في يوم 20 يونيو الماضي، ارتفع "سعر الفائدة بين بنوك شنغهاي" الذي تتعامل به البنوك في ما بينها على أساس يومي بـ578 نقطة أساس ليصل إلى 13.44 في المئة، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من سبع سنوات. كما ارتفع "سعر الفائدة بين بنوك شنغهاي" على أساس أسبوعي إلى معدل 11 في المئة. أما سعر الفائدة على القروض التي يقدمها البنك المركزي للبنوك، فلم يتغير، مما يعني أن ارتفاع تكلفة الاقتراض بين البنوك يعود إلى انعدام الثقة بينها.

Ad

وقال التقرير الأسبوعي للشركة الكويتية الصينية الاستثمارية (KCIC) إن عواقب مثل هذا الشلل المصرفي ليست واضحة تماماً، لكنها قد تكون جذرية مثل إفلاس الشركات التي لن تتمكن من إعادة جدولة ديونها، أو حتى خسارة البنوك الودائع المودعة لديها إذا ما رأى المودعون أن أموالهم ليست في مأمن مع البنك.

وعلى غير العادة، صرح البنك المركزي الصيني أنه لن يضخ أي سيولة إضافية استجابة لتزايد تكلفة الاقتراض. وقد كانت معنويات المستثمرين منخفضة بسبب توقعاتهم بأن برنامج الاحتياطي الفدرالي لشراء السندات سينتهي قريباً، لذلك جاء خبر السيولة المنخفضة وعدم استعداد البنك المركزي الصيني للمساعدة محفزاً لعمليات البيع حول الأسواق العالمية، مما نتج عنه انخفاض مؤشر شنغهاي المجمع الذي ختم الأسبوع متقلصاً 4.11 في المئة، واستمر بالانخفاض في الأسبوع التالي. إلا أن بعد أربعة أيام، أعاد البنك المركزي الصيني الثقة في الأسواق بتأكيده أنه ضخ بالفعل سيولة في بعض المؤسسات المالية، وأنه سيقود أسعار الفائدة في السوق إلى الانخفاض لمستويات معقولة، وسيكون أكثر شفافية مع الأسواق ليتمكن من السيطرة على توقعات المستثمرين.

سعر الفائدة

"سعر الفائدة بين بنوك شنغهاي" هو سعر الفائدة الذي تتعامل به البنوك في ما بينها في سوق النقد في شنغهاي. ويتم حساب هذه النسبة عبر حساب متوسط سعر الفائدة من 16 بنكا، بعد استثناء أعلى سعرين وأقل سعرين للفائدة. وهناك ثمانية أسعار للفائدة بين بنوك شنغهاي مختلفة بحسب طول عمر القرض، حيث تتراوح ما بين سعر الفائدة للقروض التي تتم لمدة ليلة واحدة فقط، وهي أكثر الأسعار التي تعكس المخاطرة قصيرة المدى والسيولة، وسعر الفائدة للقروض التي تمتد لفترة 12 شهرا. وكلما زاد سعر الفائدة، كلما زادت تكلفة التمويل للبنك. ويشير ارتفاع سعر الفائدة بين البنوك إلى انخفاض السيولة، أو إلى رغبة البنوك بالمحافظة على النقد لأنهم يتوقعون المرور بمراحل صعبة في المستقبل. وبالنسبة للأسواق المالية، "سعر الفائدة بين بنوك شنغهاي" أقل أهمية من الأسعار الأخرى للفوائد بين البنوك مثل الليبور (سعر الفائدة بين بنوك لندن)، لأن "سعر الفائدة بين بنوك شنغهاي" يؤثر على نسبة صغيرة فقط من الأصول تعادل 8 في المئة من إجمالي أصول البنك.

ويعتقد محللو الاقتصاد الصيني المتفائلون أن نقص السيولة الحالي هو نتيجة لعوامل مؤقتة. فمنذ عام 2006، ارتفع "سعر الفائدة بين بنوك شنغهاي" أربع مرات فوق معدل 8 في المئة بقليل، في فترات قريبة من نهاية الفصول الربعية عندما تحتاج الشركات للنقد لتغلق حساباتها الربعية. كما يرتفع الطلب على النقد في أوقات العطلات الوطنية مثل مهرجان التنين الذي تم الاحتفال به مؤخراً. وقد تكون الإشاعات حول إفلاس بعض البنوك لعدم سداد القروض قد لعبت دوراً في تفاقم الظاهرة.

 ندرة النقد

إلا أن هناك الكثير من العلامات التي تشير إلى عكس ذلك تماماً. فإن ندرة النقد تعود بشكل أساسي إلى القرارات السياسية. ولأن النمو اعتمد على تدفق الائتمان الرخيص والكبح المالي خلال العقود الماضية، أصبحت الشركات، والأفراد، والحكومات مجبرة على البحث عن عوائد أعلى في قطاع العقار وقطاع المنتجات الاستثمارية غير المعروفة. وتعمل القيادة الجديدة على تصحيح هذه الفقاعة التي تثق من عدم استدامتها، عن طريق إصلاحات هيكلية مثل التحرير التدريجي للأسواق وتفعيل رقابة أقوى على قطاع العقار وعلى صيرفة الظل. كما بدأت السلطات بتضييق الخناق على التداول غير القانوني للسندات، وهو مرتبط بشكل مباشر بسوق الاقتراض بين البنوك، وذلك بسبب الطبيعة الشرسة التي تدير فيها بعض البنوك ديونها، حيث تستعمل القروض قصيرة المدى والتي تأخذها من البنوك الأخرى، في تمويل استثمارات طويلة المدى. لهذا، على البنك المركزي أن يرسل إشارة واضحة إلى البنوك عن طريق عدم إنقاذ سوق القروض الداخلية بينها. ولكن الخبر الجيد هو أن حالة الصين مختلفة عن أوروبا، حيث تملك الصين مجالاً للتحكم إذا ما ساءت الأحوال، كما أن ديون الحكومة لا تزال منخفضة. أما في الوقت الحالي، فالخطة هي استخدام كل من ضخ السيولة المنخفضة والإصلاحات الهيكلية.

وتبقى الكثير من الأمور معتمدة على قدرة السلطات الصينية المالية والنقدية على احتواء القطاع المالي المحتدم دون تخفيز الهبوط الاقتصادي الحاد. فخلال العقد الماضي كانت الصين هي المحرك الأساسي وراء أسعار أغلب السلع. فإذا ما شهدت الصين تباطؤاً متسارعاً في اقتصادها، سيكون لذلك تأثير كبير على أسعار النفط على سبيل المثال، مما يضغط بشكل كبير على التوازن المالي في دول مجلس التعاون الخليجي التي تكافح عدم الاستقرار الداخلي فيها بالإنفاق بإسراف.