رغم الفراق حنين المرأة يقهر قسوة الرجال

نشر في 28-02-2013 | 00:01
آخر تحديث 28-02-2013 | 00:01
No Image Caption
أصدرت {الدار العربية للكتاب} الطبعة الرابعة من رواية «رغم الفراق» للأديبة نور عبدالمجيد التي يتم تحويلها راهناً إلى مسلسل تلفزيوني، سيناريو وحوار بشير الديك، وإخراج السوري حاتم علي.
تنتمي رواية {رغم الفراق} إلى الكتابة النسوية العربية، ورغم تصنيفها هذا إلا أنها تنجو من فخاخ الكتابة النسوية، وحسبما جاء في التصدير أنها لم تتكئ على تيمة الجسد، ولم تتعامل مع المرأة باعتبارها كائناً مهمشاً أو مهضوم الحق، بل وضعت بطلاتها النساء في موقف الند مع الرجل، كذلك لم تقع في فخ النواح والبكاء على البكارة الإنسانية التي دنسها الرجل، بل الجميع في الرواية شخصيات حية ونابضة وفاعلة ومتفاعلة في ومع محيطها، هي أخذت من الكتابة النسوية خصوصية القضايا التي عالجتها واللغة الحساسة الشفيفة التي تكنز الكثير من المعاني في أقل المفردات عدداً.

إهداءان

منذ الإهداء تدخل الرواية إلى عالمها الواسع الخصيب، ولعلها من المرات النادرة التي نرى فيها رواية تصدر بإهداءين يشكلان البوابة الأولى لفهم عالمها الإنساني، حيث تقول في الأول: «إلى أخي وصديقي الوحيد. إلى قطعة من قلبي وروحي. إلى من أشعر دوماً أنني أمه رغم أنني لم ألده، وأنه أبي رغم صغر سنه. إلى من أمسكت القلم كتبت وطبعت ونشرت لأنه وحده أراد لي تحقيق الحلم. إلى من كان معي وأنا في الظلام، ويوم أصبحت في دائرة الضوء ابتعد وتركني. إلى من علمني فراقه أن الفراق ليس أبداً نهاية الحب والصداقة. من علمني أن الحب يصبح أكبر، وأن اللقاء يستمر رغم الفراق. إلى صديقي رفيق القلم والحلم. إلى هاني عبد المجيد».

ومن هذا العالم الواسع عالم الأخوّة والصداقة ورفقة الحلم، تدخل بنا الرواية إلى الإهداء الثاني، في محاولة منها للسيطرة على عالمها، بإهداء العمل إلى «نور وكريم: نور الرجل الصغير الذي علمني أن أفتح عيني كل صباح وأنا أبتسم لأنني أعلم أن في أيامي رجلا لن يخذلني أبداً، وكريم الرائع الذي كلما أقضّ الأرق مضجعي ألجأ إلى ذراعيه لأغفو وأنام في هدوء كالأطفال».

وهكذا تحاول الرواية فهم عالمها والسيطرة عليه، بالكتابة عنه، لأنها تؤمن أن النفس الإنسانية دائماً واحدة، «وعندما أحدثك عن نفسي، فأنا أحدثك عن نفسك»، ومن هنا تطرح الرواية أسئلة بسيطة وبديهية نظن أننا عرفنا إجاباتها بخبراتنا وسعينا في الحياة، رغم أننا لم نصل إلى أية إجابة، وليس هناك إجابة نهائية وقاطعة أبداً في مسيرة الحياة، بل كلها محاولات وسعي للوصول إلى الراحة وإلى الحلم المستحيل: السعادة، وفي سبيلها قد نرتكب الأخطاء، ونضلّ الطريق، نظن أننا اقتربنا وإذا بنا أبعد ما نكون عما نحلم به.

مشاعر متناقضة

 بلمسة سريعة وضربة قوية موفقة تضعنا الرواية أمام مآزقها الكثيرة والمتعددة والمتراكمة، أمام المشاعر الإنسانية المتناقضة وإن اقتربت، والمتآلفة وإن ابتعدت، فالروح لها قانونها الخاص الذي لا يمكن القياس عليه، كل روح متفردة في عالمها، لا يشبهها شيء، ولا تشبه شيئاً، لا يقاس عليها شيء وتقاس بنفسها، ولا أحد منا يستطيع أن يعرف بالتحديد أين تكمن سعادته، تقول الرواية: «أؤمن أن هناك رجالا ونساءً يقتسمون بيتاً واحداً ووعاءً واحداً وفراشاً واحدًَا لكنهم أبداً لا يلتقون، وأؤمن أن هناك لقاءات وأحاديث نجوى وأسراراً تبدأ ولا تنتهي بين رجال ونساء، كل منهم في قارة بعيدة، أؤمن أن هناك مشاعر تشتعل وتحيا وتثمر خيراً وعطاءً بعد الفراق، أؤمن أن قلوبنا رغم الفراق بالحب تحيا، وأؤمن أنه بالعقل وحده يشقى الإنسان».

تحفل الرواية بالكثير من الثنائيات التي تحكم حياتنا وكأنها قدرنا الذي لا فكاك منه، فبجانب ثنائية العقل والمشاعر تحضر ثنائية الحنان والقسوة، البناء والهدم فالمشاعر الإيجابية بناء، ونقيضها المشاعر السلبية هي التي تهدم، وثنائية الحب والزواج، الفشل والنجاح. تغتني عوالم الرواية بصراع من نوع خاص يغلف كل أحداثها، وهو ما فرض على السرد أن يختار الكثير من التقنيات، مثل السرد المستقيم، الرسائل والاتصال الهاتفي، الوصف والحوار، اللغة الفصحى المخلوطة بالعامية، في لحظات الثورة التي لا تحتمل تزويق اللغة أو اللجوء إلى البلاغة الطنانة تتقشف اللغة في بعض المواقف لتصل إلى حدودها الدنيا، الإخبار فقط، حيث المشاعر الصادقة تضيق عن وصفها العبارات، وتتجلى اللغة في أحيان أخرى لتصل إلى غاية الدقة في وصف المواقف والمشاعر الداخلية لأبطال العمل. استفادت الروائية كثيراً من كتابتها للشعر من ناحية، ومن عملها الصحافي في أحيان أخرى، وهي قبل ذلك وبعده دارسة لعلم النفس دراسة منهجية، خبرت النفس الإنسانية في حالتي الصحة والمرض، عرفت أن الفرق بين العقل والجنون لحظة من المشاعر المتفجرة .

نبذة

نور عبد المجيد، شاعرة وروائية مصرية ولدت في السعودية، حاصلة على إجازة في الآداب قسم اللغة الإنكليزية في جامعة أم القرى في السعودية ودبلوم في التربية وعلم النفس في جامعة عين شمس في القاهرة. صدر لها ديوان شعري بعنوان «وعادت سندريللا حافية القدمين»، وروايتان: «نساء ولك» و{أريد رجلا»، وقد أصدرت الدار المصرية اللبنانية لها ثلاث روايات أخرى هي: «أحلام ممنوعة (2011)، «أنا شهيرة» و{أنا الخائن» (2013).

back to top