الإعلانات في ميزان النقاد...
ترويج لمنتج وإخراج تقليدي وإحباط المشاهدين
ما تقييم الخبراء لمستوى الإعلانات التي تعرض في الفترة الأخيرة؟ وما أبرز إيجابياتها وسلبياتها؟ إلى أي مدى تؤثر الألفاظ المتداولة فيها في نفسية المشاهد؟ وهل أصبحت الإعلانات بحاجة إلى رقابة شديدة؟ وهل نجحت الحملات الإعلانية التي قُدّمت أخيراً في إيصال رسالتها وتحقيق أهدافها المنشودة؟
ما تقييم الخبراء لمستوى الإعلانات التي تعرض في الفترة الأخيرة؟ وما أبرز إيجابياتها وسلبياتها؟ إلى أي مدى تؤثر الألفاظ المتداولة فيها في نفسية المشاهد؟ وهل أصبحت الإعلانات بحاجة إلى رقابة شديدة؟ وهل نجحت الحملات الإعلانية التي قُدّمت أخيراً في إيصال رسالتها وتحقيق أهدافها المنشودة؟
الأسئلة كثيرة بعدما شهدت الفترة الأخيرة تنوعاً وتغيراً ملحوظاً في الإعلانات، من نواحي الفكرة والتنفيذ والإخراج، ما أثار الجدل حولها، إذ استفزّ بعضها مشاعر الجمهور، وابتعد البعض الآخر عن المعايير الأخلاقية، إلى درجة تشكيل جبهة معارضة لها، أبرزها رفض «الاتحاد النسائي العربي» الحملة الإعلانية لإحدى شركات المحمول، واعتراض «المجلس القومي للمرأة» على حملة إحدى شركات الألبان، معتبراً أن إطلاق لفظ «بقر» على سيدتين اسمهما سوسن وسعاد إهانة للمرأة عموماً، كذلك اعتراضه على حملة عن أحد المنتجعات السياحية تضرب فيها إحدى السيدات زوجها أمام أبنائها وتلقيه من على اليخت لتتخلص منه وتظل في المنتجع، معتبراً أن هذا الإعلان يحرّض على العنف.
بعد اجتماعيصرحت ريمان رمضان، مدير إدارة العلامة التجارية والاتصالات التسويقية في فودافون لـ{الجريدة»، بأن الشركة اختارت فكرة لحملتها الأخيرة ذات بعد اجتماعي، بطلها الشعب المصري لإظهار ما يتميز به من حب للعطاء والمشاركة، لذا تمّ توظيف العناصر المهمة لنجاح الحفلة.تضيف: «استعنا بالفنان محمد منير في إيصال رسالة الحملة نظراً إلى الشعبية التي يتمتع بها، واستخدمنا تقنية مختلفة في تصوير الإعلان لإضفاء إحساس بالواقعية والقرب من الشارع المصري بتفاصيله كافة، عبر استخدام كاميرا محمول ذات جودة عالية لتصوير الإعلان، ما أدى إلى الابتعاد عن التقنيات التقليدية للتصوير، وانعكس إيجاباً على ردود فعل العملاء.بدوره أوضح أحمد المناويشي، صاحب شركة «أروما للإنتاج والدعاية والإعلان»، أن ما يحدد إيجابيات الإعلان وسلبياته هو نسبة مبيعات المنتج المروج عنه، بمعنى أن العميل هو الحكم، إما أن يتفاعل معه ويحقق الهدف من الإعلان أو ينصرف عنه لأن الإعلان لم يجذبه.أضاف أن «طابع التقليدية غلب على الإعلانات، سواء لجهة الفكرة أو الإخراج، على غرار إعلان القرية السياحية الذي قدمه الفنان عزت أبو عوف، إذ اعتمد على حضوره والفكرة موجودة في كلامه، في حين بدت حملة «هتعمل أي حاجة عشان متروحش» ظريفة وفيها خفة دم مقبولة، وتميزت حملة إحدى شركات المحمول التي تقدم خدمة «كاش» بالابتكار، إذ اعتمدت على أفكار بسيطة لتوضيح الهدف منها، كذلك إعلان إحدى المشروبات الغازية الذي اعتبره البعض مبهجاً لا سيما الذين تجاوزوا الثلاثين من عمرهم».بدوره لفت مخرج الإعلانات هادي الباجوري إلى أن القيمين على الإعلانات حاولوا، في الفترة الأخيرة، تقديم مستوى أعلى من السنوات السابقة، لكنهم فشلوا لأسباب لا تتعلق بالعملية الإخراجية أو التنفيذية أو الإنتاجية، إنما لأن الأفكار ضعيفة وخالية من أي ابتكار، على رغم الاستعانة بفنانين وأغنيات دعائية، سواء التي قُدّمت خصيصاً للإعلان أو التي أعيد تقديمها لتتناسب مع كل منتج.رسالة غامضة أكد صفوت العالم، أستاذ الإعلان بكلية الإعلام -جامعة القاهرة، وجود تنوع في الأفكار الإعلانية، وتعدد لأساليب الاستفادة من تكنولوجيا الاتصال والتصوير، موضحاً أن ثمة حملات ناجحة إنما لديه ملاحظات عليها كون بعضها غامضاً ولم يصل الهدف منه إلى الجمهور بسهولة، على رغم أن المعلن دفع مبلغاً كبيراً نظير الإعلان عن منتجه مرات عدة وفي أكثر من قناة، على غرار الحملة الإعلانية الخاصة بإحدى المشروبات الغازية مع منتج غذائي التي استعين فيها بالفنانة نيللي، وشبيه فؤاد المهندس، وفطوطة، وعرائس بوجي وطمطم؛ إنما لم يتم توضيح رسالتها وهي إذا اشترى المستهلك ثلاث زجاجات يحصل على كيس من المنتج الثاني، فظن المشاهد أن المقصود من الإعلان تذكيره بأجواء رمضان القديمة فقط.لفت العالم إلى أن غالبية الإعلانات تعتمد على الترويج لسلع استهلاكية وخدمات اتصال، وتساءل: ما الجديد في إعلان لبطاطا مقلية معبأة في أكياس، والفارق الذي يوجب تقديم حملة إعلانية كاملة عنها؟ حتى ابتكار الشركات في تقديم شكل مختلف للبطاطا، مهما تمّ تحديثه، لن يتغير أساسها، وبالتالي لا داعي لإنفاق الأموال في حملات إعلانية ضخمة.توقف العالم أمام تزايد حملات التبرع للمستشفيات والجمعيات الخيرية ، موضحا: {كل هذه الهيئات والجهات بحاجة إلى التزام الشفافية، لأن حملاتها الإعلانية تجمع ملايين الجنيهات، مع ذلك لم توضح حجم المبلغ المتبرع لها والمبلغ الذي ينقصها، وهذا واجب عليها، طالما أنها تطالب المشاهد بالتبرع، لكنني ألاحظ أن ثمة مبالغة في إنتاج هذه الإعلانات والاستعانة برموز كثيرة تضغط على موازنة التبرعات، يكفي رمزان فقط}.أضاف أن شعار {كفاية بقر بقى} لا يحمل أي سخرية للمرأة، ومن حق المعلن استخدام الشعار الذي يريده، لأنه يشير إلى تغيير شكل العبوة، {حتى إذا كان الإعلان يحمل إسقاطاً سياسياً فيرجع ذلك إلى انتماءات المعلن ولا يمكن إجباره على التراجع عنها، أما إعلان كريم عبد العزيز فهو خفيف ظريف ولا ينتقص من مكانته}.تكنولوجيا التصويرأوضح الناقد إمام عمر أن مستوى الإعلانات ارتفع بسبب اعتماد صانعيها على تكنولوجيا التصوير بعدسات دقيقة تعطي رؤية جديدة، بعدما تخلوا عن كاميرات الإضاءة الكبيرة، وإذا لم يتابع المخرج التكنولوجيا الحديثة باستمرار فلن يواكب إعلانات الشركات المنافسة له، مشيراً إلى أن على أصحاب القرى السياحية وشركات السيارات إجبار مخرجي إعلاناتهم على مراعاة مشاعر الشعب المصري، لأنها تولّد الهموم لدى الغالبية التي تعيش في العشوائيات، ولا تملك مالاً يؤهلها امتلاك فيللا أو شقة في هذه القرى، ما يزيد من شحنة الحقد والإحباط لديها.وأضاف: {لا ألوم أحمد عز لأنه يقدم إعلاناً عن سلعة استهلاكية، فنجوم السينما الذين اتجهوا إلى تقديم الإعلانات، يقلدون في ذلك رائدهم النجم عمر الشريف الذي بدأ مشوار الإعلانات بتقديم إعلان لسجائر، ولا مانع من هذا الاتجاه طالما أنهم يقدمون إعلانات {محترمة}، وفيها وجهة نظر، مثل إعلانات شركات الاتصالات والمحمول، كما أنها تحقق لهم عائداً مادياً يساعدهم على العيش في ظل الظروف الإنتاجية الضعيفة للأعمال الفنية}.أشار عمر إلى أن الألفاظ الواردة في الإعلانات تمثل اللغة الدارجة للشباب، وعلى المخرجين الالتزام بها، واستخدام أبسط التعابير ليصلوا إلى الجمهور المستهدف ويؤثروا فيه، وإلا سيُعتبرون أنهم يتحدثون إلى كوكب آخر.