مرافعة : للقضاء كلمة!
ما يعكس احترام الدولة للحقوق والحريات ليس جهازها التنفيذي، بل بقضائها الكامل فكلما نشط في الدفاع عنها وحرص على كفالتها، كان قضاء عادلا في حق الإنسان وكافلا لكل حقوقه الطبيعية، بينما إذا كان القضاء غاضا للنظر بالدفاع عن حقوق الأفراد الطبيعية وحرياتهم فيكون قضاء غير مستقيم يجب إصلاح ما اعتراه من خطأ في التطبيق ويلزم تطويره وتصحيح مساره.برأيي لا يمكن القبول بمقولة أن القاضي في النهاية انسان يخطئ ويصيب، وهناك درجات تقاضي أخرى لنظر الموضوع مجددا، بل يصح القول إن هذا القضاء صالح لتولي القضاء أو ليس بصالح فحقوق الناس وحرياتهم هي ليست بمسألة نسبية تقبل التأويل أو القسمة على اثنين بل هي مسألة مرتبطة بأمن المجتمع بأكمله وهو ما ستجعل من المظلوم صاحب الحق التفكير جليا بأن ينال حقوقه بنفسه إذا ما انتهى القضاء الى تجريده من تلك الحقوق الطبيعية التي كفلها له الدستور.
ومن الحقوق الطبيعية للإنسان هي حقه في الحياة والتنقل والتعبير والرأي والتفكير والتقاضي، ومن الطبيعي أن الدستور ذاته وصمها بعدم الاطلاق وربطها بتنظيم القانون وهذا التنظيم كلما كان محافظا لتلك الحرية كان مراعيا للنصوص التي كفلها الدستور، وفي المقابل كلما كان هذا التنظيم خانقا لتلك الحرية ومقيدا لها أصاب تلك الدعامات الدستورية مقتل وجعل منها حبرا على ورقة لا طعم له ولا رائحة ووجودها كعدمها!وفي كل الدول الديمقراطية التي تفخر الشعوب بدساتيرها تفخر بقضائها لكونه هو المعول عليه في كفالة تلك الدساتير والحافظ على تطبيق نصوصه من سوء تطبيق السلطات لها او بتنظيمها بغير النهج الذي أراده الدستور.في الكويت انتصر القضاء الدستوري في عام 2005 في كفالة حق الأفراد بالتجمع العام لكن السلطة الممثلة في الضبط مازالت مصرة على الالتفات عن هذا الحق وفي عام 2009 انتصر القضاء الدستوري لحق المرأة بعدم إلزامها بالحصول على موافقة الزوج لتجديد جواز سفرها وما زالت الجهة المعنية بالتطبيق ممتنعة عن تطبيق اثر حكم عدم دستورية المادة 5 من قانون الجوازات وفي عام 2013 جاءت المحكمة الدستورية وألغت مرسوم اللجنة العليا للانتخابات لانتفاء حالة الضرورة فيه ولا يستبعد أن تأتي الحكومة وتصدر في قادم الأيام مراسيم ضرورة وفي الشهر الماضي قضت التمييز بإعدام ضابطي مباحث لحرمانهما المواطن محمد الميموني من حق الحياة ولا يضمن أن يأتي مستقبلا ويقوم آخرون بذات الفعل وغيرها من القوانين الكثيرة والتصرفات المخالفة التي لا يتسع المقال على حملها، لكن الأهم الذي يجب التنبه له هو أن تستمر السلطة التنفيذية في محاسبة ممن يخالف القانون أو من يعرقل تنفيذه أو من يؤول في مفهومه ضمانا وصونا لنصوص الدستور، وبذات الوقت أن يستمر القضاء في نهج كشف عورات الإجراءات القانونية الخاطئة وألا يتردد شبرا واحدا في إلغائها مهما كانت التبعات والآثار المكلفة من ذلك الإلغاء فنهج ما بني على باطل فهو باطل هو الأصوب في ردع الإجراءات الحكومية الباطلة مهما كانت، بينما ترتيب سلامة الإجراءات الباطلة هو مكافأة للحكومة على حساب الدستور وضمان سلامة تطبيقه.