إن تتبع مسار الحراك الفني والثقافي، في تاريخ أي مجتمع، يظهر بوضوح الدور المهم الذي تلعبه المؤسسات الخاصة والشخصيات العاشقة للأدب والفن. ونظرة متأملة في تاريخ الحراك التشكيلي الغربي، يؤكد أن أهم الفنانين العالميين، كانوا تحت رعاية عوائل غنية، وأن أعمالهم الفنية التي تزين متاحف العالم اليوم، وتشكل ذاكرة فنية للبشرية، خرجت من أياديهم إلى بيوتات تلك العوائل، وانتهت لتزين جدران متاحف العالم.
إن تسخير عوائل وشخصيات ومؤسسات كويتية غنية، جزءاً من اهتمامها ورعايتها بأموالها للأدب والفن، في دولة صغيرة في رقعتها الجغرافية، كبيرة في حضورها الثقافي في محيطها الخليجي والعربي، سيجعل من الكويت بؤر متلألئة للفن والثقافة، وسيشكّل دعماً حقيقياً لمسيرة الثقافة والفنون.احتضنت رابطة الأدباء الكويتيين (منتدى المبدعين الجدد) منذ نشأته في مطلع شهر أبريل عام 2001، وكان لدور الزميلين حمد الحمد ووليد المسلم أهمية كبيرة في أن ترى فكرة المنتدى النور، كما ساهم كل من الشاعر علي السبتي والقاص والروائي سليمان الشطي، بجهد طيب في حضور ومتابعة جلسات المنتدى، مثلما قدمت الزميلة ليلى محمد صالح، ولاحقاً طلال الرميضي، جهوداً مشكورة، لمساعدة المنتدى على تأكيد حضوره على الساحة الثقافية. ولقد حَظِيَ المنتدى برعاية كريمة من الأخت الفاضلة الشيخة باسمة المبارك العبدالله الجابر الصباح. وإذا كانت رعاية ومتابعة الكتّاب والروائيين والشعراء لأبنائهم من المواهب الشابة لعبت دوراً أساسياً ومهماً لمساعدة تلك الكوكبة من المواهب الشابة على شق طريقها، فإن تخصيص جائزة وحفل إعلامي للفائزين بها، شكّل دافعاً مهماً لمزيد من الشباب للانخراط في المنتدى، ومحاولة مجاراة زملائهم في تحصيلهم الثقافي والأدبي.لقد صعدت مواهب شابة انتمت ومرّت بجلسات المنتدى إلى دنيا الكتابة الإبداعية الحقة، كالروائية بثينة العيسى، والقاصة استبرق أحمد، والقاص بسّام المسلم، والقاصة نورة بوغيث، والقاص حميدي حمود، مما يؤكد الدور المهم الذي لعبه منتدى المبدعين الجدد على الساحة المحلية، ويشير بدلالة واضحة إلى أن حضن المنتدى كان ولايزال كفيلاً بإنجاب أصوات شبابية مبدعة.إن تخصيص الشيخة باسمة المبارك مبلغاً مالياً سنوياً لرعاية أعمال ونشاطات المنتدى، بادرة خيّرة يجب أن تكون نموذجاً يُحتذى به. فأموال مختلف المؤسسات المالية والتجارية وحتى الشخصيات الغنية في الكويت، تتجه إلى مختلف النشاطات، وتشيح بوجهها معرضة عن مساعدة ودعم الثقافة والفنون، وليس أدلّ على ذلك العوز من الوضع المزري الذي تعيشه رابطة الأدباء الكويتيين، وهي المؤسسة الأهلية للثقافة في الكويت،التي تأسست عام 1964، ومازالت قابعة في مبنى متهالك، ومكتبة تئن بؤساً، وتعتاش على إعانة وزارة الشؤون وبعض صدقات المحسنين، في واحدة من أغنى دول العالم!لقد احتضن مسرح الرابطة، مساء الاثنين الماضي الموافق 11 فبراير الجاري، حفل توزيع جوائز الفائزين بمسابقة الشيخة باسمة المبارك، وفاز بالمراكز الثلاثة الأولى في مسابقة الشعر كل من: بدر البريكي، ومحمد جمال الهاشمي، وحمود الشمري، بينما فاز في مسابقة القصة كل من: منصور الفرج، وبدر حمود، وغدير المطيري. ولقد كان واضحاً الفرح الذي شع بعيون الشباب الفائزين، وربما كان ذلك دافعاً مشجعاً لهم لمزيد من التحصيل والعطاء.إن ديدن الحياة يؤكد ضرورة احتضان ورعاية المواهب الواعدة ومساعدتها في خطواتها الأولى، وهذا ما يفعله منتدى المبدعين الجدد في دعمٍ محمود من لدن شخصيات عاشقة للإبداع والأدب والثقافة. فصعود موهبة أو نجم في أي من الأجناس الأدبية إنما يُعدُّ كسباً ثميناً للكويت وسمعتها في المحافل العربية والدولية، ومنا جزيل الشكر والتقدير لمن يدعم الثقافة والمثقفين.
توابل - ثقافات
جائزة الشيخة باسمة المبارك ومنتدى المبدعين
19-02-2013