نظام يغير هوية شعب وثقافته

Ad

كان خطاب الرئيس المخلوع د. مرسي يوم الأربعاء 26 يونيو صادماً لجماهير الشعب المصري، التي كانت على موعد مع فجر جديد في ذلك اليوم، يوم الرحيل، اليوم الذي عبرت فيه هذه الجماهير عن رفضها لحاكم أراد أن يغير هوية شعب وثقافته، وأن يقتلع هذا الشعب من جذوره الضاربة في أعماق التاريخ، القائمة على التسامح والمحبة، إلى رفض الآخر وتكفيره، واستباحة دمه.

اليوم الذي خرجت فيه هذه الجماهير تعبر عن غضبها وثورتها على حاكم لا يرى في المشهد السياسي، إلا فصيله الذي خرج من السجون، وقد امتلأ قلبه غلاً وحقداً ومرارة من الآخرين الذين كانوا ينعمون دونه بالحرية، خارج أسوار السجون، ولكن داخل أسوار السجن الأكبر، مصر، التي قامت ثورة 25 يناير لتحرير هذا الشعب من هذا السجن إلى مجتمع ينعم فيه بعيش وكرامة وحرية وعدالة اجتماعية، فامتطى صهوتها هذا الفصيل ليحكم بالحديد والنار كل من يعارض الحاكم الإله.

اليوم الذي انتفضت فيه الجماهير لمستقبل مصر، الذي أصبح يخيم عليه الظلام، بعد أن يمسك هذا الفصيل بكل مفاصل الدولة، وأن يمسك بقبضته الحديدية كل مؤسساتها الدستورية.

اختزال الشرعية في الرئيس

كان خطاب الرئيس المخلوع، كسائر خطاباته، منذ أن تولى سدة الحكم صادماً لجماهير الشعب المصري، بعد أن اختزل الشرعية في شخصه، رافضاً أن يتخلى عن كرسي الرئاسة، تحت أي ظرف وأمام أي ضغط، فهذا الكرسي دونه خرط القتاد، لأن أحداً من هذه الجماهير لن يعطيه صوته، وهو يعلم أن أكثر من نصف الأصوات التي حصل عليها في انتخابات الإعادة، لم تكن حباً فيه بل كرهاً في منافسة على كرسي الرئاسة الفريق أحمد شفيق.

الدعوة إلى العنف

كان خطابه صادماً لجماهير الشعب، عندما أعلن استعداده للتضحية بحياته حماية للشرعية، التي اختزلها في المنصب الرئاسي الذي يعتليه، رافضاً حقن دماء شعبه، وهو ما انطوى على دعوة فصيله إلى استخدامه العنف واستدراج هذه الدماء، دماء الجيش والشعب، فكان حصار الحرس الجمهوري، والاستفزازات التي صاحبته، وما أعلنه أحد أقطاب جماعته، صفوت حجازي، من أنهم عازمون على اقتحام الحرس الجمهوري، وإعادة الرئيس من مخبئه إلى منصبه، وأنهم سوف يفطرون أول شهر رمضان مع الرئيس في قصر الاتحادية.

الدعوة إلى الشهادة

وينجح هذا الفصيل في استدراج الدماء الزكية الطاهرة أمام الحرس الجمهوري، عندما صعّدوا استفزازاتهم من قذف وسب للحرس وقوات الأمن إلى إلقاء الحجارة، إلى إطلاق الرصاص، ليستشهد ضابط من الحرس وآخر من الشرطة وبعض الجنود، ويتم الرد وتقع الكارثة دماء على الرصيف.

ويعلن مناصرو الرئيس مليونية الشهيد يوم الجمعة 12 يوليو، ويقف خطباؤهم وزعماؤهم وأصحاب اللحى البيضاء يستدرجون دماء الشهداء، وأنهم سوف يبقون في مواقعهم في رابعة العدوية وأمام الحرس الجمهوري، حتى يعيدوا الرئيس أو يستشهدوا دونه.

لم تعد هناك كلمة في قاموس اللغة أو مفردات العقيدة أصابها الابتذال، مثل كلمة الشهادة.

فقد منحت كاتبة بحرينية صك الشهادة لصدام حسين الذي نحر شعبه وأعمل القتل والتعذيب والتشريد في كل من خالفه أو قال كلمة حق، حتى صهره حسين كامل، الذي فر خارج البلاد، لاجئاً إلى الأردن، فأرسل وراءه ليعود، وأعطاه الأمان، وما إن عاد حتى قتله.

وصلى السلفيون صلاة الغائب على روح بن لادن في أحد أكبر مساجد مصر، وقد رفعوا لافتات وصفوه فيها بأنه شيخ المجاهدين وشهيد الأمة الإسلامية.

وها هم أمام القصر الجمهوري يطلقون النار على بعضهم بعضاً طمعاً في الشهادة التي وعدوا بها، بعد أن التزم الحرس الجمهوري ضبط النفس لفترة طويلة، ثم يطلقون الرصاص على ضباطه طمعاً في الشهادة.

ألم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام، لو أن اثنين من المسلمين استلا سيفيهما وتقاتلا، وقتل أحدهما الآخر فكلاهما في النار، فلما سئل الرسول عليه الصلاة والسلام، القاتل في النار، ولمَ المقتول أجاب بأنه لو لم يُقتَل لقتل صاحبه.