يعتبر الاقتصاديون جماعة من البشر المولعين بالجدل، لكن الغريب أن معظمهم قبل حدوث الأزمة المالية العالمية وجدوا أرضية مشتركة في الفكرة القائلة إن "التحفيز المالي" يعد من الأدوات البالية العتيقة، وبدت في نظرهم السياسة النقدية قادرة تماماً على ترويض دورة الأعمال، وأن الجهود الحكومية لزيادة الإنفاق أو خفض الضرائب لمحاربة البطالة ستؤدي إلى تفاقم الأوضاع... لكن عندما اندلعت الأزمة المالية في سنة 2008 تبخر ذلك الإجماع بشكل جلي.

Ad

وعلى الرغم من الهواجس المبدئية التي تملكت الاقتصاديين، فإن السرعة المخيفة للانهيار الاقتصادي دفعت الحكومات إلى الهرولة نحو التحرك والعمل. في عام 2009 أطلقت دول عديدة حزماً كبيرة من التخفيضات في الضرائب، وشرعت في ضخ المزيد من الإنفاق الإضافي بأمل تنشيط النمو ودعمه، وبلغ هذا التحفيز في المتوسط 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء في مجموعة العشرين، نادي الاقتصادات الكبيرة في العالم، ومن بين أولى خطوات باراك أوباما كرئيس في سنة 2009 كان توقيعه قانون التعافي وإعادة الاستثمار الأميركي- وهي خطة تحفيز مالي بقيمة تصل إلى 831 مليار دولار أو ما يقارب 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في تلك السنة، ويتعين إنفاق معظم ذلك المبلغ خلال السنوات الثلاث التالية.

الإنقاذ عبر كينز

وتطلع مؤيدو التحفيز الى أفكار الاقتصادي البريطاني جون ماينارد كينز (1883– 1946) التي تقول إن الكساد يحدث عندما يكون هناك ميل شديد نحو الادخار، أي عندما تسعى أعداد كبيرة من الناس إلى الادخار بينما يوجد قلة قليلة ترغب في الاستثمار، آنذاك فإن الموارد- بمن في ذلك العمال- تتعطل وتتوقف عن العمل، وقد تتمكن الشركات والأسر من ادخار المزيد بسبب تفشي حالة الارتباك وعدم اليقين المالي أو نتيجة الاندفاع نحو "تصفية المراكز المالية"، أي خفض معدل الدين إلى الأصول التي في حوزتهم.

في الأوقات العادية تحاول البنوك المركزية تحفيز النمو من خلال تعديل معدلات الفائدة بحيث تثبط السعي إلى الادخار وتشجع الاقتراض. ومع ذلك وفي مطلع سنة 2009 خفض معظم البنوك المركزية معدلات الفائدة الرئيسة إلى ما يقارب الصفر، ولكن من دون تحقيق النتائج المرجوة. ورأى البعض أن المديونية المفرطة ربما حالت دون تمكين الناس من الاقتراض بالكميات التي يريدونها مهما كانت معدلات الفائدة. ويقول أنصار الفكر الكينزي إن الحكومات في حاجة إلى التعويض عن عجز الشركات والأسر من خلال المزيد من الاقتراض والإنفاق (أو تخفيض الضرائب) بغية تشغيل الوفورات الزائدة.

دور التحفيز المالي

عندما يحدث تباطؤ في الوضع الاقتصادي فقد يكون التحفيز المالي قوياً بشكل خاص بفضل أثر "المضاعف"؛ فكل دولار يتم إنفاقه من أجل بناء خط حديدي، على سبيل المثال، قد يذهب إلى أجر عامل بناء والذي سوف يعمد عندئذ الى إنفاق هذا الدخل الإضافي في متاجر البقالة، ويزيد من غنى صاحب البقالة الذي يقوم بدوره بالتسوق في مجالات أخرى، وهكذا دواليك. وعلى هذا النحو فإن كل دولار من أموال التحفيز يمكن أن يفضي إلى دولارين من الإنتاج، كما يمكن لهذا المضاعف أن ينطبق على الخفض الحكومي ويعزز الخفض في الناتج المحلي الإجمالي بشكل يسمح للحكومات بتحقيق قفزة اقتصادية كبيرة بتكلفة مالية معتدلة.

لكن الحاجة إلى التحفيز المالي تكون ضرورية بقدر أكبر عندما تتوافر لدى الحكومات في الأساس تكلفة إضافية يتعين أن تتحملها، وفي الفترة ما بين سنة 2007 إلى 2010 شهدت الدول الغنية ارتفاعاً في معدل الديون السيادية الإجمالية إلى الناتج المحلي الإجمالي من 74 في المئة إلى 101 في المئة في المتوسط. كما قفز الدين العام البريطاني من 44 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 79 في المئة، بينما قفز في أميركا من 66 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 98 في المئة، وارتفع في اليونان بنسبة 40 نقطة مئوية ليصل إلى 148 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (انظر الشكل رقم 1) وكان العجز المالي في اليونان حاداً إلى درجة أن الحكومة عندما كشفت عنه أطلقت أزمة ثقة بالأوساط المالية العامة في جنوب أوروبا، وبقدرة اليورو نفسه على  الاستمرار والحياة كعملة أوروبية موحدة.

أسباب تراكم الديون

لم يكن التحفيز السبب الرئيسي وراء تراكم الديون: وكان التعثر الأكبر في التمويلات العامة نتيجة تراجع عوائد الضرائب بسبب ضعف الأرباح وارتفاع معدلات البطالة. كما أن عمليات الإنقاذ المالي بالإضافة إلى الأعباء المالية المترتبة من شيوع استخدام "آليات الاستقرار"- وهي إجراءات مثل إعانة البطالة- تسببت بصورة تلقائية في زيادة الإنفاق ودعم الطلب عند حدوث الركود. وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن حوالي 60 في المئة من الزيادة في الدين الحكومي منذ سنة 2008 يرجع إلى انهيار العوائد التي وصلت أعباؤها إلى أكثر من ضعف تكاليف التحفيز وعمليات الإنقاذ مجتمعتين.

ومع عودة النمو في سنة 2010، رأى بعض القادة أن الوقت قد حان من أجل خفض الإنفاق العام، كما شعر البعض الآخر بقلق من أن التعافي على درجة عالية من الهشاشة بحيث لا يتيح الكثير من المجال للقيام بخطوات تقشفية، ولم يكن ثمة شك حول مدى ضرورة "التعزيز المالي" في نهاية المطاف، ولكن الخلاف كان حول موعد الشروع في تلك الخطوة.

خطط بريطانية

تحركت بريطانيا بسرعة نحو تطبيق سياسات معتدلة رصينة، وأنهت خطوات التحفيز في عام 2010، وبدأت التخطيط من أجل إجراء تخفيضات مستقبلية. وفي الفترة ما بين سنة 2010 إلى 2011 خفضت الحكومة بصورة تدريجية العجز "الهيكلي" في الموازنة (وعلى سبيل المثال قامت بإجراء تعديلات في الأعباء الدورية كآليات الاستقرار المطبقة) بنقطتين مئويتين، إضافة إلى خفض آخر بنقطة مئوية في عامي 2012 و2013.

وكان على العديد من دول جنوب أوروبا القيام بتخفيضات أعمق مع اتساع رقعة الأزمة، غير أن الولايات المتحدة أبقت على مستويات الإنفاق، وأضافت تسهيلات ضريبية جديدة إلى خطوات التحفيز السابقة، ونتيجة لذلك تراجع عجزها الهيكلي ببطء أكبر. (انظر الشكل رقم 2).

وقد تمحور الجدال المتعلق بهذه السياسات حول عاملين مهمين من عدم اليقين؛ الأول، تمثل بحجم "المضاعف"، حيث رأى المتشككون أنه سيكون متدنياً وأن التحفيز والتقشف لن يكون لهما الكثير من الأثر في الإنتاج أو الوظائف، واعتبروا أن التحفيز سيسهم ببساطة في امتصاص الموارد التي كانت ستستخدم بخلاف ذلك من الشركات الخاصة. ويضاف إلى ذلك أن الشركات والأسر ربما تعمد إلى ادخار حصتها من العوائد الناتجة عن التحفيز بدلاً من إنفاقها لتعزيز الاقتصاد وتقويته، ما دامت تلك الشركات والأسر لديها القدرة على الاقتراض والاستفادة من السخاء الحكومي ذي الطبيعة المؤقتة مدركين أن معدلات الضرائب ستعاود الارتفاع من جديد في وقت قريب.

أنصار كينز

قلل أنصار الفكر الكينزي من تلك المخاوف، فمع ارتفاع معدل البطالة وانخفاض الطلب الخاص على القروض لم يكن هناك، من وجهة نظرهم، ثمة خطر من قيام الحكومة "بالضغط" على الأنشطة الخاصة أو الحلول محلها. وفي حقيقة الأمر، في ظل "ركود الموازنة" ومع أسر مدينة اضطرت نتيجة هبوط أسعار الأصول إلى تسديد قروضها بسرعة، فإن تحسين الدخل عن طريق التحفيز المالي سوف يعجل بعملية التعديل المالي وتحقيق وتيرة أسرع من التعافي.

ودارت القضية الأخرى حول حجم الديون التي تستطيع الدول الغنية تحملها من دون إلحاق ضرر بالاقتصاد، وبشكل نموذجي، تطالب جهات الإقراض والدائنون بمعدلات فائدة أعلى من الحكومات المبذرة التي تزيد من ديونها العامة، ويفضي ذلك إلى معدلات فائدة أعلى بالنسبة إلى الكل كما يعيق النمو الاقتصادي أيضاً. ولكن أنصار التحفيز يجادلون في أن انكماش الاقتصاد مع بلوغ معدلات الفائدة مستويات متدنية للغاية مقتربة من الصفر تقريبا فإن الأمر لا يستدعي الخوف من جانب اللجان المتابعة لأسواق السندات.

وقد دار خلاف حتمي أيضاً بشأن البرهان الأكاديمي للتدليل على ذلك، وقد نشرت كارمن رينهارت وكينيث روغوف من جامعة هارفارد دراسة تقول إن معدلات النمو الاقتصادي تتباطأ بصورة حادة عندما تصل الديون الحكومية إلى 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

 وأظهرت دراسات متابعة أيضاً وجود علاقة سلبية بين النمو والديون، على الرغم من أنها ليست عند العتبة ذاتها دائماً، وقد أظهرت دراسة أجراها ألبرتو أليسينا من جامعة هارفارد وسيلفيا أرداغنا من "بنك غولدمان ساكس" الاستثماري أن الاستقامة المالية- خصوصاً فيما يتعلق بخفض الإنفاق وليس زيادة الضرائب- يمكن أن تفضي في الواقع إلى تعزيز النمو.

بين الأسباب والأعراض

وقد شكك أنصار مبدأ كينز في النتائج التي توصل إليها الاقتصاديان رينهارت وروغوف مع ملاحظة أن تباطؤ النمو ربما كان السبب وراء الديون المرتفعة وليس أحد أعراضها. كما ظنوا أيضاً أن رأي الاقتصادي أليسينا حول "التقشف التوسعي" كان مجرد أمل كاذب. ولاحظوا أنه في الماضي حدث ذلك خلال ظروف مختلفة تماماً فقط، ولو أن الاقتراض الحكومي التهم حجم الائتمان القليل والنادر، ودفع معدلات الفائدة للشركات الخاصة نحو الأعلى، فإن العجز المالي كان سيعمل على تخفيض معدلات الفائدة ويفضي إلى طفرة في الاستثمار، ولكن في معظم أنحاء العالم الغني كانت معدلات الفائدة متدنية في الأساس وكانت المشكلة تكمن في الادخار المفرط.

والأكثر من ذلك أن المضاعف، بحسب تأكيدات أنصار كينز، كان أعلى بدرجة كبيرة خلال فترات الانكماش البغيضة منه في أوقات أخرى. ويشير بحث أجراه لورانس كريستيانو ومارتن إيخنبوم وسيرجيو ريبيلو من جامعة "نورثويسترن" إلى أن معدلات الفائدة عندما تقارب نقطة الصفر قد يكون المضاعف عند أكثر من 2 نظراً لأن الناس يشعرون بحافز أكبر من المعتاد للتوجه نحو الإنفاق وليس إلى الادخار. كما أن الأزمة المالية ترفع أيضاً المضاعف، وفقاً لدراسات أخرى، ويرى لاري سامرز، وهو مهندس خطة التحفيز التي أطلقها الرئيس أوباما، وبراد دي لونغ من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، أنه في ضوء تكلفة البطالة الطويلة فإن التحفيز خلال فترة ركود طويل قد يغطي تكلفته.

أخطاء في التحليل

وقد بدأ الوقت يوفر لنا أحكاماً على ذلك، ففي وقت مبكر من السنة الماضية لاحظت دراسة من "ماكنزي" أن خفض معدل الديون إلى الأصول في الولايات المتحدة تقدم بسرعة أكبر من الوتيرة التي شهدتها بريطانيا وأوروبا. وفي السنة الماضية نشر صندوق النقد الدولي تحليلاً حول توقعاته الاقتصادية أظهر أيضاً أن التقشف أعاق النمو بقدر يفوق كثيراً ما كان متوقعاً، وخلص صندوق النقد الدولي إلى نتيجة مفادها أنه كلما كانت التخفيضات التي خططت الحكومة لها أكبر هبطت توقعات النمو. كما أن المضاعف على خفض الإنفاق ربما وصل إلى مثلي ما كان الباحثون يفترضونه في الأصل، وقد خفض التقشف في إسبانيا العجز الهيكلي الحكومي بأكثر من نقطتين مئويتين في الفترة ما بين عامي 2011 و2012- غير أن الخفض ساعد على دفع الاقتصاد نحو الركود وارتفع الاقتراض الحكومي الصافي في واقع الأمر.

في شهر أبريل الماضي قوض بحث من جامعة ماساشوستس النتيجة التي توصل إليها رينهارت- روغوف بأن النمو يتباطأ بحدة عندما يبلغ الدين 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتبين أن خطأ في التحليل وخيارات غير مؤكدة في المعلومات قد أسهمت في تعزيز تلك النتيجة، ولا يوجد إجماع بين الاقتصاديين في ما يتعلق بالمستوى الذي يضر الدين فيه بالنمو، أو ما إذا كان من الممكن حتى تأكيد مثل تلك القاعدة.

وعلى أي حال فإن ذلك لا يعني أن تعاظم الدين العام لا يستدعي القلق، ويشير بحث جديد إلى أن الحكومات ذات المديونيات الأقل يحتمل أن تلجأ بقدر أكبر الى عمليات التحفيز بغية تعزيز النمو الاقتصادي لأنها تشعر بقدرتها على القيام بمثل تلك الخطوة. ويبلغ إجمالي ديون الحكومة اليابانية الآن 245 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن في مرحلة ما قد يفضي العجز المالي الزائد إلى أزمة ديون، كما أن القلق من عدم قدرة الدولة على سداد جميع ديونها سوف يدفع الجهات الدائنة إلى طلب معدلات فائدة أعلى ما يتسبب في تراكم المتاعب المالية لتلك الدولة.

تحول سوق السندات

سوف يتوقف التحول في سوق السندات على عدد من العوامل، والدول التي ينظر إليها بوصفها ملاذاً آمناً- مثل أميركا وسويسرا- تتمتع بقدر أكبر من حرية العمل ونطاقاته: وتميل حالات الفوران الاقتصادي إلى خفض تكلفة الاقتراض لديها وليس إلى زيادتها. ومن العوامل المساعدة أن معظم الدائنين من المحليين أيضاً كما هي الحال في اليابان، نظراً لأن المدفوعات المقدمة لهم سوف تحسن الاقتصاد الداخلي وتعزز من أدائه.

ومن المرجح بقدر أكبر أن يسود الهلع عندما يتم تحديد الديون بعملة لا تستطيع الحكومة السيطرة عليها لأن البنك المركزي لا يستطيع عندئذ التصرف مثل مقرض الملاذ الأخير. وقد ضاعف عدم اليقين بشأن مدى قدرة البنك المركزي الأوروبي على القيام بذلك الدور، على سبيل المثال، من أزمة منطقة اليورو. وقد تسهم مشتريات السندات الحكومية إذا وصلت إلى حدودها القصوى في تصاعد حدة المخاوف بشأن التضخم، ويمكن أن يفضي ذلك، بدوره، إلى زيادة في تكلفة الاقتراض حيث تطلب الجهات الدائنة علاوة مخصصة لمواجهة مخاطر التضخم. ومع ذلك فقد كانت الاقتصادات خلال الأزمة ضعيفة إلى درجة أثبتت أن مشتريات البنوك المركزية من السندات الحكومية مطمئنة وليست مقلقة بالنسبة إلى المستثمرين، ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى خفض مخاطر حدوث حالات الهلع في الأسواق والتخلف عن السداد.

وقد يكون يوم الحساب أكثر قرباً مما يبدو عليه... فالبنوك الفاشلة يمكنها بسرعة القيام بتغيير تصنيفها لأعباء الدين من معتدلة إلى معدومة. وقبل الأزمة المالية تضخمت أصول البنوك التجارية الأيرلندية إلى أكثر من 600 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما قفزت ديون أيرلندا من 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2007 إلى 117 في المئة في 2012 ويرجع ذلك في الأغلب إلى تولي الحكومة وضمانها لديون البنوك بعد اندلاع الأزمة.

التخفيضات القاسية

باختصار لا يزال التقشف يحتفظ بموقعه كأداة لمواجهة الأزمة، لكن أي نوع من التقشف؟ وبينما ينصح بعض الاقتصاديين بإجراء خفض في الانفاق، يشير بحث آخر إلى أن زيادة الضرائب يمكن أن تنجح أيضاً. وللأسلوبين ثمنهما؛ لأن فرض ضرائب على الأجور يمكن أن يشوه أسواق العمل، ويمكن للضرائب الاستهلاكية أن تؤدي إلى تضخم يستدعي سياسة نقدية مضادة، غير أن خفض الإنفاق ليس من القرارات التي تحظى بقبول شعبي بقدر أكبر ويمكن أن يؤدي إلى زيادة التفاوت في الدخول.

تركت تجربة السنوات القليلة الماضية هامشاً أقل للجدل إزاء التوقيت، ومعروف بشكل مثالي أن زمن التحول إلى التقشف هو عندما يستطيع الاقتصاد تحمل تلك الخطوة. وليس لدى كل الحكومات رفاهية ذلك الإجراء طبعاً: واليونان، على سبيل المثال، لم تكن قادرة على تأجيل التخفيضات القاسية لأنه لم يعد في استطاعتها اقتراض أموال كافية لتغطية عجزها. والدول التي تتمتع بمساحة أكبر من الحرية يجب أن تسعى إلى استقرار ديونها في الأجل الطويل- كما ينصح صندوق النقد الدولي- من خلال وضع خطط لخفض عجزها المالي، وكلما كانت الخطط موثوقة كان لدى الدول فرصة للخروج من المأزق، وكما يقول أنصار الفكر الكينزي فإن الوقت الملائم للتقشف يكون أثناء الطفرات وليس أثناء فترات الإخفاق والأزمات.