حسمت محكمة الجنايات أمر قرارات وزارة الاعلام بحظر نشر الصحف للأخبار واللقاءات الخاصة بالمرشحين والإعلانات الانتخابية التي تسبق العملية الانتخابية تحت مسمى قانون الصمت الانتخابي، وقالت المحكمة في حيثيات حكمها الصادر قبل نحو أسبوع بعدم سلامة الاتهام المنسوب من النيابة العامة للصحف استنادا إلى أن قرارات وزارة الاعلام التي تحظر نشر الاخبار واللقاءات والاعلانات الانتخابية التي تسبق الانتخابات البرلمانية أو حتى انتخابات المجلس البلدي للمرشحين، لا يمكن أن تكون محلا للتجريم، لكونها صادرة بقرارات وزارية، في حين أن التجريم لأية أفعال يجب أن يصدر بقانون وليس بقرارات أو لائحة إدارية.

Ad

لا تفويض للإعلام

وقالت المحكمة في حكمها الذي يسمح للصحف بنشر الاخبار الانتخابية والاعلانات واللقاءات للمرشحين التي تسبق العملية الانتخابية ومن بينها إعلانات المجلس البلدي التي ستجرى انتخاباته قريبا، إن قانون المطبوعات والنشر علاوة على عدم تجريمه لنشر تلك الاعلانات أو اللقاءات مع المرشحين قبل الانتخابات خلا من تفويض وزارة الاعلام لتجريم لأية أفعال تعتبرها مخالفة للقانون كما فعل قانون البلدية.

وكانت النيابة العامة قد وجهت لرئيس تحرير إحدى الصحف اليومية بأنه نشر بتاريخ 30/11/2012 إعلانات من شأنها مخالفة القوانين (إعلانات لمرشحي عضوية مجلس الأمة 2012) المبينة بالأوراق وإجازته نشرها دون أن يتحرى الدقة والحقيقة في شأن ما نشر فيها، وذلك في اليوم السابق للاقتراع على النحو المبين بالتحقيقات.

وطلبت النيابة عقابه بالمواد 2/3-4-10، 17/1، 21/3، 23، 24، 27/ فقرة 1 بندي 3 و4، وفقرة 2 من القانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر، والمواد 1، 7، 8، 10 من القرار الوزاري رقم 78 لسنة 2012 المنظم لضوابط التغطية الإعلامية لانتخابات مجلس الأمة 2012، والمادة 7 من القرار رقم 16 لسنة 2012 بشأن القواعد المنظمة للحملات الانتخابية.

وقالت المحكمة ان النيابة العامة ركنت في إسناد الاتهام للمتهم مما شهد به وائل الحسيني حسين شرف الدين- باحث قانوني بوزارة الإعلام- أنه بتاريخ 30/11/2012 في اليوم السابق للاقتراع-الصمت الانتخابي- نشرت الجريدة إعلانات لمرشحي عضوية مجلس الأمة 2012، مما يعد مخالفة للقرار الوزاري رقم 78 لسنة 2012 المنظم لضوابط التغطية الإعلامية لانتخابات مجلس الأمة 2012، وأن المسؤول عن تلك المخالفة هو المتهم رئيس تحرير تلك الجريدة.

لا جريمة إلا بنص

وقالت المحكمة انها تشير تمهيدا لقضائها إلى أنه من المقرر بنص المادة 1 من قانون الجزاء أن (لا يعد الفعل جريمة، ولا يجوز توقيع عقوبة من أجله، إلا بناء على نص في القانون)، كما أنه من المقرر بنص المادة 17/1 من قانون المطبوعات والنشر أنه (يجب على رئيس التحرير أن يتحرى الدقة والحقيقة في كل ما ينشره من أخبار أو معلومات أو بيانات)، كما أنه من المقرر بنص المادة 21 من القانون سالف البيان أنه (يحظر نشر كل ما من شأنه خدش الآداب العامة أو التحريض على مخالفة النظام أو مخالفة القوانين أو ارتكاب الجرائم ولو لم تقع الجريمة)، كما أنه من المقرر أيضا بنص المادة 27 من القانون سالف البيان أنه (مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب رئيس التحرير وكاتب المقال أو المؤلف إذا نشر في الصحيفة ما حظر في المادة 21 بالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تزيد على عشرة آلاف دينار. ويعاقب بالغرامة التي لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على ثلاثة آلاف دينار عن كل مخالفة أخرى لأحكام الفصل الثاني من هذا القانون).

اتهام بغير سند

وقالت المحكمة انه وبإنزال النصوص القانونية سالفة البيان على وقائع الدعوى فإنه يظهر لها أن الاتهام سند الدعوى غير قائم على سند صحيح من القانون لما يلي: 1- إن كان مبنى الاتهام هو مخالفة المتهم لنص المادة 17/1 من قانون المطبوعات والنشر بذاتها فهو غير سديد؛ ذلك أن تلك المادة وعلى ما سلف بيانه تقرر وحسبما جاء بسياقها التزاما مهنيا على عاتق رئيس تحرير الصحيفة إعمالا لنص المادة 16 من ذات القانون-المطبوعات والنشر- التي تنص على أنه (يجب أن يكون لكل صحيفة رئيس تحرير أو أكثر يشرف عليها أو على قسم معين من أقسامها إشرافا فعليا...إلخ)، بأن يبذل الجهد اللازم لتحري الدقة والحقيقة في ما يجيز نشره في الصحيفة التي يرأس تحريرها، وإذ كانت النيابة العامة لم تبين وجه عدم الدقة والحقيقة التي لم يتحراهما المتهم في نشر إعلانات وأخبار مرشحي عضوية مجلس الأمة 2012 فإن الاتهام وفقا لتلك المادة يكون غير سديد.

واضافت المحكمة أنه «إن كان مبنى الاتهام هو مخالفة المتهم لنص المادة 21/3 من قانون المطبوعات والنشر سالفة البيان بذاتها، فإن هذا السند بدوره غير سديد؛ ذلك أن تلك المادة وعلى نحو ما سبق بيانها تحظر نشر كل ما من شأنه خدش الآداب العامة أو التحريض على مخالفة النظم العامة أو مخالفة القوانين أو ارتكاب الجرائم ولو لم تقع الجريمة، وإذ كان الثابت من تلك الإعلانات والأخبار التي نشرها المتهم لمرشحي عضوية مجلس الأمة 2012 ليس من شأنها خدش الآداب العامة، أو التحريض على مخالفة النظام العام، أو التحريض على مخالفة القوانين السارية في الدولة أو التحريض على ارتكاب الجرائم وإن لم تقع، ومن ثم فإن الاتهام المسند للمتهم استنادا إلى نص المادة 21/3 من قانون المطبوعات والنشر يكون غير سديد».

 المادة 7

واوضحت أنه «إن كان مبنى الاتهام هو مخالفة المتهم لنص المادة 7 من القرار الوزاري رقم 78 لسنة 2012 التي تنص على أن (يحظر بث أو إعادة بث أو نشر لقاءات أو برامج أو تقارير مع أو عن أي من المرشحين لانتخابات مجلس الأمة أو المجلس البلدي في يوم الاقتراع أو اليوم السابق عليه) بالاستناد إلى نص المادتين 17/1، و21/3 من قانون المطبوعات والنشر؛ فهو غير سديد كذلك، لأنه وحسب الثابت من نص المادة 1 من قانون الجزاء سالفة البيان أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص في القانون، وهو ما درج عليه الفقه في القانون الجزائي بتسميته بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، الوجه المقابل لشرعية الإجراءات الجزائية، ومن ثم فإن الأصل وفقا لنص تلك المادة أنه لا يجوز تجريم فعل ما إلا بناء على نص في القانون؛ أي ان القانون هو أداة التجريم ولا يجوز أن تكون اللائحة التي تصدر من السلطة التنفيذية أن تكون سببا للتجريم والعقاب ما لم يكن هناك تفويض تشريعي صريح بذلك- كما هو الحال بنص المادتين 34 من القانون 5 لسنة 2005 بشأن بلدية الكويت- وهو ما لم يتوافر في هذه الحالة».

أفعال

وأضافت «إن قانون المطبوعات والنشر قد خلا من نص يجيز للوزير المختص -الإعلام- أن يصدر لوائح من شأنها تجريم بعض أوجه النشاط الإعلامي الذي يريد حظره، وبالتالي فإنه لا يمكن للقرار الوزاري أن يحظر على رئيس التحرير القيام بأفعال معينة وإن لم ينص على عقوبة عليها، مستندا في ذلك بالإحالة إلى العقوبات الواردة في قانون المطبوعات والنشر؛ إذ إن تلك العقوبات لم تقرر إلا على الأفعال التي حظرها المشرع بذلك القانون، ومن ثم فإن الاتهام المستند إلى نص المادة 7 من القرار الوزاري رقم 78 لسنة 2012 وبالاستناد إلى نص المادتين 17/1 و21/3 يكون غير سديد، بما يضحى معه الاتهام المسند للمتهم للأسباب سالفة البيان مجتمعة قائما على غير سند صحيح من القانون وتقضي المحكمة والحال كذلك ببراءة المتهم منه عملا بنص المادة 172/1 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية».