تعقيباً على ما نُشِر في مقال الأسبوع الماضي حول بداية تعليم اللغة الإنكليزية في الكويت، وصلتني ملاحظة من الزميل العزيز يوسف عيسى يوسف العبدالجليل أبلغني فيها مشكوراً أن إسماعيل كدو (صاحب أول مدرسة لتعليم الإنكليزي) قدم إلى الكويت عام 1920 تقريباً، بناءً على طلب المرحوم عبداللطيف بن عيسى العبدالجليل (مدير الميناء) لتعليم بعض أبناء العبدالجليل، والأقرباء والأنسباء اللغة الإنكليزية، وسكن في البداية في أحد بيوت عبداللطيف العبدالجليل في فريج سعود، وسُمِّي ذلك البيت بيت المعلّم، وبعد عدة سنوات اشتغل في القنصلية البريطانية، والتحق بمدرسة الإرسالية الأميركية، ثم افتتح مدرسته الخاصة لتعليم اللغة الإنكليزية مساء.
أما عن أول إضراب في مجال التعليم فيقصه علينا العم عبدالوهاب بن إبراهيم العدواني، وهو أحد الذين شاركوا في هذا الإضراب، بل قام بأكثر من ذلك، ونشرح التفاصيل في ما سيأتي من حديث. القصة التي نرويها لكم اليوم وثّقها أيضاً الشيخ عبدالله الجابر والأستاذ عبدالله زكريا الأنصاري، رحمهما الله، في لقاءين منفصلين نشرهما الزميل يوسف الشهاب في كتابه القيم "رجال في تاريخ الكويت" (الجزء الأول) ولم أكن أعلم بها إلا بعد سماع تفاصيلها من العم عبدالوهاب العدواني. ولنبدأ بما رواه العم عبدالوهاب الذي يقول إنه سجن عدة أيام في منتصف الأربعينيات هو ومجموعة من زملائه، وهم عبدالله زكريا الأنصاري، وسعود الخرجي، وفهد الدويري، وخالد المسلم، وحمود المقهوي، وصالح عبدالملك، وعبدالعزيز الدوسري، وعبدالله عبداللطيف المطوع، وصالح الشهاب، وكان سبب ذلك أنه وزملاءه عارضوا اتجاه مدير المعارف آنذاك الأستاذ علي هيكل إلى تغيير المناهج، مما تسبب في غضب الكثيرين، فقام الأستاذ عبدالله زكريا بجمع أصدقائه، وأعدوا منشورات يرفضون فيها الانصياع لرغبة المدير، ويدعون إلى إضراب جماهيري. وفعلاً وقع الإضراب في المدرسة المباركية، ورفض المُضربون مطالب الإدارة المدرسية، مما دفع الحكومة إلى القبض على بعض المدرسين والطلبة والتحقيق معهم، ثم إيداعهم السجن عدةَ أيام، ثم أُطلِق سراحهم بعد لقاء مع الشيخ عبدالله الجابر، الذي أنّبهم وطلب منهم عدم تكرار مثل هذا العمل. يقول العم عبدالوهاب إن المنشور ذُيِّل ببيت شعر لأبي البقاء الرندي يقول فيه: "لمثلِ هذا يموتُ القلبُ من كمدٍ إنْ كانَ في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ" هذه رواية العم "أبوإبراهيم" حسبما يذكرها. أما ما ذكره الأستاذ عبدالله زكريا، رحمه الله، فيتفق مع ما ذكره العدواني، إلا أنه أوضح أن ذلك وقع عام 1945، وأن سبب المعارضة يعود إلى أن المدير الجديد للمعارف الأستاذ علي هيكل، الذي عُيِّن في منصبه عام 1943 وقع تحت تأثير مدير المعارف الإنكليزي في البحرين واسمه "ويكلن"، فقام باتخاذ قرار تغيير المناهج المستخدمة في التدريس في الكويت، وهي مناهج عراقية، لتصبح مناهج مصرية، وخصوصاً منهجي التاريخ والجغرافيا لهدف سياسي محدد، مما دفع بعضاً من المدرسين ومجموعة من شباب الكويت إلى معارضة ذلك وإعداد منشور للقيام بإضراب في المدرسة المباركية. ومما زاد فيه الأستاذ عبدالله زكريا أيضاً أنه وحمود المقهوي تعرضا للضرب على أيدي الشرطة، وقال إن الشيخ يوسف بن عيسى تدخّل في الموضوع بعد عدة أيام، وطلب من الشيخ عبدالله الجابر أن يعفو عن الشباب، فوافق الشيخ عبدالله بعد أن تفهّم مطالب الطلبة والأساتذة، وأطلق سراحهم بعد أن تحدث معهم قليلاً. بقي في هذه الحلقة أن نقول إن الحكومة بعد هذه الحادثة الصغيرة طلبت من مدير دائرة المعارف تقديم استقالته فرفض، مما دفع الشيخ عبدالله الجابر إلى إقالته، وتعيين الأستاذ أحمد صادق حمدي خلفاً له، طبقاً لرواية موثقة في كتاب "من هنا بدأت الكويت" وأكدها الشيخ عبدالله الجابر.
أخر كلام
صورة لها تاريخ : العم عبدالوهاب العدواني يروي تفاصيل إضراب في «المباركية» عام 1945
13-09-2013