مرافعة : سؤال يراد به باطل!

نشر في 17-02-2013
آخر تحديث 17-02-2013 | 00:01
 حسين العبدالله رغم قناعتي بحق النائب في ممارسة دوره الرقابي من سؤال واستجواب وتشكيل لجان بحسب ما قرره الدستور، فإن تلك الحقوق بطبيعتها كباقي الحقوق ورغم ما تتمتع به من حرية كبيرة لدى ممارستها فإنها بطبيعة الحال ليست بمطلقة مقارنة بسواها، والسؤال البرلماني رغم أحقية النائب في توجيهه للوزير، بحسب ما كفله له الدستور الكويتي وفق المادة 99 منه، فإن الهدف من توجيهه هو المصلحة العامة وليس النيل من سمعة الأفراد والمساس بكراماتهم والطعن بحياديتهم ونزاهتهم وأمانتهم.

قبل يومين تقدم نائب في المجلس بسؤال برلماني لوزير العدل من شقين يطلب منه الكشف عن الحالات التي يحقق فيها جهاز التفتيش القضائي والتي أثيرت بحقهم شبهات وهل تم التفتيش على أحد القضاة بعد أن تمت تسميته بالسؤال البرلماني والذي نشرته صحف عدة؟ والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الهدف من طرح السؤال البرلماني بهذه الصيغة وبذكر اسم القاضي؟ هل الهدف من ورائه الصالح العام أم أن الضرورة تتطلب الكشف عنه أم الانتقام والتشهير بالقاضي؟!

وبالرجوع إلى خلفيات الموضوع تبين أن القاضي أصدر حكماً بمناسبة شكوى تقدم بها أحد النواب السابقين ضد النائب موجه السؤال لقيام الأخير بسبه أمام الرأي العام في إحدى القنوات الفضائية، الأمر الذي دعا النائب السابق المتضرر من تلك العبارات اللجوء إلى القضاء وحصل على حكم بتغريم النائب صاحب السؤال البرلماني بمبلغ 150 دينارا وإلزامه بالتعويض المؤقت بمبلغ 5001 دينار، وكان ذلك في شهر مايو 2012، وهذا الأمر لم يعجب النائب موجه السؤال فأراد النيل من القاضي بطريقة رسمية ومن دون إيقاعه تحت طائلة القانون فقام بتوجيه هذا السؤال، بعد أن ارتدى بشت الحصانة البرلمانية، مستغلاً بذلك نص المادة 99 من الدستور التي تكفل حق السؤال البرلماني!

لكن الإجابة التي يجب أن يعرفها رداً على سؤاله البرلماني والتي يتوجب على مجلس القضاء أن ينقلها لوزير العدل أو أن يتحرك وزير العدل من تلقاء نفسه بالإجابة عنها، وهي أن السؤال المقدم من النائب مخالف لنص المادة 99 من الدستور، ومن ثم يتوجب لدى ذكر الرد عليه أن يمتنع الوزير عن الرد لمخالفته نص المادة 99 من الدستور، والسند في ذلك أن المحكمة الدستورية في طلب التفسير لنص المادة 99 من الدستور أكدت في حيثيات قرار التفسير بذكرها «كما أنه من ناحية أخرى وإعمالا لمبدأ الفصل بين السلطات لا يجوز أن يكون من شأن السؤال البرلماني للتدخل في أمور مثارة أمام القضاء أو ما يتعلق بأحكام قضائية بما يتعارض مع استقلال القضاء واختصاص السلطة القضائية».

ولما كان السؤال الموجه من ذلك النائب ويطلب فيه تزويده بالحالات التي بها شبهات والشكاوى التي قدمت بالقاضي الوارد ذكره بالسؤال هو من الأمور المتعلقة بالقضاء والتفتيش على القضاة وهي من الأمور ذات الطبيعة السرية ولا يجوز الكشف عنها، فضلاً عن ان توجيه السؤال بذكر أحد القضاة أمر ليس غير محمود بذاته فحسب، بل ان من المعيب طرحه وتوجيهه لان المصلحة العامة تقتضي طرح السؤال بشكل عام، وتخصيصه بهذه الصورة لا يهدف من ورائه إلا التشهير بشخص القاضي المراد السؤال عن أعماله والتي هي أصلا ليست محلا للسؤال البرلماني.

أخيراً أقول إن من المخجل جدا أن يستغل المنصب النيابي من أجل تصفية حساب مع قاضٍ لمجرد إصداره حكماً قضائياً ضد أحد النواب، وهي سابقة خطيرة يتوجب على المجلس الحالي ورئيسه القاضي السابق التنبه لها وإلا لأصبح القضاء ممتهنا باسم الرقابة البرلمانية!

back to top