فإن العوامل البيئية هي المسؤولة عن توقيت حدوثه وشدته. وهذه العوامل البيئية يمكن السيطرة عليها تماماً بالدرجة التي قد يتأخر بها حدوث السكري إلى سن متقدمة مع إمكان تلافي معظم المضاعفات. في الحالات التي يبدأ فيها المرض في سن مبكرة يمكن تدارك الحالة فتقل نسبة حدوث المضاعفات وخطورتها بدرجة كبيرة. وأهم العوامل البيئية على الإطلاق هو نمط الحياة الخاطئ الذي نعيشه هذه الأيام. فرغم أن العلم الحديث استطاع القضاء على أمراض ووبائيات كثيرة كانت تحصد أرواحاً كثيرة مثل الكوليرا والطاعون، أو تؤدي إلى الإعاقة مدى الحياة مثل شلل الأطفال، فإن نمط الحياة الحديثة بالإضافة إلى ازدياد التوتر العصبي والتلوث البيئي أدى الى انتشار أمراض حديثة يطلق عليها وبائيات العصر الحديث كالسكر والسمنة وارتفاع ضغط الدم والأمراض السرطانية.▪ الرياضة والمجهود العضلي:اعتماد الناس على وسائل النقل الحديثة واستخدام الأجهزة التكنولوجية في جميع مجالات الحياة، فضلاً عن تمضية فترات طويلة أمام الكمبيوتر والتلفاز، ذلك كله أدى إلى تقليل النشاط الجسمي والمجهود البدني وزيادة السمنة وما يترتب عليها من أمراض كارتفاع دهون الدم وضغط الدم والأمراض السرطانية المختلفة. لذلك تبذل الدول المتقدمة جهوداً مضنية لحث الناس من مختلف الفئات العمرية على ممارسة النشاط البدني والرياضة. أصبحت ممارسة الرياضة أمراً مهماً جداً في الحياة الحديثة للوقاية والعلاج من جميع الأمراض وعلى رأسها السكري. وأفضل أنواع التمارين لمحاربة هذا الداء هي الرياضات الهوائية البسيطة المعتدلة المجهود كالمشي والسباحة. وينصح بممارسة الرياضة من ثلاث إلى خمس مرات أسبوعياً بفترة زمنية تتراوح بين 30 إلى 60 دقيقة، ومن الأفضل ممارسة الرياضة كنظام حياة يومي.▪ النظام الغذائي الصحي:المقصود بالنظام الغذائي الصحي لمريض السكري هو النظام الغذائي الصحي لأي شخص عادي سليم من دون حرمان أو تفريط، مع الابتعاد قدر الإمكان عن الوجبات السريعة والدهون، خصوصاً الدهون الحيوانية المتوافرة في اللحوم الحمراء والحليب ومنتجاته والسمنة والزبدة والمقالي والمشروبات الغازية والعصائر الغنية بالسكر. وتناول الطعام الطبيعي الغني بالخضروات والفواكه المعتدلة السعرات. واستبدال الزيوت الحيوانية بالزيوت النباتية وأفضلها زيت الزيتون. والاعتدال في تناول البروتينات حيث يسود اعتقاد خاطئ بين كثير من مرضى السكري بالإقلال من النشويات وتعويضها بالبروتينات. كذلك يجب التنوع في مصادر البروتينات على أن تكون من مصادر حيوانية كاللحوم الحمراء واللحوم البيضاء كالدواجن والبط والأسماك مع تقليل اللحوم الحمراء قدر الإمكان وتفضل الأسماك لاحتوائها على الدهون الجيدة أوميغا 3. كذلك من الضروري تناول البروتينات من مصادر نباتية كالبقول مثل الفول والحمص والترمس والعدس والفاصوليا الجافة واللوبيا الجافة والبسلة التي تحتوي أيضاً على ألياف مفيدة.▪ الابتعاد عن التدخين:التدخين ضار بالصحة وله علاقة قوية بالأمراض السرطانية، ويؤذي مرضى السكري جداً ومرضى ارتفاع ضغط الدم، بفعل المضاعفات التي تنتج منه وأهمها تصلب الشرايين. ولا فرق بين السجائر الخفيفة التي تحتوي على نسبة أقل من النيكوتين والقطران والسجائر الأخرى. كذلك العدد القليل من السجائر له أيضاً ضرر بالغ على مريض السكري، إذ يؤدي إلى عدم انتظام مستوى سكر الدم. لذلك ننصح بالابتعاد عن التدخين لتلافي حدوث المضاعفات الخطيرة لهذا المرض.▪ الابتعاد عن الكحول:لا خلاف على تحريم هذه المشروبات في مجتمعاتنا الإسلامية مما يقينا من شر هذه الآفة. وقد أثبتت الأبحاث العلمية عموماً أن تناول المشروبات الكحولية قد يؤدي إلى أضرار كثيرة. في دولة كجمهورية مصر العربية تزيد فيها نسبة الإصابة بتليف الكبد الناتج من الإصابة المزمنة بالفيروسات الكبدية، خصوصاً الفيروس C والفيروس B، والمرضى بهذا الداء أكثر عرضة للإصابة بالسكري. لا ننسى أن المشروبات الروحية لها خطورة شديدة على كبد المريض، لذا من الضروري الابتعاد عنها.[email protected]Twitter: @PROF_RNFacebook: Rabah AL-najadah