ارتجاع المريء... أسبابه وعلاجاته المحتملة

نشر في 11-09-2013 | 00:02
آخر تحديث 11-09-2013 | 00:02
تمتلئ رفوف الصيدليات بأدوية لحرقة المعدة بسبب ارتجاع المريء. اختبر معظمنا هذه العوارض: شعور بحرقة في الصدر يرافقه تجشؤ وصعود سائل حامض من المعدة إلى الفم. والأسوأ من ذلك الاستيقاظ ليلاً لأنك تختنق بسبب حمض حارق في مجرى التنفس.
بالإضافة إلى العوارض المزعجة، إن لم يُعالج ارتجاع المريء (acid reflux) فقد يؤدي في النهاية إلى الموت بسبب سرطان المريء. ويُعتبر هذا من أكثر أنواع السرطان فتكاً، ويصيب راهناً نحو 14 ألف أميركي كل سنة، وتتزايد هذه الأعداد بسرعة. تُظهر الأبحاث أن تنامي حالات الارتجاع والسرطان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتفشي السمنة. فثمة علاقة قوية بين الزيادة في الوزن وحرقة المعدة. كذلك يلاحظ الأطباء رابطاً واضحاً بين خسارة الوزن وتراجع عوارض الحرقة. في عام 1991، عاني 15% من الأميركيين السمنة، و30% الوزن الزائد. أما اليوم، فارتفع معدل السمنة إلى 30% والزيادة في الوزن إلى 60%.

ما هي حرقة المعدة وارتجاع المريء؟

تفرز المعدة الأحماض لتسهّل عملية الهضم. لا تكمن المشكلة في الأحماض بحدّ ذاتها، في صعودها أو ارتجاعها، في المريء. كي نفهم طبيعة ارتجاع المريء، قد يكون من الأفضل أن نطلع على بعض المعلومات عن جسم الإنسان.

نتمكن من التنفس لأن القفص الصدري والحجاب الحاجز يعملان مثل منفاخ. الحجاب الحاجز عبارة عن طبقة من العضل يفصل بين منطقة الصدر والبطن. في وسط هذا الحجاب العضلي، نرى ثغرة أو فرجة تسمح للمريء بالاتصال بالمعدة. عندما نسحب الهواء إلى داخل الرئتين، يتقلّص الحجاب الحاجز ويوسّع منطقة الصدر، ما يتيح للهواء بالتسرب إلى الرئتين. وفيما يتوسّع القفص الصدري، يخفف الضغط على الصدر ويزيده على البطن، ويحدث ارتجاع المريء لأن الغازات والسوائل تميل إلى التدفق من مناطق الضغط العالي، مثل البطن، إلى مناطق الضغط المنخفض أو الصدر. نتيجة لذلك، عندما تزفر، يدفع الضغط الأحماض من المعدة إلى المريء أو حتى إلى الفم ومجرى الهواء.

لا شك في أن جسمنا مصمم طبيعيّاً للحؤول دون حدوث ذلك. لذلك لا يعاني المريض ارتجاع المريء، إلا عند إصابته بخلل ما. ومن العوامل التي تؤدي إلى ارتجاع المريء:

• ارتخاء عضلة المريء العاصرة السفلية العابر: تُعتبر عضلة المريء العاصرة السفلية حلقة عضلية ضعيفة تقفل أسفل المريء وتعزله عن أعلى المعدة، ما يحول دون صعود الأحماض. ولكن أحياناً ترتخي هذه العضلة في الوقت الخطأ.

• تأخر تصفية الحمض: عندما ننام، نتوقف عن إفراز اللعاب، ما يساهم في تصفية الأحماض من المريء. كذلك يحتوي اللعاب على عوامل نمو تشفي المريء من تأثيرات الحمض المضرة.

• تراجع المقاومة بسبب إصابة: عندما يتعرض المريء أو المعدة لإصابة ما، مثل قرحة، يفقد النسيج المصاب دفاعاته الواقية ويصبح أكثر عرضة لمزيد من الإصابات.

• تأخر إفراغ المعدة: يبقى الطعام والأحماض أحياناً في المعدة فترة أطول من المعتاد.

• انقطاع النفس أثناء النوم: من الممكن للانسداد الجزئي لمجرى الهواء أن يؤدي إلى توسّع الصدر أكثر من الطبيعي، ما يدفع بكمية أكبر من الأحماض إلى المريء.

• الفتق الحجابي: تظهر هذه الحالة عندما يقتحم جزء من المعدة الحجاب الحاجز ويدخل منطقة الصدر، ما يرغم عضلة المريء العاصرة السفلية على الفتح ويعيد الطعام والأحماض إلى الصدر.

مضاعفات

من الممكن لارتجاع المريء، على الأمد الطويل، أن يؤدي إلى تقرّح المريء وتضيّقه، ما يصعّب على المريض بلع الطعام. كذلك قد يُصاب بمريء باريت، تشوّه في نسيج الجزء السفلي من المريء قد يتحوّل بمرور الوقت إلى سرطان المريء.

يفاقم التدخين إصابات المريء. يعتقد العلماء أن بطانة مخاطية، فضلاً عن ابتلاع اللعاب الذي يغسل الأحماض من المريء، تحمي الأخير من المواد السامة في دخان السيجارة. ولكن إذا تعرض المريء لمشكلة ما سلبته هذه الحماية، يزيد التدخين خطر المضاعفات، وقد يؤدي في النهاية إلى الإصابة بسرطان المريء. إن كنت تعاني ارتجاع المريء، تفادَ ما يلي:

• تناول كميات كبيرة من الطعام.

• تناول الطعام قبل وقت قصير من الخلود إلى النوم (يجب تناول آخر وجبة قبل النوم بما لا يقلّ عن ثلاث ساعات).

• تناول الكافيين، بما فيها القهوة والمشروبات الغازية.

• تناول الحمضيات، الطماطم، والعنبية وعصيرها.

• المثلجات ومخفوق الحليب (ميلك شيك).

• الشوكولا (من أكثر الأطعمة ضرراً).

• الكريما الحامضة.

• الحلوى الكثيرة الدسم.

• النعناع الفلفلي (Peppermint) لأنه يُعتبر أحد أهم المواد التي تساهم في استرخاء عضلة المريء العاصرة. لذلك تفادَ حبات النعناع المنعشة للنفس بعد الطعام.

• ارتداء ملابس ضيّقة جدّاً.

كيف يُشخَّص ارتجاع المريء؟

 

قد يشك الطبيب في إصابتك بارتجاع المريء نظراً إلى العوارض التي تعانيها. وسيتأكد من صحة شكوكه هذه بإجراء تنظير للجهاز الهضمي العلوي، وخصوصاً إن كنت تعاني عوارض خطيرة.

تشمل العوارض الخطيرة:

• صعوبة في البلع.

• خسارة وزن مفاجئة.

• تقيؤ دم ومواد تشبه فضلات البن.

• براز أسود يحتوي على دم.

• بدء هذه العوارض بعد سن الخمسين.

لا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن اختفاء عوارض ارتجاع المريء فجأة من دون أي تغييرات في نمط الحياة أو وزن الجسم أو تناول الأدوية قد يكون دليلاً على إصابة المريض بمريء باريت، تشوّه قد يحميك من ارتجاع المريء، إلا أنه يسبب أحياناً سرطان المريء.

أدوية متوافرة

قد تكون رفوف الأدوية المضادة للحموضة محيرة في الصيدلية. فتتوافر عشرات الخيارات التي تؤدي إلى نتائج مختلفة. ومن الضروري أن نفهم طريقة عملها وما يجب أن نتوقعه من كل نوع:

• أدوية تبطل مفعول الأحماض، مثل Tums، Rolaids، Alka-Seltzer، Maalox، وحليب المغنيسيا: تعمل هذه الأدوية على إبطال تأثير الأحماض التي أفرزتها المعدة ولا تحتاج عادة إلى وصفة طبيب. وتُعتبر فاعلة في التخفيف من العوارض العابرة التي تشعر بها أحياناً. ولكن إن كنت تعاني من حالة طبية أخرى، خصوصاً مرض الكليتين، فاستخدمها بحذر لأن هذه الأدوية تحتوي على الكالسيوم، المغنيسيوم، أو الفوسفات. كذلك من الضروري أن تعرف أن Alka-Seltzer يحتوي أيضاً على الأسبرين. لذلك إن كنت تعاني ارتجاع المريء، فاستخدم Alka-Seltzer Heartburn الخالي من الأسبرين.

• مضادات الهستامين أو الإتش 2 (H2)، مثل Pepcid، Zantac، Tagamet، وAxid. تعمل هذه الأدوية على منع إفراز الجزء الأكبر من الأحماض في المعدة. تتوافر بمعايير مختلفة يحتاج بعضها إلى وصفة طبيب وبعضها الآخر لا. وتُعتبر مضادات الهستامين أكثر فاعلية لعلاج حرقة المعدة العابرة وشفاء الإصابات في المريء، مقارنة بالأدوية التي تبطل مفعول الأحماض.

• مثبطات مضخة البروتون (Proton pump inhibitors)، مثل Prilosec، Nexium، Aciphex، Protonix، Zegerid، Prevacid،

وKapidex. تعيق هذه الأدوية المسار المشترك الأخير لإنتاج الأحماض في المعدة، وتُعتبر الأكثر فاعلية في شفاء العوارض وتصحيح الخلل الحاصل. يتوافر Prilosec في الصيدليات بشكل لا يحتاج إلى وصفة طبيب، إلا أنه لا يتمتع بتقنية الإطلاق التدريجي، ما يجعله أقل فاعلية من النوع الذي يتطلب وصفة طبية. علاوة على ذلك، من الضروري عدم تناول معظم هذه الأدوية في حال كنت تأخذ أدوية مثل Plavix، عامل مضاد للويحات يحول دون الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية. فقد تعيق مثبطات مضخة البروتون تأثير Plavix. أما إذا كنت تتناول هذا الدواء، فضلاً عن أدوية لارتجاع المريء، فمن الأفضل أن تراجع طبيبك أو الصيدلي لتتأكد من ألا ضرر في ذلك.

علاجات من دون أدوية

إذا كنت تود تجنب تناول أدوية ارتجاع المريء، أو إذا كنت قد اختبرت أدوية عدة وما زلت تعاني هذه المشكلة، فإليك بعض العلاجات التي قد تفيدك:

• يمكنك اللجوء إلى جراحة تضيّق الوصلة بين المعدة والمريء. للحصول على معلومات إضافية، استشر طبيبك.

• قد تؤدي التغييرات في نمط الحياة، خصوصاً خسارة الوزن، إلى تحسّن مذهل. حتى لو لم تخسر كيلوغرامات كثيرة من وزنك، يمكن لتناول وجبات أصغر وتجنب تناول الطعام قبيل الخلود إلى النوم أن يؤديا إلى تحسّن كبير.

• يمكن لرفع أعلى السرير بضعة سنتمترات إضافية بواسطة قطع خشبية أن يخفف من العوارض. دع الجاذبية تساعدك.

آمل أن أكون قد قدّمت لك فكرة شاملة عن ارتجاع المريء، أسبابه، وعلاجاته المحتملة، فضلاً عن التغييرات في نمط الحياة التي تساهم في التخفيف من العوارض المزعجة. تساعدك هذه المعلومات في تفادي أي مضاعفات محتملة قد تنشأ من تعرّض المريء فترة طويلة لأحماض المعدة من دون علاج. إن كنت تعاني غالباً من العوارض، وخصوصاً العوارض الخطرة، فربما من الأفضل أن تستشير طبيب جهاز هضمي.

كابوس تناول الطعام في الخارج

تتناول العشاء في مطعم وتأكل الكثير من الأطايب المقلية والكثيرة الدهون. ثم تختم وجبتك بحلوى تحتوي على الشوكولا اللذيذ وكوب قهوة. ولا شك في أنك تتناول حبة أو اثنتين بطعم النعناع لتنعش نفسك. وبعد ساعة أو اثنتين تخلد إلى النوم. وهكذا تكون في الوضع المثالي لتعاني أسوأ تأثيرات ارتجاع المريء.

يمكنك تناول الأطعمة التالية:

* مياه معدنية (تبطل مفعول الأحماض).

* معظم الخضار، باستثناء البطاطا المقلية والبصل النيء.

* لحم غير مقلي خالٍ من الدهون.

* تفاح.

* موز.

* صلصات قليلة الدهون (خل وزيت الزيتون).

* حلوى قليلة الدسم مثل السوربيه.

back to top