ما هم إلا قطعة منّا
تتغير أسماء النواب وتتبدل وجوههم مع كل مجلس جديد، لكن سلوكيات معظمهم لا تتغير، نعراتهم لا تتبدل، طائفيتهم هي هي، ميولهم الإقصائية تتجدد وتزداد كلما طال أمدهم في قاعة "عبدالله السالم"، ولا سبب في ذلك سوانا، نحن المواطنين الذين اخترناهم وزكيناهم بكامل إرادتنا، لأننا -ربما- وجدنا فيهم أنفسنا، بكل ما يصدر عنهم من أفعال وأقوال وتصرفات!إنهم مرآة عاكسة لنا كشعب، مرآة عاكسة لممارسات وأخلاقيات مجتمعنا، فوراء كل نائب طائفي آلاف الطائفيين أوصلوه ليعبر عن طائفيتهم، ووراء كل عنصري آلاف من العنصريين وجدوه جديراً بالتعبير عن عنصريتهم، ووراء كل إقصائي آلاف الإقصائيين مثله وعلى شاكلته!
أمراضهم ما هي إلا نماذج مصغرة من أمراضنا، وأخلاقياتهم نتاج أخلاقياتنا، ولن تنصلح حال هذا المجلس أو أي مجلس يأتي بعده إلا إن أصلحنا من أنفسنا قبل مطالبة النواب بإصلاح أنفسهم، فهم صنيعتنا واختيارنا، وإن حدث وشاهدنا تراشقاً بالكلمات، وتبادلاً في اللعنات، وتحاوراً باللكمات، فعلينا ألا نعجب أو نستغرب أبداً، فما هم إلا نحن، وتصرفاتهم وسلوكياتهم ترجمة لما يدور في صدورنا وقلوبنا مع شديد الأسف!الكثيرون يتصورون أن الخلل لدينا سياسي وأن الإصلاح يكون من الأعلى، لكنه في واقع الأمر يأتي من الأسفل، من المجتمع الذي فتكت به أمراض الطائفية والعنصرية والإقصائية، ولا أبالغ إن قلت إن معظم مشاكلنا السياسية هي في الأساس مشكلات اجتماعية، تبدأ من البيت والمدرسة والبيئة التي تشكل الفرد ليكبر وقلبه ممتلئ بكره الآخر واحتقاره على أساس الأصل والمذهب والفئة الاجتماعية، لذلك تقوم اختياراته السياسية عليها ولأجلها، والناتج أن من نوصلهم كنواب- إلا من رحم ربي- يضيعون الوقت في صراعاتهم الساذجة والسخيفة، فيما يبني الآخرون ويعمرون أوطانهم دون صراخ أو ضجيج أو بطولات انتخابية زائفة! * ما تم ضبطه قبل أيام من كميات هائلة للحوم الفاسدة في أحد المخازن بلغت سبعة أطنان ونصف الطن يجعل لتعديل قانون الغش التجاري ضرورة قصوى وعلى رأس الأولويات النيابية، وأهم بمراحل من حديثهم المتكرر عن إسقاط القروض، فالقروض يتضرر منها عشرات الآلاف أما هذه اللحوم الفاسدة كذمم أصحابها فتدخل في بطون ثلاثة ملايين مواطن ومقيم، وغرامة الخمسمئة دينار- بحسب علمي- التي يدفعها التجار المخالفون كغرامة قد أصبحت نكتة سمجة، ولابد من تغيير النظرة والتعامل مع هذا الأمر على أنه شروع متعمد في القتل، وعلى إثر ذلك تطبق على مرتكبه أقسى العقوبات، كذلك يجب أن يطول العقاب موظفي الدولة الذين سمحوا بتمرير هذه الكميات إن ثبت "التعمد" والتواطؤ من قبلهم بنفس العقوبة لعلهم يرتدعون ويتوبون، فهل سيقوم المجلس بدوره ويوقف هؤلاء المجرمين عند حدهم؟! نتمنى ونرجو ذلك، وإن كنا نتوقع أن يكون كالعادة في آخر أولوياتهم! * المواهب في كل بلاد العالم والعبرة في رعايتها والاهتمام بها وتطويرها، وقبل ثلاثين سنة كنّا الأفضل خليجياً وآسيوياً في كرة القدم ثم تراجعنا لنصبح في أفضل الأحوال من الفرق المتوسطة في آسيا، بعكس اليابان التي كانت من أضعف الفرق آسيوياً وتصنيفها "العالمي" وليس الآسيوي اليوم من العشرين الأوائل! كيف تراجعنا وكيف تفوقوا، تلك قصة يحكيها حسن الإدارة وسوؤها في البلدين، وهذه الأيام أتابع دورة الخليج العربي وأشفق على لاعبينا "الهواة" وهم يسعون جاهدين إلى تحقيق بطولة إقليمية غير معترف بها من الاتحاد الدولي وكأنها غاية المنى والطموح والأمل، وكان الأجدر بنا ونحن من مثلنا القارة الآسيوية قبل 30 عاماً في أولمبياد موسكو وكأس العالم ونلنا كأس آسيا أن يكون طموحنا اليوم هو بلوغ دور الثمانية والأربعة في كأس العالم!صدقوني، خسارتنا من أي فريق لن تكون في أرض الملعب فقط، ففي البدء هي خسارة في مكاتب إدارات الأندية والاتحادات والهيئات الرياضية قبل ذلك، ومتى تفوقنا على بقية الدول في الإدارة فسنتفوق عليها في الملعب، أما إن تأخرنا عنها فلن تنفعنا حتى آلة الزمن باسترجاع شباب جاسم وفيصل وفتحي ومحبوب والعنبري ورفاقهم ونزولهم لأرض الملعب، أعطني إدارة جيدة أعطك تفوقاً رياضياً، والعكس صحيح تماماً!